08 أكتوبر 2025
تسجيليمثل الوالدان الواجهة النموذجية لسلوكيات الطفل، والمنبع الصافي الذي يكتسب منه القيم والتقاليد والأعراف الرصينة والعريقة، فعين الطفل دوما تبحث عن النموذج في الوالد والجد والمعلم.. وغيرهما من الرموز المؤثرة في حياته، تستقي منهم المعايير التي تكوّن شخصيته الآنية والمستقبلية. في حراك المجتمع المتطور المتنامي ومع تشرب التكونولوجيا الحديثة بين الناشئة كثير من الآباء "القدوة" يفقد توجيه بوصلته لمجاراة ما يقوم به الابناء، فيلجأ الى احتراف لغة الأوامر الخالية من التطبيق في خاصية نفسه، ويقلب البيت إلى ثكنة عسكرية تكون لغة التواصل فيها قائمة على الأوامر الصارمة، والتنفيذ دون أدنى مناقشة أو اقتناع.. فإذا كانت "التربية" لدينا انتزعت عنوة من جيل المدارس المستقلة، فيجب ألا نستكين، ونترك الحبل على الغارب، ونعلق انعدام توازن أبنائنا على ضبابية طرق التعليم المتجسد في نظام المدارس غير "المستقرة".. من هنا تتأكد الحاجة إلى "القدوة المثقف" في عصرنا الحديث، الذي شملت التقنية فيه كل شيء، وتطورت معارف الطفل ومداركه نتيجة احتكاكه المباشر من الجوال والكمبيوتر والإنترنت وألعاب الفيديو جيم، وهذا بدوره يتطلب قدوة ملمة بتقنيات وروح العصر. القدوة بالنسبة للطفل مصدر لمعرفة الصواب من الخطأ، ومن هنا نرى ضرورة تفعيل دور "جماعة القدوة" المتمثلة في الآباء لسد هذه الثغرة المستفحلة، فمن مقتضيات القدوة أن تتحلى بسعة الثقافة والمعرفة، من منطلق تعاليم الشريعة الإسلامية، بحكم أن القدوة التربوية في أمس الحاجة للمعرفة بنفسيات الطفل ورغباته وفنون التعامل معه، إضافة إلى أن أهم حاجات الطفل من القدوة التي يلجأ إليها هي "المعرفة".. فإن الجيل الحديث بالتأكيد نتاج والدين متعلمين ملمين بمقتضيات العصر، ويمثلان قمة الهرم في مسألة القدوة للابن، فهما لابد ان يتحليا بسعة الأفق، والالتزام الصارم بالتعاليم والتوجيهات التي يصدرانها، وذلك من خلال المعرفة الشمولية التي تجيبه عن كل الأسئلة، التي تجول بخاطر المتلقي، وما أكثرها تلك التفصيلات التي يحتاج الطفل إلى فهمها في رحلة استكشافه للبيئة من حوله، حتى إن الأمر قد يتطرق إلى أسئلة محرجة تحتاج لمهارة عالية في الإجابة عنها.. إن "ثقافة" القدوة التربوية تضيف جمالاً وبهاء وهيبة، وتوجيهات الوالدين أو المعلم هي خير معين للطفل لكي توجهه، للاستفادة من التقنيات العصرية من خلال إلمامهم بتعلم المهارات الإلكترونية الخلاقة التي تصقل موهبة تلك البراعم الإبداعية والفكرية.. إن عدم الارتكان الى المدارس غير المستقرة، هو السبيل لتفعيل دور "القدوة" المطلوب لجيل التقنيات الحديثة.