10 سبتمبر 2025
تسجيلينظم مركز الدراسات الإستراتيجية التابع لوزارة الدفاع دورة بعنوان "إستراتيجيات القيادة وبناء الشخصية القيادية العسكرية" تستمر حتى 15 يونيو الجاري، وقد سررت بأن أكون احد المحاضرين في هذه الدورة المتميزة، بمحاضرة بعنوان "الشخصية الإيجابية وصناعة النجاح في بيئة العمل "، وقبل ان اتطرق الى بعض الخواطر على هامش المحاضرة اريد أولا ان اشيد بالجهد المبذول من قبل القائمين على المركز، الذين استطاعوا احداث نقلة نوعية خلال السنوات الماضية، حتى اصبح بحق منارا شاهقا من منارات العلم والمعرفة في دولتنا الحبيبة قطر. ونعود الى المحاضرة التي كانت تركز على الدور الفاعل للشخصية الإيجابية لتحقيق النجاح في محيط بيئة العمل، فبلا شك ان تواجد الشخصية الإيجابية في بيئة عمل ما سيكون له دور حاسم في تحقيق النجاح، فعندما يكون لدى الأفراد شخصية إيجابية، فإنهم يمتلكون توجهًا إيجابيًا تجاه التحديات والفرص والعلاقات المهنية. فالشخصية الإيجابية هي السمة التي يتسم بها الأفراد الذين يمتلكون نظرة تفاؤلية وطموحة تجاه الحياة، فهي مفهوم شامل يشمل العواطف والتفكير والسلوك والمواقف التي تعكس تفاؤلًا وإيجابية وقوة داخلية. ولعل من أهم ما تتميز به الشخصية الإيجابية القدرة على التأقلم مع التحديات والتعامل معها بشكل بناء، فالتفكير الإيجابي هو وسيلة لمعالجة المعلومات بنظرة متفائلة تساعد على درء السوداوية والسلبية في الأفكار والافعال، فالشخص الإيجابي دائما ما يحاول إيجاد الحلول مهما عظمت الصعاب. كما أن الشخصية الإيجابية تتصف بالقدرة علـى التفكيـر والإصغاء الجيد، فهو شخصية منتجة، ومنظمة، ويصلح صاحبها للعمـل القيادي، والاجتماعي، لقدرته على خطاب الآخرين والتأثير فيهم، فصاحب الشخصية الإيجابية لديه رضا داخلي وثقة بالنفس تجعله في مأمن من التقلبات العملية والاجتماعية. وبما أن النجاح هو تحقيق الأهداف بشكل عام، فالشخصية الإيجابية يجب ألا تكون أنانية او محبة لذاتها فقط، لأنها تسعى للنجاح سواء بشكل فردي او جماعي، فصاحب هذه الشخصية يرى أن العلاقات الاجتماعية الجيدة في محيط العمل اهم من تحقيق أي نجاح فردي على حساب مصلحة العمل او الغير، فهو يعي تماما أن بيئة العمل التي هي مجموعة الظروف والعوامل التي تحيط بالأفراد أثناء أداء مهامهم الوظيفية في مكان عمل ما، وأن هذه المساحة المكانية تحتم ان يتفاعل فيها الموظفون مع بعضهم البعض، لذا فمن الضروري ان يكون محور هذا التفاعل هو التعاون مع الاخرين تحت اطار مؤسسي واحد، وبناء العلاقات لا خلق العداوات. وفي وجهة نظري المتواضعة، أرى أنه ليس هناك ما يسمى ببيئة عمل سلبية، وإنما هناك أفراد تتملكهم الأفكار السلبية او المحبطة، وهم يترجمون أفكارهم هذه الى نظرة سلبية تنعكس على أفعالهم، وقد تؤثر تبعا على من يتعاملون معهم، فيكون نتاج ذلك أجواء مشحونة وغير مريحة تنفر الجميع من بيئة العمل هذه. وقد يتبادر الى ذهنك عزيزي القارئ التساؤل التالي، كيف يمكن أن نخلق بيئة عمل إيجابية اذا كانت جميع الظروف في هذه البيئة التي نعمل بها غير مريحة او كما يقال عنها عُرفا بأنها بيئة سلبية؟ والجواب باعتقادي هو تبدأ أولا بنفسك قبل ان تنظر حولك، فهل تتحلى بالاخلاقيات التي تجعلك قدوة حسنة مؤثرة في الآخرين؟، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والمثل الأعلى، فشخصيته صلوات الله وسلامه عليه كانت إيجابية وفريدة ومتميزة ومؤثرة في كل من حوله، هذه الشخصية الإيجابية التي يمتلكها رسول الهدى والرحمة (صلى الله عليه وسلم)، أدت الى خلق بيئة مبنية على التآخي والتواد والتكافل والإيجابية بين أصحابه وأتباعه، ولا غرابة في ذلك، فمن يتحلى بالصدق والأمانة والعدل والمساواة والرحمة والعفو والتسامح والتواضع، لا بد أن تؤثر هذه السمات الكريمة والصفات الجميلة في اخلاقيات وسلوكيات الاخرين بشكل إيجابي، فتصبح البيئة الاجتماعية المحيطة أكثر إيجابية ونجاحاً، لذلك فإن الابتداء بإصلاح النفس وحثها على هذه القيم النبوية الكريمة سوف يساعد بلا شك على خلق شخصية إيجابية تنعكس تأثيراتها في محيط بيئة العمل وتؤدي إلى النجاح.