15 سبتمبر 2025

تسجيل

الوظائف بين القطاعين العام والخاص

30 سبتمبر 2018

قطر توظف 80 % من المواطنين بالقطاع العام أظهر تقرير مكان العمل العالمي الذي صدر قبل أيام أن 60% من الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي يفضلون العمل في الوظائف الحكومية بينما لم تتجاوز هذه النسبة 30% في دول أوروبا. ويبين التقرير خطورة استمرار هذا الميل في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، حيث تسعى دول المجلس إلى تنفيذ جملة من الإصلاحات، من بينها "ترشيق" الأجهزة الحكومية وتحفيز القطاع الخاص للعب دور اقتصادي أكبر. ويدعو التقرير إلى تغيير هذه المعادلة من خلال إصلاح برامج التعليم وتغيير نمط الوظائف المعروضة من القطاع الخاص.   وتاريخيا، ونظرا للطبيعة العائلية لاقتصاديات القطاع الخاص تسيطر الشركات العائلية على 90% من الأنشطة الاقتصادية الخاصة، من جهة وضعف الاستثمارات الموجهة للصناعات الكبيرة غير المعتمدة على الطاقة ذات القيمة المضافة العالية من جهة أخرى أدى ذلك إلى توليد وظائف ضعيفة الرواتب والمزايا في القطاع الخاص مثل الأنشطة التجارية والإنشاءات والخدمات وغيرها. وقد ساعد فتح أبواب الاستيراد للعمالة الأجنبية على مصراعيه إلى تعطيل قانون العرض والطلب الذي يفترض أن محدودية المعروض من الأيدي العاملة الوطنية سوف تؤدي إلى تحسين الأجور وذلك لكون جانب العرض بات لا يضم هذه العمالة  فحسب بل وأعداد هائلة غير محدودة من الأيدي العاملة الأجنبية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى نحو 7 ملايين وظيفة تم توفيرها في أسواق العمل الخليجية خلال العقد الماضي، ألا أن نحو مليوني وظيفة فقط من هذه الوظائف ذهبت للمواطنين من دول المجلس.  وفقا للتقرير السنوي لمنظمة العمل الدولية، لقد أدى انخفاض رواتب ونوعية الوظائف المتوفرة في القطاع الخاص إلى تهافت الأيدي العاملة الوطنية للعمل في القطاع الحكومي. ففي قطر والكويت يوظف القطاع العام نحو 80% من الأيدي العاملة الوطنية و72% في السعودية و 47% في سلطنة عمان. ونتيجة لضعف هيكل الأجور في القطاع الخاص برزت فجوة كبيرة بين  سوق عمل القطاع الخاص وسوق عمل القطاع العام، حيث لوحظ  بأن معدل الرواتب في القطاع العام يبلغ 712 دينارا بينما يبلغ 278 دينارا في القطاع الخاص، وهو ما يشكل عامل إحباط كبير لدى المواطنين الراغبين في العمل لدى القطاع الخاص.  ويفسر ذلك جانبا مهما من تفشي البطالة في صفوف الشباب الخليجي. كما تتسم سوق العمل الخليجي بتدني مشاركة الإناث لأسباب اجتماعية واقتصادية.  ورغم أن العديد من المؤسسات والشركات في القطاع الخاص توجد بها فرص للتوظيف وحوافز وأجور أعلى من نظيرتها في القطاع العام ، إلا أن الأغلبية من الشباب تكرست لديه فكرة بأن العمل في القطاع العام ملاذا آمنا لحياتهم لما توفره في رأيهم من استقرار نفسي واجتماعي ومعيشي والاطمئنان بعدم التسريح من وظيفته مع أي ظرف اقتصادي تمر به الدولة، كما أن ساعات العمل القليلة نسبيا تعني أن باستطاعة الموظف الحكومي إيجاد عمل آخر في وقت المساء بعد انتهاء ساعات العمل وأيضا ضمانة لتطور الموظف من خلال السلم الوظيفي المعمول به حاليا من قبل دواوين الخدمة المدنية. وتبقى الدعوة إلى إصلاح التعليم وتحسين وظائف القطاع الخاص دعوة صحيحة في جوهرها. فبرامج التعليم المتوسطة والفنية وبرامج التعليم الجامعية يجب أن تربط بصورة أقوى باحتياجات أسواق العمل التي بدورها يجب أن تربط بتوجهات التنمية الحالية. كذلك الحال بالنسبة لتحسين وظائف القطاع الخاص، لكن هذا مرتبط بتوسع القطاع الخاص نحو أنشطة صناعية وخدمية وتقنية تولد وظائف ذات مزايا جيدة قادرة على استقطاب الشباب الخليجي.