11 سبتمبر 2025
تسجيل"حشاشة يوفي" عزيزي القارئ، تمهل ولا تستعجل بالحكم على هذا العنوان الجديد على مسمعك، فالعنوان صحيح وسليم من الخطأ المطبعي، واسمح لي ان ابحر معك في هذا المقال المختصر لتتعرف على علم فريد ومعرفة جديدة لم يسبقنا الغرب اليها والحمد لله، فنحن من تفردنا بها وابتدعناها وطورناها واحتفظنا بجميع اسرارها حكراً لنا في هذا العلم العجيب. فالتخبيط الاستراتيجي هو الاخ الأصغر للتخطيط الاستراتيجي، والاثنان هم ابناء "الحاج استراتيجي" ولكنهم كما قال "بوصالح" في مسلسل درب الزلق الشهير، هذا اخو هذا لكن الله خلق وفرق، فبالرغم من أنهم يمارسان نفس النشاط تقريبا الا وهو محاولة إنجاح الرؤى المستقبلية لمؤسسة أو منظمة أو كيان ما من خلال الإدارة الناجعة للموارد بهدف اتخاذ القرارات السليمة، الا أن هناك فرقا كبيرا بينهما، فالاخ الاكبر اي التخطيط (هداه الله وأصلحه) يحب التعقيدات والإجراءات، فهو يعشق ان يضع السياسات والأساليب والخطط والمناهج المدروسة في استخدام الموارد والمصادر المتوفرة لتحقيق الأهداف، ثم يقوم بوضع الآليات والإجراءات وكذلك توفير الأدوات والوسائل لتطبيق هذه السياسات والأساليب، والادهى والامر من ذلك كله أنه يقوم بالاشراف والمتابعة خلال عملية التنفيذ ليحرص على ان الخطط تم تطبيقها بشكل صحيح ويحرص كذلك على ان يضع نظاما للتغذية الراجعة ليتسنى له تقييم وتحليل النتائج لمواصلة التعديل والتطوير ان احتاج الامر. فكما ترى عزيزي القارئ فإن الأخ الأكبر، التخطيط، يحاول تسخير الجهد والموارد لأجل تحقيق الهدف بأسلوبه الطويل والمدروس والمعقد، بينما من جهة أخرى يأتي الأخ الأصغر الأستاذ والبروفيسور "التخبيط" الفاهم والعارف والعبقري ليحقق جميع ذلك في خطوات اقل وبكل سهولة ويسر، فهو يعتمد على الوحي الذي لا أحد يدري من أين يستلهمه. وحتى تتضح الصورة لك يا عزيزي القارئ دعني اصيغ لك مثالا من نسج الخيال ولا يرتبط بالواقع بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد، فمثلاً مؤسسة ما تريد ان تزيد من دخلها ومكاسبها المالية وتقلل من خسائرها، فبالتخطيط الاستراتيجي سوف يقوم المسؤولون عن المؤسسة بجمع المعلومات عن البيئة الداخلية من خلال معرفة نقاط القوة والضعف في المؤسسة وكذلك البيئة الخارجية من خلال تحديد الفرص والتهديدات في البيئة التنافسية المحيطة بالمؤسسة، ثم يقومون بعد ذلك بدراستها وتحليلها للوصول الى نتائج ستساعد في عملية اتخاذ القرارات الصحيحة وبالتالي تقود المؤسسة الى النجاح او كم يعتقدون ذلك. بينما في التخبيط الاستراتيجي، فإن الأمور اسهل وابسط من كل هذه التعقيدات وخصوصا اذا كان المسؤولين في المؤسسة هم ممن يتبنون هذا الفكر الالمعي في الإدارة (أي التخبيط الاستراتيجي)، فإن تحقيق الهدف الذي هو زيادة المكسب وتقليل الخسائر، يكون بشكل سهل وعبقري بحيث يتم التركيز على اسهل بند من بنود الميزانية العامة ألا وهو بند رواتب الموظفين، وذلك من خلال تخفيض الرواتب او الحرمان من امتياز مالي معين تنص عليه قوانين الموارد البشرية في المؤسسة، وطبعا لن يكون هذا الأمر بشكل مباشر وأنما بأسلوب تخبيطي ذكي ولئيم في نفس الوقت، فيتم استحداث متطلب معين مثلا ليساعد في تحقيق هذا التخفيض، كربط هذا التخفيض في الراتب او الحرمان من المكافأة بدرجة تقييم معينة مثلا او طلبات مبهمة وتعجيزية في المسؤوليات الوظيفية، وقد تقول عزيزي القارئ بأن هذا الامر سوف يؤثر سلبا على معنويات وأداء الموظفين في المؤسسة، فالجواب بكل بساطة نعم هذا هو المتوقع، ولكن هيهات ان يكون لهذا الأمر أهمية، لأن الموظفين ببساطة مغلوبون على أمرهم ولن يستطيعوا فعل أي شيء لأنهم لا يريدون ان يفقدوا وظائفهم فسيذعنون للأمر الواقع ويتقبلونه على مضض من جهة، ومن جهة أخرى سوف يحققون اهداف الفكر التخبيطي الاستراتيجي من تخفيض الراتب او الحرمان من المكافأة ان تراجع أداؤهم وقلة كفاءة انتاجيتهم. وختاما أقول: هناك مثل شعبي يقول ، قالوا اشلون ولدك يا عتيق ؟ قال العام يمشي والسنة ايحبي ، وسلامتكم.