31 أكتوبر 2025

تسجيل

دور السياسة الائتمانية في توجيه التمويل والاستثمار بالقطاع المصرفي

30 أغسطس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الصناعة المصرفية سواء (الإسلامية - التجارية) من القطاعات الرائدة في الاقتصادات المعاصرة، ليس فقط لدورها المهم في حشد وتعبئة المدخرات المحلية والأجنبية وتمويل الاستثمار الذي يمثل عصب النشاط الاقتصادي للتنمية المجتمعية، بل للأهمية الكبيرة والمتزايدة التي تحتلها المصارف الإسلامية بصفتها جزءاً من النظام المصرفي العالمي، وبديلاً مناسباً لها من حيث آلية التعامل مع قضايا التمويل والصيرفة المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية المتمثلة بإحلال المشاركة في الربح والخسارة محل الفائدة (مدينة – دائنة)، ما يجعلها في وضع قادر على مواجهة آثار التحديات التي تواجه عملها، فأصبحت صناعة الصيرفة برمتها تمثل حلقة الاتصال الأكثر أهمية مع العالم الخارجي وأصبح هذا القطاع بفعل اتساعه وتشعب أنشطته النافذة التي تنتقل بها رؤوس الأموال حول العالم وأصبح تطوره ومتانة أوضاعة معياراً للحكم على سلامة الاقتصاد وقدرته على جذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية وإذا كان القطاع المصرفي والحالة هذه واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية، فإن المصارف المركزية تمثل الداعم الرئيسي لنمو الصناعة وزيادة قدرتها على المنافسة والتطوير وذلك لما تقوم به من دور هام وضروري في إدارة السياسة النقدية والمصرفية والحفاظ على الاستقرار المالي وإرساء أسس نمو اقتصادي قابل للاستمرار، فمن المعلوم أن المصارف المركزية تسعى إلى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، متمثلا في النظام المصرفي، من خلال تنظيم عمل المصارف والإشراف عليها والتأكيد على سلامتها المالية والتزامها بتطبيق معايير وإجراءات تتفق والمعايير العالمية وكذلك المعايير المحددة من قبل الجهات الرقابية والمصارف المركزية، وحيث إن القطاع المصرفي الإسلامي جزءا لا يتجزأ من النظام المصرفي والمالي في الدول التي تعمل فيها، فإن الأمر يتطلب إخضاع هذه المصارف لأنظمة رقابية وإشرافية مناسبة تتناسب وطبيعة عملها واحتياجاتها، بما يضمن لها العمل في ظروف متساوية مع المصارف التجارية وهناك حاجة لتنسيق الأدوار التي تضطلع بها كل الأجهزة الرقابية والتي تلعب دورا أكثر إيجابية في التعامل مع المصارف الإسلامية وبما يمكنها من القيام بالدور المطلوب منها وفق القواعد والأسس التي تضمن سلامة مراكزها المالية وضمان حقوق المتعاملين معها ولذلك فإن التعاون والتنسيق البناء بين المصارف المركزية في مختلف الدول التي لديها مؤسسات مالية ومصرفية، سواء (إسلامية – تجارية)، بما يساهم في تعزيز الدور الرقابي والإشرافي على عمل هذه المؤسسات في الاستثمارات والتمويل والخدمات، ونظراً لأن المصارف المركزية هي أعرق تاريخاً وخبرة في العمل المصرفي، فإن عملياتها ستكون أكثر كفاءة ولا شك أن إحدى الإستراتيجيات التي ينبغي القيام بها للتعاون والتنسيق الكامل في أن المؤسسات الإسلامية تقدم خدماتها المصرفية بكفاءة عالية لا تقل عن كفاءة المصارف المركزية وأن تحظى بدعم الجهات التنظيمية والإشرافية المحلية والدولية لها وهو يمثل موضوع التقرير ومحاوره عن دور المصارف المركزية في إرساء السياسة الائتمانية كالتالي: أولاً: تطبيقات الرقابة المركزية على القطاع المصرفي تنظيم القطاع المصرفي والإشراف عليه يؤدي لزيادة المعلومات المتوفرة لدى المستثمرين وتحقيق عنصر الشفافية وضمان سلامة نظم التمويل وتحسين سياسته الرقابية كذلك يضاف الإشراف الشرعي على الأنشطة والتمويل والاستثمار الإسلامي، فهدف مراقبة المصارف المركزية ينطوي على محاولة التوفيق بين مصالح المودعين في زيادة حجم الأصول السائلة للبنك التجاري واستيفاء فوائد أعلى على الودائع وهي تتعارض مع مصلحة المقترضين الذين يقتضي إقراضهم التخفيف من احتفاظ البنك بأصول سائلة ودفع فوائد أقل على الائتمان الممنوح لهم ومن ناحية أخرى تكمن مصلحة المساهمين في البنك في تحقيق أقصى صافي ربح ممكن كلما انخفضت الفوائد المدفوعة للمودعين ومن هذه الأهداف:-  ضرورة التأكيد على سلامة المركز المالي للمؤسسات المالية والمصرفية.  