13 سبتمبر 2025
تسجيلالأمن الغذائي يتأرجح بين إمكانية تطبيق الجودة الشاملة في الإنتاج الغذائي، وبين تهيئة وسائل مشجعة للمنافسين في مجال صناعة الأغذية، أضف إلى ذلك المخاوف العالمية من دخول منطقتنا في حالة انعدام الغذاء.هذه حقيقة.. فقد وصف تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للعام 2013 عالمنا، بأنه دخل مرحلة انعدام غذائي، بسبب سوء التغذية، وتزايد أعداد الجوعى والحرمان من الغذاء، والنزاعات المسلحة التي أضرت بالاقتصاد الزراعي والغذائي.وانطلاقاً من حاجة الشرق الأوسط لإنتاج غذائي متوازن للدول التي يعيش بعضها نزاعات، ويشهد عدم استقرار، فإنّ منظمات الأغذية وشركات الإنتاج تسعى لتطبيق الجودة في كل منتجاتها.ورغم صعوبة تطبيق الجودة الشاملة في الوقت الراهن في الكثير من أسواق المنطقة العربية بسبب حجم الدمار الذي خلفته الخلافات والنزاعات، إلا أن الشركات المصنعة والمنتجة للغذاء تسعى إلى ترسيخ ثقافة الجودة. ظهر مصطلح الجودة في الثمانينات، وأدى إلى إحداث تغيير جذري في جودة المنتج المطلوب، ليتحول إلى ركن جيد للإدارة بدلاً من الرقابة حتى يمكن وضع الخطط الإستراتيجية بعيدة المدى.فالجودة حالياً.. هي دراسة رغبات وتوقعات العملاء لمشاريع تعتبر ركيزة أساسية في التعامل.وتعني الجودة تقويم مستمر للكفاءة والفاعلية، وتحليل نتائج الخروج من إدارة غذائية إلى استهلاك للمنتج.في تحليل سريع للتخطيط الإستراتيجي، فإنّ جودة الأغذية هي محك العمل وجودته، ويلعب عنصر إرضاء المستهلك دوراً رئيسيا بل هو عامل الجذب الأهم لبقاء صناعة الأغذية.كما أنّ تحقيق الجودة في الغذاء سيوفر الأمن الغذائي بما يتناسب مع حجم العمل المبذول في سبيل تحقيقه، فالجودة تحسن من أداء شركات ومنظمات الأغذية، وتعمل على إعلاء قيمة المنافسة السوقية للمنتج الغذائي، وتعمل أيضاً على اتساع السوق، وكل هذه الاتجاهات هي التي توجه أهداف الجودة.ولا يخفى على أحد أهمية التخطيط الاستراتيجي في أيّ منتج يقدم في السوق، وفي مسألة الأمن الغذائي فلابد من تحقيقه لكونه ضرورة في بيئات تعاني من التلوث وانعدام التوازن الغذائي وخلخلة الإنتاج الزراعي.فالتخطيط يعمل على زيادة المنافسة، وانفتاح السوق على بعضه، وإمكانية الوصول إلى العالمية، ومن هنا كان من المناسب الأخذ بتجارب الآخرين في وضع حماية إنتاجية للزراعة والغذاء، ولابد من إدخال سياسات الحماية الغذائية في البرامج الموجهة لهذا النوع من الإنتاج.وقد ذكرت في تقرير سابق أنّ تحديات بيئية خطيرة ستفاقم من حدة نقص الغذاء وهي التغير المناخي، وانتشار الأمراض والأوبئة، ومخاطر من وصول تأثيرات انتشار السلاح النووي على الإنتاج الزراعي والمحاصيل، وانعدام التوازن بين القوى الاقتصادية عالمياً. كما رصد تقرير المنتدى الاقتصادي للعام الحالي الأمن الغذائي بأنه مصدر قلق رئيسي وأن هناك "870" مليون جائع عالمياً، وأن الخطر يتفاقم بسبب الأحداث المرتبطة بالمناخ وارتفاع الأسعار وانتشار أمراض الحيوانات والطيور وتأثير الخلل المناخي على الزراعة والقطاع السمكي.وحدد أنّ مقومات الأمن الغذائي في سلامة الخصائص الجغرافية والمناخية والبيئية والغابات والموارد المائية والزراعية والبشرية والحيوانية وفي حالة عدم تحقق المقومات فإنّ الفجوة الغذائية حاصلة لا محالة وتبدو آثارها واضحة. يرى تقرير لجنة الأمن الغذائي "الفاو" أنّ انعدام الأمن الغذائي هو أكبر معوق للتنمية الاقتصادية إضافة إلى النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والجفاف وهي السبب الرئيسي في أكثر من "35%" من حالات الطوارئ الغذائية، وأنّ أكثر من نصف البلدان التي ينتشر فيها نقص الغذاء، وأنّ "75%" من سكان العالم يعيشون في مناطق متضررة، ويتعرض مليارات الناس في أكثر من "100" بلد لحالات جفاف وفقر وزلازل وأعاصير و"11%" معرضون لأخطار بيئية.في المقابل هناك تحرك بطيء من المنظمات المعنية بالأغذية لإنقاذ الأراضي الصالحة للزراعة من الزحف العمراني أو التجريف، وعدم وجود آليات إنقاذ فاعلة لتوفير مخزون غذائي كاف، وضبابية الرؤية الاقتصادية بشأن آليات توفير المخزون.إذا انتقلنا إلى المنطقة الخليجية فليست بعيدة عن خضم المتغيرات بحكم موقعها الاستراتيجي، كما تلعب البيئة الجغرافية دوراً مهماً في قلة الأراضي الزراعية أو المستصلحة للزراعة إلى جانب ندرة الأمطار، وتأثير المناخ الحراري على المزروعات، مما يضعف من وجود إنتاج جيد سوى القليل من إنتاج البيوت المحمية.يرى الخبراء أنّ الاستثمار في الزراعة ضرورة ملحة حيث يمثل الإنفاق المعيشي على توفير الغذاء للأسر احتياجاً رئيسياً، ومن هنا لابد من إجراءات فاعلة للمؤسسات الخليجية في التعامل مع الارتفاع المستمر في المرحلة المقبلة دون الاعتماد على الاستيراد، إنما التوجه لدعم المصانع الصغيرة والمزارع الصغيرة والبيوت الإنتاجية والأسر المنتجة والأسر الحاضنة للمزارع في بيوتها، وتقديم حوافز للأسر والمصانع المنزلية، وتقديم خبرات ودورات معرفية وتقنية لها لبناء قاعدة إنتاجية ملائمة من الصناعات الغذائية البسيطة تساند.