10 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد الخليجي عام 2019

30 ديسمبر 2018

دول الخليج مدعوة لمواصلة الإصلاحات تحدثنا في مقال سابق عن التوقعات الاقتصادية العالمية للعام 2019، ونستكمله بالحديث عن الاقتصادات الخليجية في العام الجديد، اللافت في توقعات صندوق النقد الدولي لأداء هذه الاقتصادات أنه ذكر أن ارتفاع أسعار النفط سوف يسمح للاقتصادات الخليجية بتحقيق نمو بنسبة 2.4% في 2018 و3% في 2019، لكنه شدد على أن آفاق النمو للدول المصدّرة للنفط تتأثّر بالشكوك الكبيرة حيال مسار أسعار النفط في المستقبل.هذا التخوف من مسار أسعار النفط يعززه تقرير نشره موقع «بيتروليوم إيكونوميست» البريطاني المتخصص بقضايا النفط، الذي أوضح أن المخاوف تراجعت بشأن نقص الإمدادات النفطية العالمية، حيث منحت الولايات المتحدة إعفاءات لثماني دول تسمح لها بمواصلة شراء النفط من إيران التي فرضت عقوبات عليها، وحث الرئيس ترامب دول منظمة أوبك على إنتاج المزيد من النفط، إضافة إلى عامل آخر هو ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى 11.6 مليون برميل في اليوم. وربما تضاف عوامل أخرى مثل الانفراجات السياسية لبعض الأزمات العربية الإقليمية وتراجع معدلات النمو الاقتصادي في أوروبا والصين عام 2019. جميع هذه العوامل دفعت «كابيتال إيكونوميكس» بالتوقع أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط من المرجح أن يستمر أكثر، حتى أنه يوحي بأن سعر نفط برنت سينخفض ​​إلى 60 دولاراً أمريكياً في 2019 و55 دولاراً بحلول نهاية عام 2020. وهذا سوف يعني أن الانتعاش الاقتصادي في دول الخليج العربي سوف يصل إلى ذروته في منتصف عام 2019. وتتفق توقعات البنك الدولي مع توقعات الصندوق في تحسن النمو الاقتصادي عام 2019 خصوصا بعد أن طبقت هذه الدول العديد من الإصلاحات البارزة في الأعوام الأخيرة، منها إلغاء نظم الدعم المعمم باهظة التكلفة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتوفير بيئة مواتية لأنشطة الأعمال وإصلاحات سوق العمل، ولكن من الضروري أن تواصل دول مجلس التعاون الخليجي السير في هذا الطريق لأسباب ليس أقلها أن أي تراجع في زخم الإصلاحات قد يعوق قدرة هذه الدول على اجتذاب الاستثمارات طويلة الأجل، وهي ذات أهمية بالغة لجهود تنويع النشاط الاقتصادي. ويُركِّز تقرير المرصد الاقتصادي لمنطقة الخليج التابع للبنك الدولي على النظر إلى الإصلاحات الاقتصادية الخليجية من منظور أربعة مجالات رئيسية يلزم تحقيق مزيد من التقدم فيها. فعلى صعيد المالية العامة، لم تبحث دول مجلس التعاون الخليجي بشكل منهجي بعد إجراء إصلاحات فاتورة الأجور والتوظيف في القطاع العام كإستراتيجية للحفاظ على استدامة المالية العامة على الأمد الأطول ولتحسين مستويات تقديم الخدمات، وينبغي على الحكومات أيضا ملاحظة أن تحسين الإنفاق لا زيادته سيكون على الأرجح العامل الرئيسي لتحقيق تحسن في الإنتاجية نتيجةً للإنفاق على البنية التحتية. ومن الضروري إجراء إصلاحات لبيئة الأعمال وسوق العمل لزيادة الاستثمارات الخاصة، وتعزيز جهود خلق فرص العمل، وضمان أن يكتسب مواطنو دول الخليج المهارات التي يتطلَّبها القطاع الخاص. لكن دول مجلس التعاون الخليجي في نهاية المطاف ليست جزرا معزولة عن العالم. وأكثر ما يستنزف جهود وموارد هذه الدول هو التوترات الجيوسياسية الإقليمية وابتزاز القوى الكبرى لها بسبب هذه التوترات، إلى جانب النزاعات التجارية العالمية، وتقلُّب الأسواق العالمية التي قد تؤدي جميعها إلى إضعاف الطلب العالمي والتجارة وقد تؤدي إلى تراجع أسعار النفط. ومثل هذه التحديات تتطلب استعادة التكاتف والتلاحم بين دول التعاون وأبنائها ومواصلة البناء على ما تحقق من خطوات للتكامل الاقتصادي الذي يعزز مكانتها وقوتها في مواجهة تلك التحديات.