14 سبتمبر 2025

تسجيل

الشركات العائلية العربية وتحديات البقاء

30 سبتمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الشركة العائلية - كما هو معروف تاريخياً - تنسب إلى اسم عائلة ، أي إلى اسم شخص واحد، وهو عميد العائلة، أو إلى لقب العائلة، وقد تكتسب الشركة شهرتها من اسم العائلة، أو العكس؛ فقد تكتسب العائلة شهرتها من شهرة الشركة، وهناك حالات كثيرة تدلل على ذلك .ومن صفات الشركة العائلية أنها – في أغلب الحالات - شركة مغلقة على مُلاكها فقط، وقد انحصر التصنيف القانوني للشركات العائلية في عدة مسميات؛ فقد تكون الشركة العائلية (شركة ذات توصية بالأسهم)؛ خاصة بأبناء العائلة فقط، أو (شركة تضامن)، أو (شركة ذات مسؤولية محدودة)، أو(شركة توصية محدودة ) . واليوم فإن الشركات العائلية تمثل النسبة الكبرى من إجمالي الشركات العاملة بالاقتصادات الوطنية لمعظم الدول الصناعية المتقدمة ، وتتضح هذه المكانة من الإحصاءات التالية :-ــ ففي دول الاتحاد الأوروبي: تتراوح نسبة الشركات العائلية ما بين 70- 95% من إجمالي الشركات العاملة بها، وتساهم هذه الشركات بما نسبته 70% من الناتج القومي. وفي الولايات المتحدة يبلغ عدد الشركات العائلية المسجلة في أمريكا قرابة 20 مليون شركة وتمثل 49% من الناتج القومي، وتوظف 59% من القوى العاملة، وتستحدث زهاء 78% من فرص العمل الجديدة. وفي إيطاليا يبلغ عدد الشركات العائلية المسجلة 95% من إجمالي الشركات العاملة. وفي بريطانيا 75% وفي سويسرا 85 % وفي السويد 90 % وفي إسبانيا 65% وفي البرتغال 70%. و بالنسبة لأسواق المال العالمية ، فقد تفوق مؤشر كريدي سويس الذي يرصد أداء 225 شركة تهيمن عليها عائلات في أنحاء العالم على مؤشر "إم.إس.سي.آي" لأسهم العالم بنحو 8 في المائة منذ أغسطس 2007. وفي تقرير لشركة مكينزي للاستشارات فإن نحو 33 في المئة من الشركات على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأميركي و40 في المائة من أكبر 250 شركة مدرجة في فرنسا وألمانيا هي من حيث التعريف شركات عائلية، أي شركات مملوكة بحصة كبيرة لعائلات يمكن أن توجه مسار القرارات مثل اختيار رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي.ــ أما في الدول العربية: فتبلغ نسبة الشركات العائلية قرابة 95% من عدد الشركات العاملة، وفي المملكة العربية السعودية مثلاً : تبلغ نسبة الشركات العائلية قرابة 95% من عدد الشركات العاملة داخل المملكة بحجم استثمارات تقدر بحوالي 250 مليار ريال، كما أنها تشكل 45 شركة من أصل أكبر 100 شركة في السعودية. و يذكر ديفيد غيبسون خبير الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط أن الأصول المالية لــ 45 شركة عائلية في الخليج العربي بلغت 2 تريليون دولار أو ما يعادل 7 تريليونات ريال سعودي، وهي بذلك تشكل ما بين 70 و 90 في المائة من القطاع الخاص في المنطقة. وبالرغم من أهمية الشركات العائلية في اقتصاداتها الوطنية فإنها تتغير مع تقادم الزمن في شكلها القانوني أو في حجمها و قدرتها على منافسة الشركات الكبرى ذات النشاط المماثل أو البديل. وتقدر الدراسات أن متوسط العمر الإفتراضي لهذه الشركات هو 40 سنة تقريباً، وأن واحداً من ثلاثة أنشطة عائلية يعيش حتى الجيل الثاني، ونحو واحد من عشرة أنشطة عائلية يستطيع المواصلة حتى الجيل الثالث. وفي دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية إتضح أن 30% من الشركات العائلية تستمر إلى الجيل الثاني، وتنخفض هذه النسبة إلى 12% للجيل الثالث، ثم 4% إلى الجيل الرابع، وأخيراً: يصل أقل من 1% إلى الجيل الخامس. وقد وجد أن السبب الفاعل في تضاؤل الشركات العائلية هو التغيير الذي يطرأ على أفراد العائلة من جيل لآخر في معرفتهم وخبراتهم المتخصصة لطبيعة النشاط الاقتصادي وإدارته. وفى هذا النطاق نذكر تجربة مجموعة الزامل السعودية ، أحد أكبر الشركات العائلية داخل المملكة لمعرفة قدرات الجيل الثالث بالعائلة " حيث قامت بالتعاقد مع شركة عالمية لتقييم مستوى خمسين من أبناء العائلة، وذلك لمعرفة شخصية وقدرات كل منهم، حتى يتسنى تولية المهمات وفقا لقدرات الأبناء وطموحاتهم " .