16 سبتمبر 2025
تسجيلمازلنا نتابع في حديثنا عن مظاهر التخلف في عالمنا العربي والإسلامي وهذا هو توصيف الداء لنعرف المرض قبل أن نحتكم إلى الدواء،، وسنتاول في هذه المقالة مظاهر التخلف الإداري والإعلامي في عالمنا. التخلّف في طرق الإدارة تأملت الكثير من المشكلات التي تعاني منها أمتنا، فوجدت أنها بسبب مشكلة في الإدارة، وطرق الإدارة، ففي قطاع الصحة مثلاً يتخرج أطباؤنا بأعلى الدرجات والمستويات، وتمتلك قطاعاتنا الصحية أحدث الأجهزة والتقنيات، ومع ذلك لدنيا كم هائل من المشكلات، أسبابها إدارية محضة، وقِس على قطاع الصحة باقي قطاعات الخدمات في العالم العربي. الهدف هو رفع الكفاءة الهدف الذي نطمح إليه من خلال الحديث عن الإدارة هو رفع الكفاءة، والكفاءة تعني: زيادة الإنتاج مع تخفيف الجهد والوقت والتكلفة. مثال: لو كنت تملك مصنعاً يعمل فيه (100) موظف، وينتج في اليوم الواحد (1000) منتج، والمنتج الواحد يكلفك (10) دنانير، فإذا استطعت أن تزيد من حجم الإنتاج إلى (1500) مثلاً، وتقلل عدد الموظفين إلى (70) مثلاً، وتخفض عدد الساعات، وتقلل سعر التكلفة إلى (8) مثلاً، فإنك بذلك تكون رفعت من الكفاءة. الإدارة الفعّالة نستطيع القضاء على التخلف الإداري باستعمال طرق الإدارة الفعالة، والتي منها: - طرق اتخاذ القرار: هناك طرق عادية غير مجدية في اتخاذ القرار، وهناك طرق فعّالة لاتخاذ القرار، مثل (Fishbone) عظمة السمكة، (Matrix) المصفوفة، (Decision tree ) شجرة القرارات، وغيرها. - إدارة الاجتماعات: المدير الناجح هو الذي يعرف كيف يدير اجتماعاته بفاعلية كبيرة، وأغلب الطرق التي تدار بها الاجتماعات تعتبر عادية، حيث يدخل المدير إلى قاعة الاجتماعات، التي سبقه إليها الموظفون، وتم تجهيز جدول أعمال الجلسة، يتناول المدير البند الأول على محضر الجلسة، يتم التشاور حوله وسماع بعض الاقتراحات، ويتم اتخاذ القرار إما بالتصويت أو الإجماع، أو يتم تأجيل البت في القرار لحين توفر معلومات ودراسات أكثر، ثم يتناول البند الثاني والثالث بنفس الطريقة. هذه الطريقة تسمى الطريقة العادية في إدارة الاجتماعات، وهي من أفشل طرق إدارة الاجتماعات، وأقلها إنتاجية وفاعلية. - المجموعة الشكلية ولعل طريقة المجموعة الشكلية (Norminal group) في العديد من الحالات وليس جميعها، هي أفضل الطرق للوصول إلى أفضل القرارات بأقصر وقت ممكن، وأنا شخصياً غالباً ما أدير اجتماعاتي مستخدما هذه الطريقة، لأنها تنتج في ربع الوقت ما تنتجه الاجتماعات التي تُدار بالطريقة العادية. ولقد شرحت طريقة المجموعة الشكلية في ألبومي الصوتي الذي يتحدث عن إدارة الوقت. - إدارة فريق العمل: تعتبر الطريقة الصحيحة التي يدار بها فريق العمل من الطرق الفعالة في القضاء على التخلف الإداري، هناك طرق عادية لإدارة فريق العمل، وغالباً ما تكون محدودة النتائج، وهناك طرق متخلفة لم تعد تجدي نفعاً، وهناك طرق حديثة ومتقدمة، أزعم أن غالبية المدراء لم يطلعوا عليها، وإن اطلعوا لم يطبقوها بفاعلية. - الهيكل الإداري: الهياكل الإدارية جزء من مشكلة التخلف الإداري، وسبب يؤدي إليه، وأغلب القطاعات الإدارية تستخدم طريقة الهرم، حيث المدير في قمة الهرم، يتبعه عدد من المساعدين والنواب، وكل نائب أو مساعد يشرف على عدد من القطاعات، وكل قطاع يتبع له عدد من الأقسام، ولكل قسم مسؤول يشرف على عدد من الموظفين وهكذا، كلما نزلنا اتسعت قاعدة الهرم. ولقد أثبتت التجارب أن الهرم هو أسوأ أشكال الهياكل الإدارية، وغالبية من يستعملون طريقة الهرم، يجهلون وجود بطرق جديدة أكثر فاعلية وكفاءة. التخلّف في الإعلام من يتابع التلفاز يلحظ بوضوح ظاهرة الانفجار الفضائي، وأعني بها كثرة القنوات