11 سبتمبر 2025
تسجيلبلهجة كويتية حنونة: «شصار في القطريين تغيّروا يمشون في الأماكن العامة ما يسلمون مع أنهم معروفين بالطيبة والخلق» قالتها صديقتي باستغراب أثناء زيارتها لقطر. بالطبع هذا ليس تعميما ولا ينطبق على الجميع فبعضنا يسلّم ويسأل ويقترح ويساعد، ولكن لن أدحض ملاحظتها خصوصا بعد أن وضعتها في حسابي في الانستغرام وجاءتني ردود بمثل تعليقها. فتذكرت المناسبات الرياضية وتعليق الأشقاء بمدح القطريين على دماثة اخلاقهم وعلى التزامهم بالهوية العربية التقليدية في ملبسهم واطفالهم، ولكن يكاد يكون التعليق الوحيد عدم مبادرة السلام والذي لا يعلم البعض ان سببه فقط هو هدوؤهم والاستحياء في المواقف التي لا تتطلب الحياء مثله مثل التشجيع الصامت في الملاعب وقد شهدناه في كأس العالم. هنا لسنا نتحدث عن ظاهرة عامة ولكن طبيعة عند أغلبية ملحوظة تتطلب التنويه لجيل قادم خصوصا وأن خصائص الشعوب تنتقل اجتماعيا من خلال: التربية والهوية الوطنية. التربية تلك التي عرفناها في مواقف أجدادنا في الشدة والرخاء، الحضر والبادية فقد علمهم دينهم أن فخر العرب في «افشوا السلام» ولو تفحصنا التاريخ النبوي لوجدنا ذلك مسطرا في القرآن الكريم في كل موقف، كما في سيرة الانبياء قبله ومثاله دخول موسى عليه السلام (مدين) كغريب ووجود امرأتين تذودان عن رعيهما فسلم يلتمس حاجتهما وسقى لهما وتولى الى مكانه في الظل. لذلك يخطئ من يظن أن الحياء يعني الانزواء أو الصمت في غير موقعه خصوصا ونحن من ثقافة تؤمن أن تبسمك في وجه أخيك صدقة. الهوية أو السمة الوطنية فيخطئ من يظن أنها مجرد»هويّة بصريّة» لمؤسسات ووزارات يصبغ شعارها باللون العنابي فقط! أو شعبها أو موظفوها بملابس تقليدية! أو في كركشوشة عقال أو عباية معينة تلبس على صنم! الهوية الوطنية منظومة متكاملة أولها الشعبية التي يجب أن يركز عليها كما في الرؤية الوطنية التي جعلت التنمية البشرية هي الركيزة الأولى. ينبيك عنها ابتسامة وترحيب أول موظف/ة في جوازات المطار يستقبلك دون تكشير أو عبوس أو حتّى دون صمت غير مقصود أو حياء في غير محله!! فهي أهم النقاط الجوهرية في نجاح الهوية المؤسسية corporate identity وأول منافذ الاستقبال لإعطاء الانطباع الأول عن الدولة سواء في الجو أو عبر منافذ البر والبحر. واذا تجاوزنا موظفي منافذ قطر، فإننا نلاحظ أن معظم مؤسسات الداخل تتعامل مع موظفين مصمتين! حيث لم تستوعب أن تعميم طريقة السلام والترحيب هو جزء من الهويّة المؤسسية فهي علم مع العلوم الاحترافية في مدارس الإعلام والعلاقات العامة لا التسويق. أود أن أشيد بمؤسستين كانوا ولا زالوا متميزين في تطبيق الهوية المؤسسيّة وهم (القطرية) و(سبيتار.). وهكذا تحكي الهويّات وتبني النجاحات للمؤسسات والدول... وأخيرا ونحن نذكر بالهوية الوطنية في قطر اسمحوا لي أن أحدثكم عن مثل أعلى في القيادة، فقد حدثتني إحدى أمهات قطر الفاضلات أنه عندما نزل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في بهو الفندق الذي تسكنه في أوروبا حيّاها تسبقه ابتسامته وهذا ليس بغريب على سموه.. ولكن المرأة أشارت إلى - ما لا ولن يعرفه- كثير من الجيل الحالي من الشباب ممن هم في عمر أميرنا النبيل! فقالت: تخيلي عندما أراد أن يخرج قاصدا باب الفندق من البهو لم يعطني ظهره بل ظل ماشيا بخطوات متأدة حتى غادر!! وكلنا يعلم ما يعنيه ذلك في عرف العرب من احترام، فما بالكم بمن يفعل ذلك وهو أمير؟ هذا أميركم (تميم) في قمة دماثة الخلق يعطيكم درسا في الهوية الإنسانية لشعب قطر؟ فماذا أنتم فاعلون؟ لا تكونوا ملكيين أكثر من الملك!! وتذكروا أن النبل معاملات لا رسوما أو شعارا !