وعليه فإن الرؤية لمستقبل الشركات العائلية تأخذ مسارين فإما أن تتمكن العائلة المالكة للشركة من البقاء مترابطة فتعمل على الحفاظ عليها وتطويرها وتوسيعها ولمزيد من القوة والنفوذ في الأسواق، أو أن تتضاءل أمام المشاكل والتحديات التي تواجهها. ومن تلك التحديات التنافس الداخلي بين أفراد العائلة للوصول إلى قمة إدارة الشركة وملكية الحصص الأكبر فيها. أما المخاطر الخارجية فتتمثل بعدم قدرة الشركة على التطوير والتجديد، والأخذ بالأساليب والطرق الحديثة في الإدارة، الأمر الذي ستترتب عليه الحاجة إلى تمويل كبير قد لا يتوافر من دخل العائلة، مما يدفعها للجوء إلى التمويل الخارجي فتفقد السيطرة على إدارتها لصالح الممول الأكبر. ولكي تتجنب الشركات العائلية فى المنطقة العربية المخاطر الذاتية أو الخارجية عليها اللجوء إلى المستشارين من ذوي الخبرة المتخصصين، سواء من داخل العائلة أو من خارجها لتدريب الجيل الجديد من أفراد العائلة على إدارة الشركة ، والحل الأمثل لتجنب تلك المخاطر هو تحويل هذه الشركات إلى شركات مساهمة ، ليكون الجميع شركاء في التنمية . وبناء على ذلك فإن الشركات العائلية العربية يجب أن تؤسس على قيم العدالة والحوكمة الرشيدة والمحاسبية والإدارة الناجحة لرأس المال، حيث أن الحوكمة أسلوب إداري يرتكز على العديد من المبادئ الأخلاقية كالإفصاح والشفافية في التعاملات وحماية حقوق أصحاب المصالح وحماية حقوق صغار المستثمرين وذلك من خلال التأكد من عدم وجود أي تواطؤ أو تلاعب من جانب مجالس إدارة الشركات أو المديرين التنفيذيين. وقد يحدث أن تطبيق تلك المبادئ قد يتعارض مع توجهات بعض أصحاب الشركات العائلية الذين قد يرون أن مخالفة القوانين في بعض الأحيان هو الطريق الوحيد للتخلص من العقبات البيروقراطية التي يرون أنها تقف عائقاً أمام نجاحهم ، أيضاً اتباع سياسات الإفصاح والشفافية قد يرون أنها غير ضرورية للتطبيق في شركاتهم لأن معرفة حجم الأعمال وحجم الأرباح هو حق مكتسب لأصحاب تلك الشركات، كما قد يرون أن ذلك يعرضهم لدفع ضرائب أكثر ويفرض عليهم قيوداً كثيرة. وهنا يجب على الشركات العائلية تنظيم اجتماعات سنوية لجميع أفراد العائلة ، يمكن لهذا الاجتماع أن يكون حدثاً يشتمل على تبادل الخبرات وزيادة الترابط وحتى بعض المتعة، في سبيل الاحتفال بالالتقاء معاً على اعتبار أنهم أفراد من العائلة نفسها. باختصار فإن قيام العائلة بتشكيل مجلس إدارة عائلى يعني أنها تتولى تدريب زعمائها المستقبليين والمالكين الحكماء لأعمال الشركة. وحتى لو إختارت الشركة فيما بعد أن تطرح الأسهم للاكتتاب العام، فستكون لها قيمة سوقية أعلى بكثير، من حيث أنها مدارة بطريقة جيدة. فإن إشراك أفراد من أجيال مختلفة سيؤدي كذلك إلى قرارات أقوى حول مستقبل الشركة على الأجل الطويل. أخيراً فإن العائلة سيتوافر لها أساس من الترابط والقوة في الوقت الذي تواجه فيه مستقبلها.فالحفاظ على هذه الشركات العائلية وتقديم الدعم الفني والاستشاري لها يعزز من الاقتصاد الوطني والتشغيل للحد من البطالة، ويستلزم أن تعمل دوائر مراقبة الشركات وغرف الصناعة والتجارة العربية إلى صياغة مبادئ توجيهية إرشادية لهذه الشركات، بحيث تعمل على تعزيز وجودها وأواصر عملها نحو وعي مالي عائلي وتدريب القيادات العائلية وإعدادها بالسوق المحلي وخوض غمار التجربة العملية في شركات خاصة قبل الانتقال للتدريب والإعداد في الشركة العائلية ليكونوا قادة المستقبل للاقتصاد الوطني فى العالم العربى.