18 سبتمبر 2025

تسجيل

النفط والقطاع الخاص

30 أكتوبر 2022

تزيد فوائض الميزانية من الخيارات المتاحة أمام العديد من الشركات والحكومات في منطقة الخليج، ولكن هناك تحديات تواجه المصدرين والقطاعات الأخرى. وقد باتت الحاجة إلى التنويع في الاستثمارات الخارجية والاقتصاد الداخلي أمرًا بالغ الأهمية. يُعدُ ارتفاع فوائض الميزانية والاحتياطيات الأجنبية، وانخفاض البطالة وزيادة خيارات الاستثمارات الخارجية من سمات اقتصاد دول منطقة الخليج في أعقاب الارتفاع الأخير في أسعار النفط، وهو ما قد يجعلهم محل غبطة الكثير من الدول الأخرى. وستشهد المنطقة انتعاشةً اقتصاديةً إضافيةً عند قدوم مشجعي كرة القدم إلى قطر لمشاهدة مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تنطلق منافساتها الشهر القادم، وهو ما سيساعد العديد من الشركات على التعافي من آثار الركود التجاري خلال عمليات الإغلاق إبان مرحلة انتشار فيروس كوفيد-19 خلال الفترة من 2020 إلى 2021. ومن المتوقع انتعاش الإيرادات الحكومية لدول الخليج ومثالاً على ذلك دولة قطر، التي كانت قد وضعت ميزانيتها لعام 2022 على أساس تقدير متوسط سعر برميل النفط عند مستوى 55 دولارًا – ولكن سعر السوق تجاوز في الغالب مستوى 80 دولارًا للبرميل هذا العام. بالإضافة إلى ذلك، أدى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي بنحو 15٪ في عام 2022 إلى حفاظ العملات المحلية في الخليج المربوطة بالدولار الأمريكي باستثناء دولة الكويت التي تربط عملتها بسلة من العملات الأجنبية على قوتها الشرائية، وهو ما يوفر ميزةً عند استيراد السلع المُسَعَّرة بعملة أخرى غير الدولار الأمريكي من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن جميع القطاعات تشهد ازدهارًا وانتعاشًا، أو أنه لا توجد قرارات صعبة يتعين على قادة الأعمال وصانعي السياسات في المنطقة اتخاذها. إذًا، ما هي العيوب والمخاطر المحتملة في هذا الوقت الذي يتميز بحدوث انتعاش ظاهري؟ في البداية، لا تساهم قوة أسعار الدولار والنفط في تحقيق الفائدة لجميع الشركات الخاصة أو السكان؛ إذ لا يعتمد الاقتصاد اعتمادًا كليًا على عائدات النفط والغاز؛ فمنذ بضع سنوات وحتى وقتنا هذا، باتت اقتصادات دول الخليج أكثر تنوعًا مما قد يكون عليه التصور الشائع خارج المنطقة. وهناك ركود عالمي محتمل، ويعني ارتفاع قيمة الدولار زيادة تكلفة الصادرات من دول الخليج. فعلى سبيل المثال، من المرجح أن يواجه منتجو ومصدرو الأسمدة انخفاضًا في الطلب وهامشًا منخفضًا للربح في الوقت نفسه. وفيما يتعلق بقطاع السياحة، كما أشرت في مقالٍ سابقٍ، أصبحت منتجعات الخليج أكثر تكلفةً مقارنةً بالوجهات المنافسة في دول منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. وقد شهدت اقتصادات دول الخليج ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم؛ ومن الصعب إبطاء هذه المعدلات بسبب ارتفاع قيمة الواردات مثل المواد الأولية والمصنعة وزيادة تكلفة المواد الغذائية المستوردة. كما تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة (بسبب الحاجة الى إتباع السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي) بالسلب على الشركات المدينة بقروض كبيرة، ومن بينها شركات عاملة في قطاع العقارات المهم. وقد شهدت المنطقة ضخ استثمارات كبيرة في قطاع العقارات التجارية والصناعية والسكنية خلال السنوات الأخيرة. ولن يتمكن المطورون العقاريون دائمًا من تمرير التكلفة المتزايدة لديونهم إلى العملاء عبر رفع أسعار الإيجارات أو البيع. والعزاء الوحيد لتلك الشركات التي قد تتعرض لمصاعب كبيرة هي أن الفوائض الصحية التي يحققها القطاع العام تعني أن الحكومات يمكن أن تتدخل لمساعدتها من خلال القروض الميسرة مثلاً أو تخفيض الرسوم الحكومية ونسب الضريبة إن وجدت. وقد أصبح تنويع مصادر اقتصادات دول الخليج من المواضيع الرئيسية والمهمة. وتشهد أسعار النفط ارتفاعًا في الفترة الحالية، ولكنها تتميز بتقلبها ولا يمكن التنبؤ بها، ومن غير المنطقي الإفراط في الاعتماد على سلعةٍ ما في الدخل. والتنويع موضوعٌ مهمٌ في مجال الاستثمارات أيضًا، حيث سيبحث المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط عن أسهم ذات قيمةٍ منخفضةٍ نسبيًا خلال فترة الانكماش الحالية للحفاظ على الفوائض المالية للأجيال القادمة. وسوف يسعون إلى تجنب الإفراط في الاعتماد على أي قطاع منفرد أو دولة واحدة بالذات. وستكون خيارات الاستثمار عند إعادة تدوير الاحتياطيات الفائضة هي الموضوع الرئيسي لمقالي القادم.