10 سبتمبر 2025

تسجيل

الألفة

30 أكتوبر 2022

أحبه لأنه وطني، وأحب مدينتي أكثر، وفي المدينة الحي، وأحب المنزل كثيراً، وبه أغلب ذكريات عمري، وفي المنزل غرفتي الخاصة، وأشيائي التي تعوّدت عليها، وتعيش معي. تتسع الدائرة وتضيق، ويستمر الحب بدرجاته المختلفة لكل ما هو حولنا... تلك هي المشاعر الإنسانية تجاه كل الأشياء، من أشخاص وجماد وحيوان أحياناً، فهناك أشخاص نعشقهم، ولا نتصوّر الحياة بدونهم، وهناك أماكن نحبّها، دول ومدن ومقاهٍ وشوارع، بل إن بعضنا يحب مقهى معيناً وفي المقهى أو المطعم طاولة خاصة يفضلها، بل هناك كرسي محدّد يحب الجلوس عليه، حتى الملابس لدينا ملابس نرتاح لها ونفضلها بالرغم من قدمها أحياناً، وهناك ملابس مشتراة منذ فترة وغير مستخدمة. وكذلك نفضل بعض الأطعمة والمشروبات عن غيرها والألوان والأشكال والبضائع... إلخ من الأشياء في حياتنا، إنها قضية أذواق مختلفة. فالإنسان بطبعه مخلوق أليف وكذلك بعض المخلوقات تحب الألفة. والتآلف بين الأرواح والأماكن وباقي الأشياء فيجد الإنسان راحة معينة وونساً قد يفتقده من جهة في حياته، فيحاول التعويض بشكل أو بآخر. فرضت حياة التشتت في الغرب والمجتمعات الغربية لجوء البعض للحيوانات بشكل مبالغ فيه كالكلاب والقطط لتعويض الألفة والونس المفقود بين البشر، وأذكر إحداهن وتآلفها مع الفئران وحينما فُرِض عليها الاختيار بين السكن الذي تستأجره أو الفئران غادرت مع فئرانها !. يحتاج الإنسان خصوصاً آخر العمر ونس المقربين منه، فلا تحرموا كبار السن من ذلك بزيارتهم والحديث معهم فالوحدة قاسية، وهناك ما يسمى بزواج الونس في بعض الدول عندما يفقد أحد الطرفين شريك حياته ويبحث عن من يؤنس وحدته. حتى أن العيون والوجوه تتآلف، فعندما تتعود على بعض الأماكن ترى وجوها تستقر في الذاكرة ممن يتواجدون في تلك الأماكن حتى وإن لم تكن بينك وبينهم علاقة فإن الألفة يحدثها الروتين والتكرار ويولد إحساس حب المكان والتآلف مع من يكونون فيه. إلا أن للبعض رأيا آخر، فتراه يغير الأماكن ويغير عمله وسكنه ويحب التغيير ولا يميل للاستقرار والروتين، وكما قلت فهي أذواق بشر! آخر الكلام... ترتاح لك نفسي... وعيني لشوفتك ترتاح...