18 سبتمبر 2025

تسجيل

التضييق على فلسطينيي 48!

30 ديسمبر 2011

يلاحظ في السنوات الأخيرة أن إسرائيل وبوتائر متسارعة تعمل على التضييق الذي يصل حدود الخنق على أهلنا في منطقة 48. هذا لا يعني بأن التضييق عليهم لم يمارس قبلاً، فالدولة الصهيونية ومنذ إنشائها تضع فلسطينيي 48 على رأس أجندتها وأولوياتها، كان ذلك من خلال الحكم العسكري وتداعياته، إضافة إلى كل ممارسات التمييز العنصري ضدهم، لكن، فإن هذا لا ينفي مثلما قلنا. التسارع الملموس في المضايقات، خاصة في شكل متوازٍ مع التسارع الإسرائيلي في طرح شعار (يهودية دولة إسرائيل). مناسبة القول: ما طرحته الصحف الإسرائيلية في أواسط ديسمبر 2010، من أن اجتماعاً مهماً عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية المختلفة، وكان عنوانه وقضيته الأساسية: الوضع الأمني لفلسطينيي 48 في إسرائيل. النائب الفلسطيني في الكنيست. عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، طرح استجواباً في الكنيست لنتنياهو عن خلفيات وأهداف هذا الاجتماع. نتنياهو تهرّب من الرد مباشرة على الاستجواب، وبعث بوزير البيئة غلعان أردان ليدلي برده. جواب الوزير الإسرائيلي حاول هو أيضاً التهرب مباشرة من الرد بالقول: (لم ينشغل الاجتماع في قضايا أمنية بالذات. وإنما شمل قضايا اجتماعية وقضايا أخرى، وتم الطلب من الشاباك أن يطرح وجهة نظره حولها). أشار بركة في معرض تعليقه على رد الوزير قائلاً (لقد قرأنا في التقرير الصحفي الذي صدر عن الاجتماع: إلى أنه بحث ما يسمى بالتطرف بين المواطنين العرب، بينما نحن نرى التطرف هو في الحكومة الإسرائيلية، وفي سياستها تجاه العرب). الوزير الإسرائيلي اعترف ضمنياً بأن الاجتماع بحث في القضايا الأمنية لفلسطينيي 48. غني عن القول أيضاً: أن الخطر الديموغرافي العربي على الدولة الإسرائيلية جرى تناوله في المؤتمرات الإستراتيجية الإسرائيلية التي تعقد في هرتزيليا سنوياً منذ أوائل التسعينيات تحت عنوان دائم: تحقيق المناعة والأمن الإستراتيجي لإسرائيل. المؤتمرات في كل دوراتها منذ الأول وحتى الأخير، تناولت الموضوع باعتباره (خطراً ديموغرافياً)، هكذا أسمته، وخلصت في النتيجة إلى وسائل عديدة للتخلص من هذه الخطر، تتمثل في: المزيد من هجرة اليهود في العالم إلى إسرائيل، تشجيع تعدد الأطفال للعائلات الإسرائيلية، التخلص من الكثافة السكانية العربية بمبادلة مناطق هذه الكثافة مع أراضٍ في السلطة الفلسطينية. هذه هي الوسائل التي أعلنتها مؤتمرات هرتزيليا والتي تقدم توصيات إستراتيجية للحكومة الإسرائيلية، والتي غالباً ما تأخذ بها، أما الوسائل السرية التي لم يجر الإعلان عنها، وبدأت إسرائيل في تطبيقها فتتلخص فيما يلي: ممارسة المزيد من التضييق والخنق على سكان إسرائيل العرب لخلق واقع سياسي، اقتصادي، اجتماعي يجبر الكثيرين منهم خاصة الشباب على الهجرة من إسرائيل. بالفعل قامت الحكومة الإسرائيلية لتطبيق هذا الشعار، بالعديد من الخطوات، أبرزها: تقديم مشاريع القوانين العنصرية إلى الكنيست، والعمل على إقرارها. وبالفعل جرى إقرار هذه القوانين التي تتعلق بــ: أولاً قانون المواطنة، ثانياً قانون النكبة، ثالثاً قانون منع التحريض، رابعاً قانون الفصل العنصري، والحبل على الجرار: قانون خدمة العلم وغيره. أما التضييق بالمعنى الاقتصادي فيهدف إلى خلق وقائع اقتصادية صعبة لفلسطينيي 48، تدفع بالكثيرين منهم لمغادرة إسرائيل طوعاً، تطبيقات هذه الوسيلة يجري تحقيقها من خلال سياسات التمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد العرب: في العمل، التعليم، الحقوق السياسية، قانون حق العودة، الحقوق في الأرض والسكن، الحقوق الثقافية واللغوية، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، حقوق المرأة... إلخ. ووفقاً لتقارير مركز العدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) فإن ما يزيد على 20 قانوناً مميزاً ضد المواطنين العرب، توجد في إسرائيل من بينها :17 قانوناً هي مميزة بشكل مباشر وصريح، فهي إما تتعلق بحقوق المواطنين اليهود فقط، أو أنها تحد من حقوق المواطنين العرب، أما القوانين الثلاثة الباقية، فرغم لغتها المعتدلة ونصها المحايد، فإن مدلولها مجحف ومميز ضد الفلسطينيين. ما لم تقله مؤتمرات هرتزيليا صراحة، هو إجراء ترانسفير لأهلنا في منطقة 48، وهذا ما تدعو إليه الأحزاب اليمينية الفاشية في إسرائيل، والتي إذا ما زادت تأثيراتها السياسية على الحكومات الإسرائيلية المقبلة (نقول عن تأثيرات هذه الأحزاب، نظراً لتزايد حجم مقاعدها في الكنيست في المقارنة بين الانتخابات التشريعية والأخرى، وهي أيضاً أصبحت بيضة القبان لنجاح أي ائتلاف حكومي) بتحقيق المزيد من المقاعد في الكنيست، فلن يكون مستغرباً على إسرائيل، اختراع وسائل جديدة تتخذ صفة المباشرة في ممارسة الترانسفير لفلسطينيي 48. بالتالي، من كل ما سبق تتضح حقيقة الأهداف الإسرائيلية من التضييق على فلسطينيي منطقة 48، لإنشاء الدولة اليهودية النقية والخالية من الأقلية العربية. تعبيرات كثيرة توجد في بعض الكتابات الإسرائيلية على هذا الصعيد منها: أن الدول العربية أولى بالفلسطينيين من إسرائيل، كذلك هي أراضي السلطة الفلسطينية، وأن الوطن البديل للفلسطينيين هو الأردن.... إلى آخر هذه الأطروحات العنصرية. والتي إن عبّرت عن شيء فإنما عن حقيقة الخطر الإسرائيلي الصهيوني ليس على الفلسطينيين فحسب. وإنما على أبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وعلى الدول العربية كافة وبلا استثناء. ولذلك فإن إسرائيل تعمل بقوة من أجل تفكيك وتفتيت الدولة القطرية العربية، لأن وجود مثل هذه الدويلات هي عامل مساعد وأساس في تخلص الدولة الصهيونية من سكانها العرب.