18 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستثمار الغذائي ضرورة لبناء شراكات خليجية

30 أكتوبر 2013

تنحو دول مجلس التعاون الخليجي لتوجيه مؤسساتها إلى الاستثمار الغذائي، لضمان تأسيس بنية تحتية من مؤسسات الأمن الغذائي، قادرة على مجابهة النقص في المواد الغذائية والحبوب، وقادرة على التصدي للكوارث والأزمات المتلاحقة ببلدان الشرق الأوسط التي أضرت بالإنتاج الزراعي. وتوجه دول التعاون مؤسساتها وأصحاب المبادرات إلى الاستثمار في مجال واعد، للنهوض بالصناعات الزراعية والغذائية، ودعم شراكات خليجية وخارجية لتأمين احتياجاتها من الغذاء والحبوب. فقد ذكر تقرير لسوق الدوحة للأوراق المالية أنّ التوجه للاستثمار الزراعي بات ضرورة ملحة، والدعوة لإنشاء شركات تساهم في تلبية حاجة الاستهلاك، ولتفادي أزمات النقص الحاد في المواد الغذائية، أو تعرض الأسواق العالمية لتذبذب الأسعار، أو يظل السوق رهن نقص المعروض في الأسواق الخارجية. وكان تقرير منظمة الأغذية العالمية "الفاو" قد تناول تردي الوضع الزراعي نتيجة انعدام الأمن الغذائي في العالم بسبب أزمات عديدة، ونوه أنّ حالة الانعدام الحالية، حسبما تشير التقديرات إلى أنّ "842" مليون نسمة في الفترة ما بين "2011ـ2013" يعانون من الجوع المزمن، بسبب عدم الحصول على الغذاء بشكل منتظم. ويشير إلى أنّ أعلى معدل انتشار لنقص التغذية في قارة إفريقيا وآسيا وجنوب الصحراء الكبرى، ويرجعه إلى أسباب انعدام الأمن والاستقرار السياسي في عدد من الدول الزراعية، والظروف المالية للأسواق الدولية، وضبابية العمل الجماعي، وعدم تحقيق أهدافه. ويذكر أنّ الأمن الغذائي حالة معقدة جداً، حيث يتواجد نقص الغذاء مع العجز عن توفير الغذاء أيضاً في وقت واحد، وأنّ السياسات الرامية إلى زيادة الإنتاجية الزراعية، تستهدف أصحاب الحيازات الصغيرة، ولكنها لم تنجح في الحد من الجوع حتى في حال انتشار الفقر على نطاق واسع. ويرى التقرير أنّ الالتزام الطويل بمراعاة الأمن الغذائي في السياسات والبرامج، يشكل عاملاً أساسياً للحد من الجوع والعمل على إبقاء الأمن الغذائي في صدارة جدول التنمية من خلال إصلاحات شاملة وتحسينات في مناخ الاستثمار. فقد رصد تقرير المنتدى الاقتصادي للعام الحالي الأمن الغذائي بأنه مصدر قلق رئيس وأنّ هناك "870" مليون جائع عالمياً، وأنّ الخطر يتفاقم بسبب الأحداث المرتبطة بالمناخ وارتفاع الأسعار وانتشار أمراض الحيوانات والطيور وتأثير الخلل المناخي على الزراعة والقطاع السمكي. وحدد أنّ مقومات الأمن الغذائي في سلامة الخصائص الجغرافية والمناخية والبيئية والغابات والموارد المائية والزراعية والبشرية والحيوانية، وفي حالة عدم تحقق المقومات فإنّ الفجوة الغذائية حاصلة لا محالة. يرى تقرير "الفاو" أنّ انعدام الأمن الغذائي هو أكبر معوق للتنمية الاقتصادية، إضافة ً إلى النزاعات والكوارث الطبيعية والجفاف وهي السبب الرئيس في أكثر من "35%" من حالات الطوارئ الغذائية، وأنّ أكثر من نصف البلدان التي ينتشر فيها نقص الغذاء، وأنّ "75%" من سكان العالم يعيشون في مناطق متضررة، كما يتعرض مليارات الناس في أكثر من "100" بلد لحالات جفاف وفقر وزلازل وأعاصير. وذكر أنه في السنوات الأخيرة زاد انتشار الأمراض الناشئة والآفات العابرة للحدود، وزاد تعرض الإنسان لأمراض الطيور والحيوان والفيروسات، وهذا يقابله تراجع كبير في إنتاج المحاصيل والحبوب، وارتفاع وتيرة مخاطر التعرض للكوارث، وخير دليل على ذلك الجفاف الذي ضرب مزارع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في وقت سابق. وإذا سلطنا الضوء على دول التعاون فليست بعيدة عن خضم المتغيرات بحكم موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط القارات، كما تلعب البيئة الجغرافية دوراً مهماً في قلة الأراضي الزراعية أو المستصلحة للزراعة إلى جانب ندرة الأمطار، وتأثير المناخ الحراري على المزروعات، مما يضعف من وجود إنتاج جيد سوى القليل من إنتاج البيوت المحمية. يرى الخبراء أنّ الاستثمار في الزراعة ضرورة ملحة حيث يمثل الإنفاق المعيشي على توفير الغذاء للأسر احتياجاً رئيساً، ومن هنا لابد من إجراءات فاعلة للمؤسسات الخليجية في التعامل مع الارتفاع المستمر في المرحلة المقبلة دون الاعتماد على الاستيراد، إنما التوجه لدعم المصانع الصغيرة والمزارع والبيوت الإنتاجية والأسر المنتجة، وتقديم حوافز للمصانع المنزلية، وتقديم خبرات ودورات معرفية وتقنية لها لبناء قاعدة إنتاجية ملائمة من الصناعات الغذائية البسيطة تساند الاستيراد من الخارج. في دولة قطر أخذت خطوات استباقية لتأمين الغذاء رغم قلة الأراضي الزراعية، وذلك بفتح الاستثمارات الزراعية خارجياً، وتأسيس العديد من مؤسسات صناعة اللحوم والأغذية، وانتشار البيوت المحمية للمزروعات في الدولة، إلا أنّ الكثيرين يرون ضرورة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار الزراعيز ويرون أنه من الأنسب البدء بإجراءات تحفيزية مثل إعفاء المنتج الزراعي والغذائي المحلي من الرسوم، وتشجيع الشباب على تبني مبادرات زراعية وغذائية محلياً، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، وتحفيز المؤسسات الخليجية على الشراكة، وتأسيس شركات إنتاجية وصناعية تعنى بالمنتج الزراعي والغذائي، ووضع سقف زمني لمراحل الإنتاج الزراعي والاستفادة من تجارب وخبرات الدول العربية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.