14 سبتمبر 2025
تسجيلوداعا يا شهر رمضان ما أراد بعضنا لك وداعا، لكنها دورة الفلك لا قادر على تغيير مجرى تلك الدورة إلا الله عز وجل. كنت أتابع صلاة التراويح وصلاة القيام في المسجد الحرام وبعض مساجد ديار الإسلام عبر شاشات التلفزة، ورحت أتأمل تلك الجموع المحتشدة في الحرم المكي أو المدني أو أي مساجد أخرى شاهدتها على شاشة التلفاز وهي تذرف الدموع من خشية الله وترفع أكفها عالية مستغيثة ومبتهلة إلى الله عز وجل أن ينصر الأمة الإسلامية في كل حروبها ضد العدوان الخارجي، ضد البغي والظلم والاستبداد والطغيان. رأيت تلك الوجوه في الثلث الأخير من الليل وأبصارها شاخصة نحو السماء ترجو الرحمة والغفران من الله عز وجل. وكان إمامنا الشيخ جاسم غفر الله لنا وله وهو يترنم بآيات الله ويرتلها ترتيلا بلسان عربي فصيح لا اعوجاج فيه يبكي المصلون خلفه عند كل آية معبرة وكل آيات الله معبرة إلا أنه يرفع صوته عند آيات التنبيه والتحذير وخفض صوته عند آيات طلب المغفرة والتوسل إلى الله عز وجل، وكان الكثير من المصلين خلفه يجهشون بالبكاء من خشية الله. كان قنوته ينصب على رجاء الله ويستنصره أن ينصر أهلنا في بلاد الشام على الظالمين الباغين وأن يحقن دماءهم وأن لا يول عليهم من لا يخافه ولا يرحمهم ، وكان لبيت المقدس والأرض المقدسة نصيب في قنوته وجال بدعائه لأهل اليمن أن يخلصهم من الظالمين الباغين والقتلة وأن يوفقهم لمن يحكم كتاب الله في شؤونهم وأمور دينهم ودنياهم وأن يؤلف ين قلوبهم ويجعلهم في دين الله إخوانا لا ظالم ولا مظلوم. أما الصومال فكم كنت أتمنى أن يكون دعاء الشيخ جاسم في صلاة القيام في الثلث الأخير من الليل على وسائل إعلام أشمل وأوسع لأنه دعاء معبر محزن مبك كان المصلون يجهشون بالبكاء وهو يطلب الغوث من الله أن يكسي عراتهم ويشفي مرضاهم ويروي عطشهم وينبت لهم الزرع ويدر لهم الضرع، حتى الحيوان في الصومال لم يستثن من الدعاء له بالغيث وإنبات الكلأ ولم ينس ليبيا الشقيقة من الدعاء لهم بأن يكتمل نصرهم على البغاة القتلة وأن يعينهم على إقامة العدل والمساواة بين الناس وأن يحكموا كتاب الله فيما اختلفوا فيه بعد تطهير الأرض من الظالمين. إلى جانب ذلك كان كل من استمعت إليهم من الأئمة رحمنا الله ورحمهم يدعون الله أن يغفر الذنوب والخطايا إلى آخر أجمل كلمات الدعاء وأكثرها مسا بمشاعر المصلين. لقد توقفت كثيرا عند تلك المناظر التي رأيتها في المساجد عبر شاشات التلفزة ورأيت الخشية من الله على وجوه المصلين ورحت أستفسر من عقلي لو كان هؤلاء القوم على قلب رجل واحد وكانوا صادقين في توجههم إلى الله وتقديم العهد له بنصرة دينه، الدين الإسلامي وتنفيذ تعاليمه، والتآخي والتراحم فيما بينهم هل ستتغلب عليهم أمة من الأمم وهل ستبقى الأرض المقدسة أرض المعراج أسيرة بيد بني إسرائيل؟ إن أخشى ما أخشاه أن تكون تلك المناظر وتلك الانفعالات الإنسانية من دموع وتضرع إلى الله إنما هي موسمية أي تنتهي بنهاية شهر رمضان المبارك. وأخيرا هل كل منا قطع العهد على نفسه أن يكون حضوره إلى المسجد بعد انتهاء شهر الصوم كحضوره إبان شهر رمضان المبارك ؟ هل كل منا عاهد الله على أن يتزين بأخلاق القرآن وأن لا يبغي على أحد من الناس ولا يظلم وأن يكون صادقا مع نفسه في كل ما يرضي الله ويحفظ للإنسان كرامته واحترامه؟ آخر القول: علينا أن نفتح صفحة جديدة قي التعامل مع الله وعباده بما أمرنا في كتابه العزيز، وكل عام وأنتم بخير.