20 سبتمبر 2025
تسجيليعود الفضل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في أنهما تناولا، خلال الاجتماع الأخير الذي عُقد في مدينة مراكش المغربية، القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والجيوسياسية الرئيسية التي يواجهها العالم بطريقة واقعية وعملية. وتتسم صورة الاقتصاد العالمي بالمرونة النسبية التي تتمتع بها الاقتصادات الكبرى، والعديد من الاقتصادات الناشئة، في أعقاب نهاية حقبة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض. وقد كان هناك حديث عن «الهبوط الناعم»، وليس الركود، ولكن الاستعارة الأكثر دقة قد تكون «الترنح والتعثر»، نظرًا لأنه على الرغم من تجنب الاقتصاد العالمي للركود، إلا أن النمو الاقتصادي العالمي يبدو ضعيفًا، حيث انخفض من 3.5٪ في عام 2022 إلى 3% هذا العام. ويواصل معدل التضخم انخفاضه، لكنه لا يزال أعلى من أهداف البنوك المركزية. وهناك قلق كبير بشأن ارتفاع مستويات الدين الحكومي. فعلى سبيل المثال، يبلغ العجز الأولي في الولايات المتحدة 3% من إجمالي الناتج المحلي رغم أن الاقتصاد يقترب من التشغيل الكامل للعمالة، ونسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى كثيراً من 100%. وقد تؤدي الاضطرابات السياسية في الكونجرس إلى إعاقة إقرار الميزانية وخفض الانفاق. وفي التقرير الذي أعدته مجموعة خبراء مستقلة معنية بتعزيز البنوك متعددة الأطراف تحت عنوان «الأجندة الثلاثية» بتكليف من مجموعة العشرين وأُطلق في مدينة مراكش، أشار إلى «عالم يحترق». وألمح التقرير إلى أن «الاقتصاد العالمي يتصدع، والنمو يتباطأ، والثقة تتآكل». ويشير التقرير إلى ضرورة إنهاء الفقر المدقع، وتعزيز الرخاء المشترك، والمساهمة في تحقيق المصالح العامة العالمية. ودعا إلى مضاعفة الإقراض من قبل المؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي ثلاث مرات ليصل إلى 390 مليار دولار، بما في ذلك التمويل الميسر، مع ضرورة النظر في تقديم المنح إلى البلدان ذات الدخل الأدنى. وكان «تفكك» الاقتصاد العالمي أيضًا محورًا للنقاش في اجتماع العام الحالي. وتبدو الصورة معقدة للغاية، في ظل التنافس الاقتصادي والتوترات بشأن الأمن بين الصين والعديد من الدول الغربية. وقد توسعت مجموعة اقتصادات البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لتضم في عضويتها ستة أعضاء جدد. ولم تكن هناك أزمة ديون داخل الاقتصادات الناشئة، على الأقل ليس حتى الآن. ويبدو أن النظام المالي أصبح أكثر مرونة على الصعيد العالمي، وبات بالتأكيد أكثر مرونة مما كان عليه خلال الانهيارات المصرفية في عام 2008. وقد أدت إصلاحات بازل وقانون دود-فرانك في الولايات المتحدة الأمريكية إلى توفير احتياطيات رأسمالية. ولا يخلو النظام من الضغوط مع ارتفاع أسعار الفائدة، كما أظهر انهيار بنك وادي السليكون في وقت سابق من العام الحالي. وتحظى جودة الإشراف المصرفي بأهمية أكبر بكثير من متطلبات رأس المال الإضافية. وربما تكون البنوك الأكبر حجماً آمنة، ولكن من الممكن أن نشهد المزيد من الإخفاقات بين المؤسسات المالية متوسطة الحجم والصغيرة. وقد أدى عصر أسعار الفائدة المنخفضة للغاية والتيسير الكمي إلى وجود كمية كبيرة من السيولة، وميل بعض البنوك لتحمل مخاطر كبيرة بشأن أسعار الفائدة. وتعاني بعض البنوك من خسائر كبيرة في استثماراتها المالية نتيجةً لارتفاع أسعار الفائدة. وبناء على ذلك، هناك حاجة إلى زيادة الرقابة، بما في ذلك مراقبة القيمة السوقية الفعلية لمخاطر أسعار الفائدة على الميزانيات المالية. وقد دارت الكثير من المناقشات حول النظام الجديد لأسعار الفائدة «المرتفعة» التي حددتها البنوك المركزية للحد من التضخم، ولكن وفقًا للمعايير التاريخية، فإن المعدلات الحالية البالغة حوالي 5٪ يمكن اعتبارها مستوى متوسطا، وليس مرتفعًا. فقد كان سعر الفائدة الفيدرالي الأمريكي أعلى بكثير من 10٪ لفترة طويلة في أوائل عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وعلى هذا النحو، فإن السياسة الحالية تمثل الوضع الطبيعي، الذي يأتي في أعقاب فترة ممتدة من أسعار الفائدة القريبة من الصفر. وقد لا تعود سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، وربما لا ينبغي لها أن تعود. وقد خلفت السياسات النقدية مفرطة التساهل العديد من الآثار الجانبية غير المرغوب فيها، وهي المسألة التي سنتناولها في المقالة التالية.