01 نوفمبر 2025
تسجيلإن الحياة الزوجية تتعرض في أغلب الأحيان إلى مصاعب ومتاعب قد تؤدي إلى فهم عرى الحياة الزوجية والتسبب في إيجاد أجيال من الأطفال المصابين بالعقد النفسية والتوترات العصبية التي نتجت بالضرورة عن انفصام العلاقات الزوجية فالطلاق ظاهرة اجتماعية قديمة حيث كان الزواج يمثل عقدا مؤقتا.وقد اختلفت الأسباب الداعية للطلاق عبر العصور فقد أوجب النظام الصيني الطلاق في حالات العقم والخيانة وعدم انسحاب المزاج أو عدم احترام أحد الزوجين لأقارب الآخر وقد اجتمعت معظم الشرائع على اعتبار العقم والزنا ذريعتين قويتين للطلاق ويلاحظ بعض علماء الاجتماع العرب أن حجم الأسرة والدين يلعبان دورا كبيرا في معدل الطلاق حينما يفهم على أنه لعبة يلهو بها الرجل وأن الحياة الزوجية لا قداسة ولا احترام لها فيخرج الطلاق عن الغرض الذي أباحه البارئ عز وجل واعتبره أبغض ما أحل لعباده فالله عز وجل يريد للحياة الزوجية دوما واستقرارا ولكن بشرط أن يكون ذلك محققا لقدر من السعادة تسير الأسرة في ركابه لكن عندما يعني استمرار من السعادة الزوجية تدميرا لسعادتها وعندما تنقطع كل رابطة مقدسة وتنحل بالخيانة وغيرها أو عندما لا يصل الأمر إلى حد الخيانة وتستنفد كل الإصلاحات يصير أبغض ما أحل الله البغيض أيضا وهو الطلاق.قال فولتير الكاتب الفرنسي الشهير على طريقته من الفكاهة المعروفة في كثيرا من مؤلفاته(أن الطلاق وجد في العالم مع الزواج في زمن واحد تقريبا،غير إنني أظن أن الزواج أقدم ببضعة أسابيع،بمعنى أن الرجل ناقش زوجته بعد أسبوعين من الزواج،ثم ضربها بعد ثلاثة،ثم فارقها بعد ستة أسابيع؟!) وقد أراد بذلك أن يقول: إن الطلاق قديم في العالم،وأنه يكاد أن يكون من الأعراض الملازمة للزواج،وهو حق لا يرتاب فيه. فقد دل تاريخ الأمم على أن الطلاق كان مشروعا عند اليهود والفرس والرومان،وأنه لا يمنع إلا في الديانة المسيحية بعد مضي زمن من نشأتها،ولا يزال اثر ذلك المنع باقيا حتى الآن في شرائع الأمم الغربية التي وضعت الزواج على قاعدة أنه عقد لا يحل ألا بالموت أحد الزوجين وهذا إفراط في احترام هذا العقد ومغالاة إلى حد يصعب أن يتفق مع راحة الإنسان..وفي دراساته بجامعة نيويورك أثبت "د.إلياس بانياس" بروفسور علم الاجتماع أن معدل الطلاق بين أفراد الجالية العربية في شمال أمريكا في ازدياد مستمر بلغت نسبته 31%؛ حيث سجلت ولاية كاليفورنيا أعلى معدل وهو 37%، تليها نيويورك، ثم أونتاريو، ثم تكساس التي ازدادت بها حالات الطلاق بمعدل %30، وهذا الانتشار سواء بين أفراد الجاليات العربية أو بين بقية أفراد المجتمع الأمريكي على حد سواء جعل من الطلاق أمرا عاديا في مجتمع الغرب، لا يستغربه أحد ولا تشعر المرأة العربية معه أنه كارثة، قد تؤثر عليها بالسلب أو تنهي أحلامها وتتسبب في انهيار طموحاتها.إن الطلاق مرض اجتماعي ومشكلاته جزء من المشكلات الاجتماعية الخطيرة للطلاق قدرة هائلة على تدمير حياة الأشخاص. وهو يمثل لدى معظم النساء في البلاد العربية انكسارا ومحنة تحتاج لوقت طويل للخروج منها والتغلب عليها. أما في أمريكا فالوضع مختلف, حيث يؤدي المكان دورا مهما في تضميد جراح المرأة والخروج بها من فخ الحزن والبكاء على ما فات، فتبدأ سريعا في رحلة البحث عن الذات والتفكير في إثبات وجودها وتعويض ما فاتها، لتتحول المحنة بفضل تحديها وإصرارها إلى منحة وبداية لحياة جديدة، سواء بمشاركة رجل ثان أو من دونه.وقد تناول علماء الطب النفسي قضية الطلاق كثيرا وتوصلوا – فيما يقارب الإجماع – إلى أن أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة متعددة ومتداخلة، وهي:أسباب شخصية، وهي تعود إلى عيب في شخصية أحد الطرفين، ويستعرض الدكتور محمد أنماطاً من الشخصيات التي تفشل في العلاقة الزوجية هي الشخصية البارانوية وهو الشخص الشكاك أو الغيور، والشخصية النرجسية أو الأناني، والشخصية السيكوباتية (الكذّاب، المحتال، المخادع والذي لا يلتزم بقانون، ولا يحترم العرف، ولا يشعر بالذنب، ولا يتعلم من خبراته السابقة فيقع في الخطأ مرات ومرات)، والشخصية الهستيرية (الدرامية، الاستعراضية لأنها تعد ولا تفي وتغوي ولا تشبع، وهي الشخصية الجذابة، المهتمة بمظهرها أكثر من جوهرها، الخاوية من الداخل رغم مظهرها الخارجي البرّاق الأخّاذ، والتي تجيد تمثيل العواطف رغم برودها العاطفي، وتجيد الإغواء الجنسي رغم برودها الجنسي، ولا تستطيع تحمل مسؤولية زوج أو أبناء، هي للعرض فقط وليست للحياة، كل همها جذب اهتمام الجميع لها، والشخصية الاعتمادية السلبية (الضعيف، السلبي، الاعتمادي، المتطفل)، أينما توجهه لا يأتي بخير!بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي تدفع كثيرا من الأزواج إلى الانفصال وهناك أيضا التغيرات الثقافية التي صاحبت التوسع في تعلم الفتيات وخروجهن للعمل ومطالبتهم بحقوق أكثر ومعاملة أفضل بمعنى أن ما كانت تقبله الأمهات والجدات في أجيال سابقة لا تقبله زوجات اليومومن أبرز الآثار الناجمة عن الطلاق على الأولاد فقدان الوظيفة التربوية للأسرة، فإذا حدث في الأسرة تصدع يا ترى من الذي يقوم بواجب التربية لهؤلاء الأولاد؟