12 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة الموت والخوف

30 يوليو 2015

لستُ من مشاهدي البرامج والمسلسلات في شهر رمضان، ليس كرهاً وتحريماً للتلفاز، ولكن بسبب كثرتها. وما استغربته في شهر رمضان هذا العام، وجود أربعة برامج من إنتاج شركات ومحطات تلفزة مختلفة في الوطن العربي، ولكنها تتمحور حول الفكرة نفسها، وهي "رامز واكل الجو"، "هبوط اضطراري"، "الطيارة" و"التجربة الخفية". وجميع هذه البرامج كانت على شكل "مقلب" مع ضيوف البرنامج، لتصوير ردود الأفعال الطريفة للضيف، حيث تدور فكرة البرامج الثلاثة الأولى، حول وجود عطل في الطائرة سيؤدي إلى وقوعها، فتنتاب الضيف حالة من الذعر والخوف، متوهماً أنه يعيش لحظاته الأخيرة. أما البرنامج الأخير، فهو عبارة عن قفز الضيف "بالبراشوت" بمرافقة أحد المدربين، إلا أن خطأ فنياً غير متوقع، يمنع فتح "البراشوت"، ليصرخ الضيف اعتقاداً منه أن نهايته أوشكت. وقد استوقفني الجدل الذي أُثير في مواقع التواصل الاجتماعي حول حلقة برنامج "رامز واكل الجو"، التي حققت نسبة مشاهدة عالية مع الممثلة الأمريكية "باريس هيلتون"، حيث أكدت هيلتون أنها سوف تقاضي البرنامج. ولابد من أن نقف ونحلل وندرس ما قالته هيلتون، نقلاً عن مجلة "الرجل": هل عرفت لماذا يقتل العرب بعضهم بعضاً؟!! والسؤال الذي طرحته مجلة "الرجل": هل يعقل أن كل ما حصل كان لإضحاك المشاهدين العرب؟ ولماذا يضحك المشاهدون على مشهد مأساوي؟ والغريب أن تقوم محطات التلفزة بشراء هذه البرامج، وتقوم شركات تجارية بوضع إعلاناتها خلال هذه البرامج. والأغرب أن هذا النوع من البرامج يُقيّم على أنه الأفضل في الوطن العربي، في استفتاءات عن برامج رمضان في المواقع الإلكترونية. لماذا يساهم الإعلام بكافة أنواعه في نشر ثقافة الموت والخوف بدلاً من ثقافة الحياة؟ لماذا نشاهد ونساهم بنشر الرعب والقتل وتقطيع الرؤوس والحرق والتعذيب، فيما نستنكر ما تقوم به داعش؟ طالما أن وسائلنا الإعلامية وشركات الإعلانات والمطارات والفنادق والهيئات الحكومية في العالم العربي تساهم في نشر ثقافة الموت والخوف من أجل الشهرة والمادة، فلا عجب من تفشي الثقافة الداعشية لدى الأطفال والشباب، بدلاً من ثقافة الحياة والقيم ومبادئ الحب والتسامح.