مراقبة وتوجيه الائتمان المصرفي كماً ونوعاً.  حماية ودائع المدخرين والمستثمرين في المؤسسات المالية وحقوق المساهمين فيها.  التأكد من سلامة الجهاز المالي والمصرفي وتجاوبه مع متطلبات النمو والتنمية الاقتصادية. ثانياً: العلاقة بين المصارف المركزية وقطاع المصرفية الإسلامية تتأثر علاقة المصارف المركزية بقطاع المصرفية الإسلامية تبعاً لطبيعة العمل المصرفي الملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية التي تمثل قانوناً جوهرياً في تقييم أداء المصرف الإسلامي ومعاملاته من حيث الأنشطة والخدمات والمعاملات المقدمة ويكتسب البنك المركزي حقه في فرض الهيمنة والتحكم في السياسة المصرفية للبنوك، لأنه يمثل السلطة الفعلية لإرادة الدولة في تطبيق القانون ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية تمنح الدولة سلطات ومسؤوليات مباشرة في رعاية المصالح العامة ولذا فإن تدخل البنك المركزي بهذا الوجه يعد ضرورة لحفظ المال ومن ثم فهو مصلحة أكيدة يحث عليها الشرع، إلا أن تدخل البنك المركزي في هذا المجال ليس مقتصراً على هدف المال وإنما يمتد تأثيره لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية الشاملة من خلال توجيه الاستثمارات في قطاعات محددة واستخدام الأدوات النقدية المناسبة في حالات التوسع والانكماش الاقتصادي ومراعاة حالات التوازن، ولذلك فإن عمليات وأنشطة المصرف الإسلامي تخضع لمجموعات الرقابة كما يلي: - (الرقابة الشرعية) يختص بها فقهاء متمرسون في أحكام المعاملات المالية ويستند تبرير وجود مثل هذه الرقابة انطلاقاً من التزام المصرف الإسلامي بعدم التعامل بالفائدة، أخذاً وعطاءً. (الرقابة الداخلية محاسبية وإدارية) يقوم بها مجموعة المساهمين، لأنهم أصلاً أصحاب رأسمال. (الرقابة القانونية) تتولى الدولة مسؤولية القيام بهذه الرقابة من خلال المصرف المركزي وتبرر هذه الرقابة على أساس أن المصرف الإسلامي يمارس نشاطاته المصرفية في إطار دولة يحكمها قانون ودستور وتشريعات خاصة بها. ثالثاً: مفهوم الرقابة المركزية على الائتمان والسياسة الائتمانية تقوم المصارف المركزية في إطار هذه المهمة بالتأثير على الائتمان من حيث كميته ونوعيته وكلفته بما يخدم متطلبات الاستقرار النقدي والتنمية الاقتصادية من خلال أدوات السياسة النقدية المتاحة لتنظيم الائتمان وتشمل الدخول في عمليات السوق المفتوحة وتحديد نسبة الاحتياطي الإلزامي النقدي وتحديد سعر إعادة الخصم، وبالإضافة إلى ما تقدم أسهم البنك بصورة فاعلة في دعم جهود التنمية الاقتصادية والمالية في المساهمة، كإنشاء وتأسيس أسواق الأوراق المالية والجهات الإشرافية والرقابية على البورصات وهيئات والإيداع والحفظ المركزي وكذلك مساهمته بالقوانين والتشريعات للالتزام بضمان الودائع وغيرها الكثير، لذلك تجيز القوانين للمصارف المركزية استخدام أساليب عديدة لفرض رقابة كمية (Quantitive) ونوعية (Qualitative) على الائتمان، كالتالي: (الرقابة الكمية على الائتمان) تستهدف التحكم في حجم الائتمان الذي تقدمه المؤسسات المالية لمختلف القطاعات الاقتصادية، والتأثير في كميته بالزيادة أو النقص عن طريق استخدام المصرف المركزي لواحدة أو أكثر من الأدوات التالية، منفردة أو مجتمعة، لمعالجة الأوضاع الاقتصادية من كساد أو تضخم يعتمد على صحة دراسات المصارف المركزية وميكانيكية تطبيقها ومرونة العرض والطلب على الائتمان، منها (سعر الخصم وإعادة الخصم - بيع وشراء الأوراق المالية والتجارية - نسبة الاحتياطي النقدي - نسبة السيولة). (الرقابة النوعية على الائتمان) تستهدف تشجيع المؤسسات المالية على التوسع لتقديم الائتمان المصرفي لقطاعات اقتصادية معينة على حساب قطاعات اقتصادية أقل أهمية وذلك باستخدام واحدة