17 سبتمبر 2025

تسجيل

اللجان الاستشارية المواطنة لمراكز الدراسات

30 أغسطس 2020

في الأسبوع الماضي تشرفت بزيارة مركز الدراسات الإستراتيجية التابع لوزارة الدفاع بناء على دعوة من قائد المركز العميد الركن الدكتور راشد النعيمي، حيث اطلعت على الإمكانيات والقدرات والتجهيزات التي يتمتع بها هذا الصرح الكبير، بالإضافة إلى إصدارات المركز من الدراسات والبحوث ونتائج المؤتمرات والندوات في مجال الدراسات الإستراتيجية والدفاعية. ولقد قام مركز الدراسات الإستراتيجية ومنذ إنشائه عام 2004 بعمل الكثير من الدراسات والأبحاث والندوات والمؤتمرات وورش العمل في شتى المجالات العسكرية والسياسية والدفاعية، وأصبح رافداً مهماً من روافد الاستقصاء والتحليل الإستراتيجي والدفاعي لأصحاب القرار، كما أثرى المكتبة الدفاعية العربية والأجنبية بإصداراته القيمة. لا يختلف اثنان على مدى أهمية الأبحاث والدراسات في مختلف جوانب العلوم، ولهذا لا تكاد تخلو دولة من دول العالم من مركز للدراسات أو الأبحاث، فالاهتمام بالمعرفة والعلم ومحاولة قراءة الأحداث الحالية دون الإغفال عن دروس الماضي تساعد في استشراف أفضل للمستقبل بشكل منطقي وواقعي، الأمر الذي يحدد بشكل كبير أبعاد تطور أو تحول الأمور والأوضاع، فيساعد في اتخاذ القرارات الصائبة ورسم الخطط والإستراتيجيات المستقبلية. إن تواجد مثل هذه المراكز يعكس مدى حرص الدول على تقدم حضارتها واستدامة تنميتها، ولعل وزارة الدفاع وغيرها من المؤسسات في الدولة التي بدأت ومنذ فترة غير قصيرة بدعم البحث والتطوير تعي أهمية مثل هذه المراكز، وبعد زيارتي للمركز وردت في خاطري فكرة حول الاستفادة من خبرات ومعارف القطريين الذين سبق أن عملوا في مجالات مختلفة في الدولة ولفترات طويلة، لما لا تتم الاستعانة بهم عند الحاجة لإعداد دراسة أو بحث في مجال اختصاصهم، ولا غرابة في ذلك، فالاستعانة بذوي الخبرة أمر دأبت عليه الكثير من الدول المتقدمة. وتعتبر الاستعانة بخبرات الاستشاريين الوطنيين في المؤسسات والمراكز البحثية من أكثر الطرق كفاءة للمساعدة في تحقيق الأهداف المرجوة، إن وجود فريق أو لجنة من الخبراء من الذين يمتلكون الخبرات والمعارف الجيدة في دراسة قضايا معينة للمساعدة والمشورة يسهم بشكل كبير في دعم التحاليل والتقييمات للمعلومات مما ينعكس بشكل إيجابي على نتائجها. وللوصول لمفهوم واضح لكيفية الاستعانة بالخبرات القطرية في مراكز الدراسات يجب وضع معايير ثابتة لمن تتم الاستعانة بهم تتعلق بالخبرات والمعارف والمهارات وكذلك رصد مكافأة أو رواتب نظير أعمالهم، والاستفادة منهم ليس فقط في الدراسات وإنما في نقل معارفهم وخبراتهم إلى الجيل الجديد من خلال الدورات والندوات وورش العمل وحلقات النقاش. ويزخر تاريخنا الإسلامي بالعديد من الأمثلة على الاستعانة بأصحاب الرأي والمشورة والحكمة في أخذ القرارات المصيرية، فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكل لجنة شورى تنفيذية في اختيار الخليفة من بعده من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين، وبالرغم من تحديد الخلافة في أحد الستة فإنه أشار عليهم إلى أن يحضرهم عبدالله بن عمر كمستشار وناصح وليس له من الأمر شيء. ولم يأت اختيار سيدنا عمر بن الخطاب لابنه عبدالله من فراغ فهو على دراية ووعي بما يتمتع به عبدالله بن عمر من سعة علم فهو أحد العبادلة من فقهاء الصحابة وقد كان من المتقين الزاهدين، فنظرة سيدنا عمر بأهمية وجود المستشار الكفء سوف تدعم وتعزز الاختيار الصحيح لولي أمر المسلمين.