الفضائية، خاصة القنوات ذات الطابع الديني، وهي قنوات يؤجر القائمون عليها، ونسأل الله تعالى أن تكون في صالح أعمالهم يوم القيامة، لكن لي ملاحظة ووجهة نظرة، وهي أن غالبية هذه القنوات أنشأت بحسن نية، والرغبة في نشر الخير، لكن ومن خلال التجربة لا تكفي النية الحسنة لنقل التأثير للمجتمع، لأن الإعلام مهنة وصنعة، من يتقنها يستطيع أن يؤثر في الآخرين، فنحن نبحث عن الإعلام الهادف والمؤثر والفعال. خماسية الإعلام الهادف الإعلام الهادف والمؤثر والفعال لديه إجابات واضحة عن الأسئلة التالية: (1) ماذا سنحقق من وظائف الإعلام ؟ لأن للإعلام وظائف ومهاماً مثل: الترفيه- التوجيه- التعليم - التنوير- الإخبار- التحريض - التعبئة وغيرها من الوظائف، فالقناة الفضائية ينبغي أن تركز على الوظيفة التي أنشأت من أجلها. (2) ما هو الهدف؟ بناء على الوظيفة ستتحدد الأهداف، فمثلاً إذا أنشأنا قناة دينية، فلا بد أن يكون هدفها الرئيسي هو تغيير الإنسان، لذا يجب أن يكون الخطاب موجهاً بالدرجة الأولى للإنسان، ولن تستطيع تغيير الإنسان إلا إذا غيّرنا فيه خمسة أمور رئيسية: - الفكر والقناعات - الاهتمامات - المهارات - العلاقات - القدوات (3) ما مدى فاعلية إعلامنا في الصراع العربي " الإسرائيلي " ؟ وهذا سيقاس بمدى وعي العالم ومعرفته بقضيتنا المركزية، قضية فلسطين الحبيبة، فمن يذهب إلى أمريكا وإلى أوروبا لا يجد تأثيراً لإعلامنا على مواطني ورعايا تلك الدول، لأن أغلب خطابات الفضائيات العربية موجه للعرب وليس لهؤلاء. (4) ما مدى معرفة الغرب بالإسلام ؟ وهذا سيقاس بمدى وعي العالم ومعرفته بدين الإسلام العظيم، فالإحصائيات تذكر أن (10%) هي نسبة غير المسلمين الذين سمعوا عن الإسلام من إسلامية ( فرد أو مؤسسة )، وتشير الإحصائيات كذلك إلى أن (2%) فقط سمعوا عن الإسلام بطريقة صحيحة، والباقي سمعوا عن الإسلام من غير المسلمين، وهذا يدلّ على التقصير الواضح في الإعلام الدعوي، أو في الاستثمار الأمثل للإعلام في الدعوة إلى الله تعالى. الإعجاز العلمي ولنأخذ مثلاً الجهود التي تبذل لبيان قضايا الإعجاز العلمي، نجد أن الخطاب والحديث موجه للمسلمين، فالبرامج والبحوث والدراسات والحوارات وغيرها ..باللغة العربية ، مع أن هدف الإعجاز العلمي بالدرجة الأولى هو هداية الناس، وأن نقول لغير المسلمين: إن قرآننا يشير إلى حقائق علمية تم اكتشافها حديثاً، وهذا يدلّ على أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، ومعجزة خالدة، وأن محمداً نبي مرسل من عند الله جلّ وعلا. (5) ما مدى تحقيق المعادلة الإعلامية الصعبة والمعادلة الإعلامية الصعبة تقول: إن الإعلام الفعال هو الذي يجمع بين الترفيه العالي والقيم العالية، وبناء على هذه المعادلة تنقسم القنوات إلى ثلاثة أقسام: قنوات ضعيفة القيم وضعيفة الترفيه: وتمثل اللون الأحمر من الشكل المجاور، ومعظم القنوات الحكومية هي من هذا النوع. 1. قنوات ذات ترفيه عالٍ، لكن القيم فيها ضعيفة، والتي يمثلها أقصى يسار المنطقة الخضراء من الشكل، وأغلبية هذا القنوات تكون مهتمة بجمع المال بالدرجة الأولى، ولا تلفت إلى نوعية البرامج التي تقدمها، أهي حلال أم حرام، تنشر الفضيلة أو الرذيلة. 2. قنوات ذات قيم عالية، لكن الترفيه فيها ضعيف، وغالبية القنوات الدينية تقع ضمن هذا النوع، حيث القيم العالية لكن مع ضعف ملحوظ في الترفيه، والتي في أقصى يمين المنطقة الخضراء 3. قنوات ذات ترفيهٍ عالٍ وقيمٍ عالية، والتي تمثلها المنطقة الزرقاء من الشكل، وهذا ما نبحث عنه ونريده، ونسعى للوصول إليه، لأنه الوحيد الذي سيحقق التأثير والتغيير، وتكاد تخلو هذه المنطقة من أية قناة تجمع بين العالي والقيم العالية.