10 سبتمبر 2025
تسجيليُمثِّل صعود شركات الطيران التي تتخذ من الشرق الأوسط مقرًا لها تطورًا مهمًا في الاقتصاد العالمي. ولا يقتصر التوسع على أفضل شركات الطيران المعروفة مثل الخطوط الجوية القطرية وشركتي الاتحاد للطيران وطيران الإمارات. فقد نقلت الخطوط الجوية التركية وشركة بيجاسوس للطيران ومقرهما إسطنبول 115 مليون مسافر في عام 2023، بزيادة نسبتها 10٪ عن الأرقام المسجلة في عام 2019 وذلك بفضل تحديث المطارات التركية وتوسيعها. وكان الطلب على النقل الجوي قد انخفض بشكل حاد خلال فترة الجائحة، وخاصة في عام 2020، عندما انخفض عدد الركاب إلى 1.8 مليار من 4.5 مليار في العام السابق. وانخفضت الإيرادات لكل راكب في كل كيلومتر، وهو مقياس صناعي شائع الاستخدام، بنسبة 66%. وقد عادت حركة النقل الجوي هذا العام فقط إلى مستويات قريبة من المستويات المسجلة قبل انتشار الجائحة. ومع ذلك، من المتوقع أن ينمو الطلب على النقل الجوي. ورغم أن الجائحة ألحقت أضرارًا شديدة بإيرادات جميع شركات الطيران، إلا أن بعض الشركات نجت بشكل أفضل من غيرها، وتمكنت من التعاقد مع موظفين من المنافسين المفلسين وشراء الشركات التي انخفضت قيمتها خلال فترة الانكماش الاقتصادي. وترجع أسباب ارتفاع الطلب على النقل الجوي في الغالب إلى صعود الطبقة المتوسطة في الشرق وأفريقيا، حيث بات لدى الناس رغبة طبيعية في السفر، ويساهم ارتفاع الدخل وإمكانية السفر الجوي بأسعار معقولة في زيادة احتمالية القيام بذلك لنسبة متزايدة من سكان العالم. وتتمتع وسائل التواصل الاجتماعي بتأثير مهم عبر تعزيز الوسائل التي يمكن للناس من خلالها الحصول على لمحة عن الوجهات السياحية الجذابة. وإجمالاً، تضيف منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير إلى سعة المطارات، التي من المتوقع أن تكون قادرة على التعامل مع 1.1 مليار مسافر بحلول عام 2040، أي أكثر من ضعف المستوى المسجل في عام 2019، الذي كان يبلغ 405 مليون مسافر. وعلى سبيل المثال، تستثمر دبي 35 مليار دولار في توسعة مطار ضخم، ويخضع مطار حمد الدولي لعملية توسعة كبيرة؛ ويقوم مطار الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية بإضافة صالة جديدة، ويجري التخطيط لإنشاء مطار رئيسي في مدينة نيوم. وتتميز بعض هذه التوسعات بأنه واسعة النطاق لدرجة قد تجد المناطق الأخرى صعوبة في مضاهاتها. والميزة الجغرافية التي تمتلكها الدول الصحراوية، بالمقارنة مع دول أوروبا الغربية ذات الكثافة السكانية العالية، هي توافر المساحة اللازمة لبناء مطارات ضخمة. وهناك ميزة استراتيجية أخرى تتمثل في وقوع هذه الدول بين قارات أفريقيا وأوروبا وآسيا، حيث تحتاح نسبة كبيرة من سكان العالم إلى ساعات طيران قليلة فقط للانتقال إلى هذه الدول. وقد نجحت دول الخليج في تسويق نفسها باعتبارها وجهات سياحية للإقامة القصيرة للمسافرين الذين يقطعون رحلتهم بين آسيا والغرب. وبالإضافة إلى شركات الطيران من تركيا والخليج، أطلقت شركة طيران الهند برنامجًا استثماريًا كبيرًا منذ خصخصتها وانتقال ملكيتها إلى شركة تاتا في عام 2022. وفي العام الماضي، خصصت الشركة استثمارًا ضخمًا بقيمة 34 مليار دولار في شراء حوالي 450 طائرة جديدة، مقسمةً بالتساوي تقريبًا بين شركتي بوينج وإيرباص. ويشهد معدل السفر الجوي للسكان الهنود نموًا سريعًا على الصعيدين المحلي والدولي. وعادةً ما تتمتع شركات الطيران في الشرق الأوسط بقاعدة تكلفة أقل مقارنةً بشركات الطيران الأوروبية، حيث تكون تكلفة العمالة أقل، كما أن الاتحاد الأوروبي لديه قوانين بيئية أكثر صرامة تلزم شركات الطيران على سبيل المثال بالبدء في استخدام الوقود ذي الانبعاثات المنخفضة، وهو ما يرفع من تكلفة تشغيل هذه الشركات. وخلال مؤتمر صناعي عقد في شهر مارس الماضي، أقر قادة شركتي «لوفتهانزا» و»كي إل إم – إير فرانس» بأنهما لا تستطيعان التنافس مع شركات الطيران الآسيوية على بعض خطوط المسافات الطويلة. فعلى سبيل المثال، اعتادت شركة لوفتهانزا أن تسيّر رحلات جوية مباشرة إلى 14 وجهة في جنوب شرق آسيا، لكن هذا العدد انخفض إلى اثنتين فقط، وهما بانكوك وسنغافورة. وبينما يواصل قطاع الطيران تعافيه من الآثار السلبية لجائحة كوفيد-19، الذي مثَّل أكبر اضطراب في أوقات السلم، تسجل شركات الطيران العاملة في منطقة الشرق الأوسط وبعض البلدان الآسيوية مكاسب واضحة.