27 أكتوبر 2025

تسجيل

مخافة الله بالغيب

30 ديسمبر 2015

قرأت آيات من سورة المائدة فاستوقفني الفكر فيها عند قوله تعالى " لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ" إن مخافة اللّه بالغيب هي قاعدة هذه العقيدة في ضمير المسلم ، القاعدة الصلبة التي يقوم عليها بناء العقيدة، وبناء السلوك، وتناط بها أمانة الخلافة في الأرض بمنهج اللّه القويم.إن الناس لا يرون اللّه ولكنهم يجدونه في نفوسهم حين يؤمنون ، إنه تعالى بالنسبة لهم غيب، ولكن قلوبهم تعرفه بالغيب وتخافه. إن استقرار هذه الحقيقة الهائلة - حقيقة الإيمان باللّه بالغيب ومخافته - والاستغناء عن رؤية الحس والمشاهدة والشعور بهذا الغيب شعورا يوازي الشهادة، شهادة: بأن لا إله إلا اللّه. وهو لم ير اللّه سبحانه.نعم إن استقرار هذه الحقيقة على هذا النحو يعبر عن نقلة ضخمة في ارتقاء الكائن البشري، وانطلاق طاقاته الفطرية، واستخدام أجهزته في تكوينه الفطري على الوجه الأكمل ، وابتعاده عن عالم البهيمة التي لا تعرف الغيب - بالمستوى الذي تهيأ له الإنسان. وها نحن اليوم تتوالى علينا الابتلاءات، فمنا من ينجح ومنا من يسقط ، يا ترى: كيف نحن مع ما حرم الله سبحانه علينا؟ هل نخافه بالغيب؟ هل نحس ونعيش معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) إنه الإيمان الغيبي الذي مدح الله به المؤمنين المفلحين.منذ سنوات قليلة مضت كان الحصول على الصُّوَر والمقاطع المحرمة صعبا نوعاً مـا ، أمَّا الآن فبلمسةٍ خفيفةٍ على شاشة الجوال أو بضغطة زر على الحاسب الآلي تشاهد هذا حتى من دون برامج ومن هنا يأتي التذكير بقوله تعالى ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ . وفي هذا المعنى يقول العلماء "خوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب أعظم من الذنب إذا فعلته" .. عن الخوف من الذنب يقول أحدهم " سمعتُ خشخشةً في الباب، فبلغ قلبي حنجرتي، وانقطع نفَسي، فأغلقت جهازي، وفتحت الباب؛ فوجدتها هرّة "! هذا زمانٌ الوصول فيه إلى الحرام أسهل من غيره ، ان امتلاك جيل اليوم من اليافعين والشباب أجهزة الهواتف الذكية المتاح فيها كل شيء نافع وضار دون رقيب أو حسيب هو ما يفسر انه ليس بين الشخص وبين ما يُوصَلُ إليه من خِزيٍ في هاتفه الذكيِّ إلا جدار "مراقبة الله" فمن هدم الجدار فقد تجرَّأ وما أقبح الجرأة على الله ، فلا تكن ولياً لله في الظاهر عدواً لله في الباطن. هذا زمانٌ القرب فيه من الله بترك الحرام أعظم من غيره ، وهذه الجوالات مثل الصناديق إما: حسنات جارية أو سيئات جارية فضع فيها ما تشاء ان تجده في صحيفتك يوم القيامة ، يا شباب الأمة خذوا حذركم من ذنوب الخلوات وخاصة مع الجوالات والكمبيوتر والتلفاز عند غياب الأهل والناس ، عليكم بعبادة السر فإنك تقي بها النفس من نوازع الشهوات. اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معصيتك ، اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلانية وسلامتكم