18 سبتمبر 2025
تسجيلشاركت قبل فترة في برنامج (قضايا ساخنة) الذي يبث من إذاعة قطر، بدعوة من الزميل النشط عبدالعزيز السيد، وكان موضوع الحلقة عن تهديد اللهجات المحلية للغة العربية الفصحى، وفعلاً كان الموضوع ساخناً، كون آراء المتداخلين قد أجمعت على أن اللهجات المحلية تهدد إتقان العربي للغته الفصحى، وأن "استشراس" اللهجات في تزايد، حيث وصل الأمر – كما ذكرت – إلى دبلجة المسلسلات والأفلام الهندية إلى لهجة أهل لبنان والشام، وليس دبلجتها إلى العربية الفصحى، حيث يستوعبها كل العرب. وبرأينا أن لذلك التراجع في اللغة الفصحى والتقدم في اللهجات شواهد عدة، منها:1- دور المعلم والكتاب: إذ مع التطور التكنولوجي وارتباط الطالب بالهاتف ومخرجات التكنولوجيا الأخرى، كان لابد من البحث عن وسائل (Mediums) جديدة لها قبول عند الطالب، بدلاً من "إرهابه" بالحفظ الطويل وغزارة المنهج. وكان لابد من تدريس النحو – على سبيل المثال- بيسر وسهولة وبكمية قليلة لا تُثقل على الطالب وتجعله ينفر من المادة. إذ لو بقي المدرس لأسبوعين يدرب الطلبة – تدريباً عملياً – على (كان وأخواتها) مثلاً، ويستخدم معهم التكنولوجيا الحديثة، ويدعهم يتشاركون في (جماعات إلكترونية) بتبادل نصوص أو شواهد لإعراب (كان وأخواتها) لكان ذلك أجدى من الشرح الطويل "الممل" على السبورة أو اللوحة الإلكترونية. كما أن الكتاب نفسه، يجب أن يكون بسيطاً وميسراً، ويأخذ في الاعتبار الظروف التي استجدت على حياة الطالب مقارنة بطلاب الخمسينيات أو الستينيات! ويمكن اللجوء إلى الشعر العربي أو الأغاني التي أنتجت عبر استخدام الشعر العربي بالفصحى، وهي ترسخ في عقل الطالب أكثر من ترديد قاعدة (كان وأخواتها).2- محدودية تدريس اللغة العربية في بعض المدارس الخاصة، وللأسف يوجد من بين أولياء الأمور – كما تم نشره قبل فترة – من يحبذ ويصر أن يكون تدريس أبنائه باللغة الإنجليزية، وهذا بحد ذاته شاهد على أن للأسرة دوراً مهماً في الحفاظ على تمكين الأبناء من اللغة العربية، وأن نبوغ الطالب أو تمكنه من اللغة الإنجليزية ليس دليل نجاح، إن لم يتقن لغته الأصلية ويتمكن منها.3- بعض، ولربما، أكثر الشباب لا يقرأ، مقارنة بشباب الخمسينيات والستينيات، الذين لم يكن لديهم ما يحول بينهم وبين القراءة. أما شباب اليوم – في البلاد الغنية – فلا وقت لديهم للقراءة، ولا يتهادون الكتب، بل نجدهم يتابعون ثقافة الاستهلاك: آخر أخبار موديلات السيارات، آخر موديلات الموبايلات، آخر الموضات! أما شباب البلدان الفقيرة فهم مهمومون بالأوضاع الاقتصادية المتردية، يرددون شعارات سياسية وتسود إعلامهم حالات خروج عن التقاليد المهنية، بكل ما في ذلك من كذب وتزوير وإشغال المواطنين بواقع افتراضي، ولربما طاردهم البوليس إن زاد "عيار" تذمرهم! فكيف لهم أن يتقنوا أو يهتموا باللغة الفصحى. لذلك، تم هجر اللغة الفصحى لعدم توفر فرص القراءة والانكباب على المقاهي وتبادل النكات أو المقاطع عبر أدوات التواصل الاجتماعي بغير اللغة الفصحى.