14 نوفمبر 2025
تسجيلاعترف بنيامين نتنياهو بأنه يواجه عدوا شرسا في غزة، من جانب آخر بدأ التململ الإسرائيلي جرّاء الخسائر البشرية في صفوف الجنود يتزايد, ظهر ذلك في مقالات وتحليلات وتعليقات الصحافة الإسرائيلية على الحرب وفي أقوال الإسرائيليين العاديين. فقط, خسرت إسرائيل 10 جنود قتلى في عمليتين عسكريتين للمقاومة, وهو ما يزيد نسبة خسائرها إلى 100 جندي منذ بدء العدوان. التعليقات الإسرائيلية انصبّت في معظمها على تردد القيادة السياسية في أخذ القرارات وهذا وفقا لوجهات نظرهم أساء إلى الجيش وأربك قيادته وزاد من حيرة الجنود, فنتنياهو يعد في غالبية مؤتمراته الصحفية وتصريحاته بأنه سيتخذ قرارا بتوسيع العملية العسكرية – بالطبع يقصد العملية البرية – في القريب العاجل, والحرب قاربت على نهايتها وهذا ما تشير إليه مصادر كثيرة, ولم يتم اتخاذ قرار حكومي بتوسيع رقعة الحرب. المقاومة الفلسطينية وفقا لنفس المراقبين استطاعت جرّ الجيش الإسرائيلي إلى إستراتيجيتها وتكتيكاتها العسكرية, وإلى هذا السبب يعزو ذات المراقبين, ارتفاع الخسائر اليومية الملحوظة مؤخرا بين صفوف الجيش في كل يوم قتالي جديد. مما لا شك فيه أن المقاومة الفلسطينية استطاعت إدارة المعركة في مواجهة إسرائيل عسكريا لثلاثة أسابيع ولديها القدرة على الاستمرار طويلا "وفقا لما تقوله مصادرها" فيها, فهي من ناحية لديها صواريخ بأعداد كبيرة, وهي جاهزة لكل الاحتمالات الممكنة، بما في ذلك إمكانية توسيع رقعة الحرب, وقد أعدت الخطط لذلك, ومن ناحية أخرى بدأت الشرعية التي أضفتها إسرائيل على حربها في البداية على المستويين الداخلي والخارجي (وخاصة الدولي) في التآكل والانحسار التدريجي, فما ترتكبه بين صفوف المدنيين الفلسطينيين من عمليات قتل واسعة وبين الأطفال تحديدا, ساهم إلى حد كبير في تآكل هذه الشرعية. على صعيد آخر بدأ نتنياهو مؤخرا في تصعيد شروطه لوقف إطلاق النار في الصراع الدائر في غزة , فأحد أبرز شروطه هو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية, وهذا أيضا ما يطالب به كيري. نتنياهو يدرك بينه وبين نفسه استحالة قبول المقاومة بهذا الأمر, لأن من الطبيعي أنه إذا استجاب الطرف الفلسطيني لما يطلبه رئيس الوزراء الإسرائيلي, فإن الجيش الإسرائيلي سيقوم بقتل واعتقال كافة القادة وناشطي الفصائل المقاومة بلا استثناء, والاحتمال وارد بإعادة احتلال غزة ! نتنياهو يطلب الكثير حتى يتمكن من تحصيل القليل بالشكل الذي يتمكن فيه (من وجهة نظره) من إقناع الشارع الإسرائيلي بنتائج الحرب, وحصول إسرائيل على بعض المكتسبات من نتائجها, أي أن الخسائر الإسرائيلية لم تذهب سدى. نعم , إن مستجدات كثيرة طرأت على السمات المحددة للصراع العربي – الصهيوني, أول هذه العوامل الإمكانية الواقعية للوقوف في وجه إسرائيل وتحقيق توازن الردع معها وصولا إلى إمكانية هزيمتها عسكريا.نقول ذلك لأن معظم الحروب الكلاسيكية التي خاضتها إسرائيل استطاعت الانتصار فيها، مرات قليلة هي التي هزمت إسرائيل فيها, منذ عام 2000 وعندما اضطرت للهرب من الجنوب اللبناني, بدأ التحول في نمطية وبدء ظهو رسمات جديدة له, بعد تجارب حروبها على لبنان عام 2006 على غزة 2008 -2009, وفي حربها على غزة عام 2012 , وفي هذه الحرب, أصبح هذا الأمر حقيقة واقعة.العامل الثاني المقاومة وليس المفاوضات هي القادرة على إجبار إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية, وإلزام المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ المطالب الفعلية المتعلقة بهذه الحقوق, ومن ثم يمكن ساعتها تطبيق قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن. العامل الثالث: إن ما يمنع تمرير الحل (التسوية) الإسرائيلية هي المقاومة المسلحة, ولولاها لاستطاعت إسرائيل فرض حلولها منذ زمن طويل، لقد اضطرت إسرائيل لتغيير عقيدتها الأمنية, فلم يعد بإمكانها خوض كل حروبها خارج حدود دولتها مثلما كان سائدا من قبل, الآن تداعيات حروبها تصل إلى كافة مدنها ومناطقها ومستعمراتها. تطرق إلى هذا الأمر (تغيير العقيدة الأمنية) مؤتمر هرتزيليا الإستراتيجي السنوي الأخير (14) الذي انعقد في يونيو الماضي.لذا فإن الجهات الفلسطينية التي تؤمن بالمفاوضات كنهج وحيد لتحصيل الحقوق الفلسطينية بحاجة إلى تعديل إستراتيجيتها في الصراع مع إسرائيل. ما نود تأكيده أيضا: صحيح أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري غادر المنطقة غاضبا واضطر إلى قطع جولته الجديدة في المنطقة عائدا إلى واشنطن, لكنه مضطر للعودة لإنقاذ الحليف الإسرائيلي. ما فعله كيري, مارسته كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية عام 2006, حينها, وفي بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان ذلك العام , رفضت الوزيرة الأمريكية مقترحا لبنانيا لوقف إطلاق النار. بعد مضي شهر وبعد الخسائر البشرية في الجيش الإسرائيلي في معارك بنت جبيل البرية, اضطرت إسرائيل لطلب وقف إطلاق النار, عندها, عادت رايس إلى المنطقة لتتقدم بالطلب الإسرائيلي إلى لبنان.