21 سبتمبر 2025
تسجيلمن القواعد المتعارف عليها في مجال التقاضي أن أي نزاع إذا كان له شقان جنائي ومدني، بمعنى إذا كان الموضوع منظورا أمام القضاء المدني والقضاء الجنائي في ذات الوقت، تكون المحكمة المدنية ملزمة بأن تأمر بوقف الفصل في الدعوى المدنية لحين صدور حكم نهائي بات في الدعوى الجنائية، وذلك إعمالا لمبدأ «الجنائي يعقل المدني» والذي يفيد أن الأحكام الجنائية لديها قوة ثبوتية قطعية يجب الاعتماد عليها من طرف القاضي المدني عند النطق بحكمه، وذلك من أجل عدم صدور أحكام متعارضة في نفس الموضوع. ولكن في بعض الأحيان قد يحدث العكس، استثناء للقاعدة المذكورة، حيث قد يتم وقف النظر في الدعوى الجنائية بجميع إجراءاتها وعدم استئناف تداولها لحين صدور حكم نهائي بات في الدعوى المدنية ذات الموضوع المرتبط بها، أو قد يحصل أن يتم إيقاف الفصل في الدعوى الجنائية لغاية الحكم في دعوى جنائية أخرى ترتبط معها في الموضوع والأسباب والأطراف، وذلك مخافة صدور أحكام متناقضة في نفس النزاع. لقد نص مشرع قانون الإجراءات الجنائية على حالات الاختصاص التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية في المواد من 167 إلى 171، فمن الحالات الشائعة لوقف الفصل في الدعوى الجنائية هي أن تكون نتيجة الحكم المزمع صدوره فيها متوقفة على صدور حكم نهائي في دعوى جنائية ثانية رائجة أمام القضاء، فإذا تحققت هذه الحالة أمرت المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى الأولى بإيقاف البت فيها وتجميد جميع الإجراءات المتخذة بشأنها لحين إصدار الحكم الذي على أساسه سوف يتحدد توجه المحكمة في الدعوى الأخرى. فإذا كانت مسألة إيقاف دعوى جنائية بسبب وجود دعوى جنائية أخرى مرتبطة أمرا منطقيا ومتعارف عليه في العمل القضائي، فإن الاستثناء هو وقف الدعوى الجنائية بسبب دعوى مدنية متداولة، فقد نصت المادة 169 من قانون الإجراءات الجنائية على هذه الحالة، حيث أجازت في الحالة التي يكون فيها الحكم في الدعوى الجنائية متوقف على صدور حكم في دعوى مدنية من مسائل الأحوال الشخصية، أن يتم وقف الفصل في الدعوى الجنائية مؤقتا لكي لا يصدر حكمان متناقضان من حيث النتيجة، مثل الحالة التي تنظر فيها المحكمة دعوى تتعلق بجريمة تبديد مال مشترك من قبل وارث، وفي نفس الوقت تنظر محكمة الأسرة دعوى تتعلق بمدى اعتبار ذلك المال من أعيان التركة، ففي هذه الحالة لا يمكن إصدار الحكم في الدعوى الجنائية إلا إذا صدر حكم مدني نهائي يفيد أن ذلك المال يعتبر من ضمن أموال التركة.