13 سبتمبر 2025
تسجيلبداية هذه صرخة ونداء بأنين كثير من النساء في قطر نوجهها لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر التي وقفت مع حفظ حق المرأة في أهم شؤونها "الأحوال الشخصية والأسرة" التي كفلها القرآن الكريم ورغم تلك الجهود المباركة نسرد حكايتها المؤلمة من أرض الواقع، مسكينة هي المرأة عندما تجد نفسها أما لأطفال ورهينة طلاق تظن انه حل وهي تعلم أنها ستكون الضحية وانه ابغض الحلال إلى الله ليس لما له من آثار بالغة في تفكيك الأسرة وتشتت الأبناء فحسب، بل لما له من تبعات كبيرة تتحملها المرأة وحدها على الأغلب. من هو الطرف الأضعف أو الطرف المستضعف في مجتمعات تخوض تقدما فريدا في حقوق المرأة ومكتسباتها؟ إنها المرأة في مجتمعات يظن البعض أنها أنصفت فيها إنصافا تحسد عليه ولكنها الأم، "نصف المجتمع التي لم تلبث أن تجد نفسها الحلقة الأضعف في سلسلة المجتمع الذي يسيره العرف الذكوري وتمجيد الرجل وتأليه سطوته ورجولته التي تفتك حتى بأبنائه بعد الطلاق في أنانية بحتة لدى الكثيرين تتحملها دائما شمعة تحترق لتنير درب الأسرة أسموها "المرأة". من المعروف أن قانون الأسرة 22 لعام 2006 قد نظم المعاملات الأسرية وحدد الحقوق بين الطرفين، ومن المعلوم أن النفقة هي الدخل الوحيد الذي تعتمد عليه معظم المطلقات وأبنائهن في تدبير أمورهن وتأمين متطلبات الحياة الكريمة، ولأن التقاضي حق مصون ومكفول للمرأة حسب القانون يقتضي أن تتحرى فيه المحكمة تقدير النفقة ليس بمبلغ مقطوع، بل وفقا لوضع الطليق المالي ومدخلاته الشهرية وممتلكاته لتقدير نفقة الأولاد والطليقة مع مراعاة متطلبات الأبناء وارتفاع مستوى المعيشة بشكل يضمن العيش الكريم. وحين انه يفترض أن تقوم المحكمة بالبت في موضوع النفقة إثباتا للحق وتسوية للمنازعات الأسرية صلحا، وحين انه قد يظن البعض أن المرأة وفقا للتطورات الواقعة في القانون بعد تحويله من مسمى الأحوال الشخصية وبمجرد رفع القضايا قد أنصفت، إلا إن هذا الاعتقاد خاطئ لسببين: الأول: إن كثيرا من النساء يلذن بالصمت وينفقن وحدهن على الأبناء دون مطالبات ودون رفع قضية ودون محاكم ويعلم الله وحده معاناة المرأة المطلقة فليست الجميع عاملات ويعتمدن على مصدر دخل محدد، وحتى لو كان لهن دخل فهن عصاميات في التربية والإنفاق الذي يشيب له الرجل هذه الأيام فما بالنا بالمرأة، والغريب أن القانون لم يضع للمرأة إجراء تلقائيا أو آلية تحفظ كرامتها لصرف نفقتها ونفقة الأبناء دون اللجوء للمحكمة والتقاضي فلماذا تضطر للسير للمحكمة أمام أعين الناس التي لا ترحم، وفي ماذا؟ وعلى ماذا؟ أعلى حقّ ٍلأبناء ٍ يجب ان يتكاتف فيه الأب معها بل كل المجتمع ومؤسساته؟ من يرحم المرأة؟ علما بأن كثيرا ممن يسمون رجالا في مجتمعاتنا المنتفخة المنتشية لا تدفع فيه الرجل مراجله وكرامته وشيمه إلى الإنفاق لا على زوجة انفصل عنها أو انفصلت عنه، بل حتى على أبنائه الذين من صلبه ولو لمأكل أو مشرب وللأسف تجده على النقيض يصرف على المظاهر والملذات أو ربما "البعض" أو حتى على "بنات الهوى" وما لا يليق ذكره هنا احتراما للذوق والآداب العامة. في الوقت الذي ترزح فيه أسرته وصلبه ولحمه دون عائل ودون مورد. والسبب الثاني: أن الفئة الأخرى من المطلقات تضطرها الظروف القاهرة وتردي الآليات التلقائية للنفقة أو غيابها كلية إلى أن تلجأ للمحكمة في المطالبة بحق أبنائها في تقاض مكفول نظمه لها القانون ولكنها تعاني الامرّين وينطبق عليها المثل القائل "كأنك يا بو زيد ما غزيت" ومن أين يأتي الألم؟ أولها: من تهرب الزوج وتنصله أو امتناعه أو مماطلته في معاناة لا يشعر بها سواهن، المحكوم لهن بالنفقة، فيمضين أوقاتهن في محكمة التنفيذ ومتابعة الإجراءات لتحصيل الحقوق التي أقرتها المحكمة وقد لا ينلن منها شيئاً، إما بسبب تعمد المحكوم ضده التهرب من دفع ما عليه حتى لو كان موسرا وللأسف، أو عدم مقدرته الإيفاء بالنفقة للمديونيات عليه، ولمن أراد أن يتأكد فليسأل القضاة قبل أن يسأل الضحايا من النساء وأطفالهن!!. ثانيا: من طول إجراءات التقاضي في ارض العدالة "المحكمة" التي ترهق المرأة والأسرة وتجعلهما فترة دون مورد للصرف والإنفاق، وما قد تقتضيه من أعباء إضافة إلى مصاريف أبنائها من دفع أتعاب للمحامين المتابعين للقضية، والتي لا تجعل للحكم قيمة لصعوبة تنفيذه وعدم الجدية في ملاحقة الرجال المتنصلين من دفع حقوق أبنائهم وترك المرأة تعاني ذلك وحدها فضلا عن شكوى عدد من