أو أكثر من الأدوات التالية، كتحديد حصص مختلفة من القروض للقطاعات الاقتصادية، كأن يفرض تقديم حد أدنى لنسبة مئوية معينة من الائتمان لقطاع معين بذاته لتنشيط ذلك القطاع، كذلك التمييز في أسعار الفائدة باختلاف أغراض القروض، كأن يفرض تقاضي سعر فائدة أقل على الائتمان الممنوح لقطاع معين بذاته وأيضا التمييز في أسعار إعادة الخصم باختلاف أغراض إصدار الأوراق التجارية، فمثلا يتقاضى المصرف المركزي سعرا أقل عند إعادة خصمه للأوراق العائدة للقطاعات الأكثر أهمية في خطة الدولة مع إعفاء القروض للقطاعات الإستراتيجية من سقوف الائتمان المحددة. رابعاً: تطبيق السياسة الائتمانية على التمويل والاستثمار في المؤسسات المصرفية التجارية مصلحة البنك التجاري بصفته مؤسسة تهدف إلى تحقيق الربح لا تنسجم مع تعليمات المصارف المركزية، فيما يتصل بتحديد أسعار الفوائد (الدائن - المدين)، كما أن وجوب الاحتفاظ باحتياطٍ نقدي إلزامي لدى البنك المركزي وهذا الاحتياطي هو جزء من الأصول السائلة للبنك لا يتقاضى على جزء كبير منها عوائد وكذلك مصالح المتعاملين في البنك التجاري لا تنسجم مع تنظيمات السلطة النقدية الخاصة بمراقبة وتوجيه الائتمان، كماً ونوعاً، لتحقيق النمو المتوازن في الاقتصاد الوطني، فلا يستطيع هؤلاء المتعاملون الحصول على ما يشاءون من البنك التجاري، لا من حيث حجم الاقتراض ومجالات استخدام الأموال المقترضة مما يوضح صعوبة المهمة بإدارة وتنظيم مراقبة المصرف المركزي، فهي مهمة تقتضي في جميع الأحوال إجراء توازن دقيق بين هذه المصالح المتعارضة وبقدر ما ينجح هذا التوازن يتحقق الاستقرار في الاقتصاد المحلي. خامساً: تطبيق السياسة الائتمانية على التمويل والاستثمار في المؤسسات المصرفية الإسلامية التمويل والاستثمار في الصناعة المصرفية الإسلامية يقابل التسهيلات الائتمانية في البنوك التجارية ولكن يختلف اختلافا جوهريا من حيث طبيعة كل منهما، فبينما ينظر إلى التسهيلات الائتمانية على أنها قروض للمتعاملين واجبة الرد بفائدة (دائنة) محددة مسبقا بغض النظر عن نتائج أعمال المقترض، بينما يتخذ التمويل والاستثمار بالقطاع المصرفي الإسلامي الصور التالية:  تمويل شراء البضاعة ثم بيعها للمتعامل (مرابحة - مساومة - لأجل) وهذه البيوع ينتج عنها ذمم أو ديون مستحقة للمصرف الإسلامي على المتعاملين، أي أنه ائتمان وبالتالي يمكن إخضاعه لنسبة الائتمان إلى الودائع أو أي نسبة تتصل بالائتمان يفرضها المصرف المركزي.  المشاركة في تمويل صفقة معينة أو تأسيس مشروع معين مع متعامل أو أكثر مشاركة سواء كانت المشاركة ثابتة حتى انتهاء الصفقة أو المشروع أو مناقصة منتهية بالتمليك، بحيث يشترك الطرفان في دفع رأس المال واقتسام نتائج الأعمال، ربحا أو خسارة، بالنسب المتفق عليها، مثل هذا التمويل أو الاستثمار، لا يترتب عليه أي ذمم أو ديون على المتعامل (الشريك) تجاه البنك وبالتالي لا يمكن إخضاع هذه الصورة من الاستثمار لمتطلبات نسبة الائتمان إلى الودائع.  تمويل صفقة معينة أو تأسيس مشروع معين مع متعامل أو أكثر مضاربة، حيث يساهم البنك فيها برأس المال ويساهم المتعامل بجهده ويقتسم الطرفان الغرم والغنم فيها، ففي حال الغنم (الربح) يوزع الصافي بين الطرفين حسب النسب المتفق عليها وفي حال الغرم (الخسارة) يتحمل البنك خسارة المبالغ كاملة. ويخسر المضارب جهده فحسب ولا تمتد الخسارة إلى ماله وهذا التمويل لا يترتب عليه أي ذمم أو ديون على المتعامل (المضارب) تجاه البنك وبالتالي لا يمكن إخضاع المضاربة لمتطلبات نسبة الائتمان إلى الودائع.  الاستثمار المباشر بالتجارة أو الصناعة أو العقارات والأوراق المالية وهي غالبا لا تنطوي على ائتمان أو ديون للبنك تجاه الغير وبالتالي يخضع الائتمان الذي قد ينجم عنها لنسبة الائتمان إلى الودائع أو مثيلاتها.  إخضاع القرض الحسن لمتطلبات نسبة الائتمان إلى الودائع أو أي نسبة تتصل بالائتمان يفرضها المصرف المركزي، لأنه ينطوي على ائتمان مباشر وإن كانت أهدافه اجتماعية وإنسانية.