19 سبتمبر 2025
تسجيلبين فارس ترجّل وسلم الأمانة وهو مرفوع الهامة وودع شعبه وسط دموعهم، وبين فارس تسلم العهدة برباط وعزم وسط تبسمهم، كانت قطر وحكامها وشعبها المعروف ب"النسيج المتكامل" بين خطابين حمل الأول لغة ونبرة الوصية والآخر لغة التوجيه والاستراتيجية، ابتعد الخطابان عن اللهجة العاطفية والكلمات البلاغية السائدة في لغة الخطابة العربية التي تناجي غالبا خصائص مجتمعات شفوية تتأثر بالمنطوق العاطفي بشكل كبير دون رصيد بنيوي فاعل، ولكن أطّر الخطابان لنهج سلف ورسما نهج خلف اعتمد على ركائز ولبنات أساسية للنهضة الشاملة لسياسة دولة قطر الداخلية والخارجية. والتي أكد عليها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في بداية خطابه للشعب القطري ملخصا فيها نهج سمو الأمير الوالد بوصف إنجازاته لقطر : "ثورة هادئة ومتدرجة وشاملة في كل مفاصل الدولة القطرية بلا استثناء، الاستثمار والاقتصاد والإعلام والثقافة والسياسة الخارجية والتعليم والصحة والرياضة والبيئة، ليصنع في بضع سنين معجزة حقيقية في هذه المنطقة، ويقدم أنموذجا فريدا لشعوبها." نحن الشعب القطري نوافق أميرنا في هذا التشبيه بالمعجزة، وإذا كان سمو الوالد قد ذكر امام محفل غربي في واشنطن في محاضرة في جامعة جورج تاون مايو 1997 اي بعد تقلده الحكم بعامين تقريبا بأن: "على الرغم من اعتزازنا بالتغييرات التي استحدثناها في بلادنا، عليكم أن تدركوا بانه ليس في نيتنا ان نلّوح بعصا سحرية لإجراء التغييرات التي نتطلع إليها في عشية وضحاها.... حيث إن التغير يجب أن يأخذ في الاعتبار الحداثة مع الاحتفاظ بتراثنا وعاداتنا وثقافتنا." وانا اعتقد أن صنيع الوالد أشبه بالمعجزة ربما ليست بعصا سحرية ومارد الفانوس، بل هي أقرب لعصا مباركة توكأ عليها وساس بها بعدل وصنعت له مآرب أخرى. أجد قطر اليوم أشبه بالعروس ابنة الثمانية عشر عاما، تلك الفتاة الغضة الشابة التي تعهدها الأمير منذ ولادتها ونعومة اظفارها ليسلمها الآن عهدة وهي في أوج ريعانها وصباها وتوهجها وجمالها وازدهارها لسمو الشيخ الأمير الشاب تميم. التأريخ هنا أرمز فيه "لتاريخ نهضة دولة قطر الحديثة" والذي أكد عليه سموه أيضا في خطابه. وكما يقال لعروس لا تضاهى — مثل قطر — يا بخت العريس بك، يقال لها أيضا يا بختك ب "الشيخ تميم بن حمد" هذا والايام ستنجب باذن الله اثرا طيبا بعد الخطاب المنهجي الشامل. لم تكن سعادتنا بالنهج السياسي لقطر في خطاب سمو الأمير مونولوجا داخليا، بل إنه على الصعيد الدولي أزاح الهمّ السياسي الكبير بحنكة واقتدار مؤكدا على أن قطر "فوق الحزبية والطائفية" حتى غدت هذه المقولة من خطابه المانشيت الرئيسي لكافة الصحف الدولية وفيها يؤكد: " نحن دولة وشعب ومجتمع متماسك ولسنا حزبا سياسيا، ولهذا فنحن نسعى للحفاظ على علاقات مع الحكومات والدول كافة كما أننا نحترم جميع التيارات السياسية المخلصة المؤثرة والفاعلة في المنطقة، ولكننا لا نحسب على تيار ضد آخر، نحن مسلمون وعرب نحترم التنوع في المذاهب ونحترم كل الديانات في بلداننا وخارجها، وكعرب نرفض تقسيم المجتمعات العربية على أساس طائفي ومذهبي" التركيز هنا يأتي لأن الأحداث الدامية في المنطقة العربية مؤخرا قد التهبت بفعل العزف على اوتار الطائفية ودخول الفاعلين الدوليين في هذه الحلبة لشق الصف، والتي تنأى بها قطر عن اشعال فتيلها خصوصا وإن قطر كانت ولا زالت موضوعية النخوة والنصرة، يجسدها وقوفها مع حزب الله في حرب اسرائيل ضده في لبنان عام 2006 وتجشمها إعادة إعمار الجنوب، ودعمها اليوم الشعب السوري لنيل مطالبه ذلك الذي انكوى مؤخرا ممن يطلقون على انفسهم "مسلمين" كان قد آواهم بالأمس. ولو حللنا الخطاب سنجد أن الأمير هنا يؤكد عن اننا كدولة نحترم التيارات ولكنه قرنها بالصفة التي جاءت بعدها بكلمة "المُخْلَصَة" ولعمري إنه احتراز جميل، نعم نضع يدنا في يدك يا سمو الأمير نحترم الجميع أما التيار غير المخلص فليذهب الى الجحيم حتى يعود إلى رشده. أما التلويح لعلاقة قطر بالإخوان المسلمين فيما تناولته الصحف بالتحليل، فالخطاب في سياسة قطر هنا يؤكد انها دولة وليست حزبا اومذهبا أوجناحا أو فصيلا. إذا فليسهر الخلق جراها ويختصموا. وإننا نجد أنه حين ركزت مختلف الصحف الدولية على ما سبق وأشبعته تحليلا أثلج صدرنا نحن القطريين تعزيز هويتنا وريادتنا وتجسيد موقع دولة قطر في الخريطة الدبلوماسية الدولية القول: "نحن قوم نلتزم بمبادئنا وقيمنا لا نعيش على هامش الحياة ولا نمضي تائهين بلا وجهة ولا تابعين لأحد ننتظر منه توجيها.. لقد أصبح نمط السلوك المستقل هذا من المسلمات في قطر وعند من يتعامل معنا نحن أصحاب رؤية." نعم قطر رأسٌ لا ذَنَبْ.. لا قَيْنُقًاعَ..ولا اشباهَ ابنُ ابِي سلولٌ ولا ابن سبأ.. ولا قوم تبُّعْ.. "فحقّ وَعيدْ" لا فض فووووك يا سمو الأميرتميم، حمى الله القائد الوالد الذي لم يتنحَ من قلوبنا ولا زلنا كما ذكرت نأمل منه بل نرتجيه أن يأخذ بأيدينا وألا يحرمنا قربه ونصحه ومشورته، وحفظ الله امّاً نجيبة أنجبتك. أما انت أيها الفارس المحنّك فسر ببركة الله على الصّافِنًاتِ الجِيَادْ فلم ترِث عرشَ قطر بل ورثتَ قبْلَهُ حبَّ شعبها وأرضها وترابها امتداد الشرايين من سويداء قلب الوالد حمد وورثت خبرة محنكة وحصّنتنا برؤية سابقة سديدة جعلتنا متن النص لا هوامشه.