النساء تحيز بعض القائمين على قضايا الأسرة في صف الرجل باستئناف القضايا أو تطويل اجراءاتها في ظل نظرة ضيقة للمرأة ومعاملة جافة تجدها نساء اشتكين ممن يلجأن لهم في مظنة عدلهم لحفظ كرامتهن التي قَدْ تمتهن على أعتاب المحكمة التي طالما اجتهد مجلس الأسرة آنفا في أن يجعلها مفصولة عن القضايا الأخرى دون أن تجد الفصل المناسب في مبنى خاص يليق بمهامها ويحفظ خصوصية الأسر وليس فقط دور واحد في مبنى، ولا نعلم "مَن ْ؟" قبل "مَا؟" السبب في هضم حقوق المرأة التي بُح صوت المشرعين والقائمين على سياسات الأسرة في قطر لحفظها دون جدوى.. بل اشتكى لنا عدد من النساء من هدر خصوصيتهن وعدم مراعاة شعورهن النفسي عند موعد المراجعة من خلال وضع اسمهن كاملا بكتابته على باب غرفة القضاء، او تتم فيه مناداتهن بالاسم أمام ملأ من الحضور، وإننا لنعجب كيف تغيب سياسة المحافظة على الخصوصية ووضع آلية رقمية أو رمزية لكل قضية دون أسماء؟ فهل قضايا الأسرة في حق النفقة والسكن مشاع عام للتشهير بلبنة المجتمع الرئيسة؟ فضلا عن عدم وجود وثيقة بنود حقوقية بشكل عام تكون بمثابة عقد خاص يعلم فيه كل من الرجل والمرأة مسبقا ما له وما عليه قبل وقوع الطلاق امتثالا وردعا كما في بعض الدول الخليجية، الأمر الذي يحيل الجلسات هباء وحقوق الورق إلى الورق والتنفيذ في عالم من اليوتوبيا لم نرقَ له بعد رغم إسلامية حكمنا وإسلامية طرحنا وادعائنا بأننا مسلمون. محامون قطريون متخصصون في محاكم الأسرة رصدوا معاناة النساء في تحصيل نفقتهن، والتطويل في تنفيذ إجراءات الأحكام القضائية وتكدسهن في محكمة الأسرة، فأطلقوا مشكورين مقترحا لإنشاء صندوق لدفع نفقة المطلقات والأرامل فوراً بعد إصدار الحكم، وتحصيل النفقات فيما بعد من المحكوم عليهم دون تعقيدات ودون أعباء مالية تتحملها المغبونة وحدها، وألا تضطر للذهاب لمحكمة التنفيذ للمطالبة بحقها، وقد تم نشر ذلك في الصحف وعلى موقع "محامين قطر" لمن أراد أن يصل للحقائق بنفسه ويفتح بها تحقيقا صحفيا استقصائيا يصل فيه صوت المظلومات في مجتمع تقدم المرأة القطري. إن وضع آلية تنفيذية تلقائية للحكم للمرأة المطلقة وأبنائها بحقهم في النفقة والسكن دون لجوئها للمحكمة أمر حتمي، وتنفيذ الأحكام القضائية دون مماطلة وحماية وتقدير حقها وحق الأبناء ورفع مقدار النفقة في ظل مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة وفي ظل رفع الرواتب والأجور لمعيل الأسرة حاليا بات ضرورة ملحة مع وجوب وضع الضمانات القانونية والرقابة الدستورية على القوانين. والأهم من ذلك كله يجب تجنيب المرأة دخول المحاكم من اجل لقمة عيش أبنائها فتلك لعمري اكبر اهانة لمجتمع مسلم وليس للمرأة فحسب، واكبر إدانة لتنصل أشباه الرجال من مسؤولياتهم. هذا أنينهن فاسمعوه..................... وقد سطر الله لنا مثلا فريدا في سورة مدنية نظمت لنا دستورا مدنيا في الحياة والمعاملات في أول عاصمة لدولة الإسلام فسمع الله سبحانه قول تلك المرأة التي تجادل رسول الله (ص) في زوجها ووصفها بأنها تشتكي إلى الله تقديرا لأهمية سماع شكواها وأحقيته فسمعها تعالى وحكم لها وانزل فيها سورة كاملة هي سورة "المجادلة".. بسم الله الرحمن الرحيم (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير (1)) فقالت عائشة رضي الله عنها فيها " تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله — صلى الله عليه وسلم — وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك. قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية. واستوقفت عُمَر رضي الله عنه، وهو يسير مع الناس، فوقف لها، ودنا منها، وأصغى إليها، حتى قضت حاجتها وانصرفت. فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، حبست رجالات قريش على هذه العجوز؟! قال: ويحك! وتدري من هذه؟ قال: لا. قال: هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلى أن تحضر صلاة فأصليها، ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها.. أيها القضاة، أيها المجتمع، ويا رعاة الحق الكريم هذا شرع الله، فلننزل إلى ارض الواقع وأرض المحاكم ولنسمع أنين النساء المطلقات وأبنائهن، ولنحفظ كرامة الأسرة القطرية ولنحمِها من التصدّع "إن الله سميع بصير" ملاحظة: هذا ولا ننسى أن نقدم تحية خاصة لكل رجل مطلق في المجتمع القطري حفظ حق أهله وهم يستحقون ذلك: "وخيركم خيركم لأهله" كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com