23 سبتمبر 2025

تسجيل

مخرجات التعليم.. بين الكم والكيف

30 يونيو 2019

منذ تشغيل مبادرة التعليم لمرحلة جديدة وحتى هذا اليوم لم يتوقف سيل الانتقادات المتعلقة بمعطيات التعليم ومنغصاته، والتي لا يستشعر بها إلا الذين يتعاملون مع التعليم باختلاف الفئات في المجتمع، بالرغم من دخول الكثير من التعديلات على بعض معطياته إلا أن التعليم يبقى معضلة معقدة لأنها تمس أكبر شريحة في المجتمع ويتطلب إدارة ملمّة بمعطياته مدّعمة بخبرة تعليمية ذات كفاءة عالية، لذلك لا نستغرب كثرة الانتقادات فتلك ظاهرة صحية، ولا نستغرب المطالبة بالتعديل أو التصحيح فهذا حق المجتمع في المشاركة التعليمية باعتباره النواة لأساسيات التعليم عند وضع الاستراتيجية التعليمية بما يتفق وطبيعة المجتمع قيمه وبيئته وأهدافه، وهذا هو المسار الصحيح في النجاح، لذلك حين ضجت الوسائل الإعلامية باحتجاج أولياء الأمور والمعلمين حول طول السنة الدراسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فهذا مطلب مجتمعي، ومن حقهم النظر فيما فيه مصلحة أبنائهم، فهم المتضررون، فليس من يعمل في الميدان في ظروف صيفية قاسية تخللها شهر رمضان شهر العبادة والطاعة وعيد الفطر وفترة زمنية لا نهاية لها تتطلب جهداً بدّنياً وتركيزاً فكرياً، كمن يعمل وراء مكتبه ويصدر قراراته، في ظروف تختلف وبكل أريحية، كما هو الاختلاف بمن يتعامل مع منهج وطلبة وأنشطة، وبمن يتعامل مع أوراق وملفات ادارية.  …. لا نختلف بأن هناك تحسينات وتعديلات طرأت على بعض معطيات التعليم كالمناهج الموحدّة، وإلغاء الاستقلالية الإدارية، وتطوير مادتي اللغة العربية والشرعية، والعودة الى بعض الأنظمة التعليمية السابقة وغيرها، إلا أن الفترة الزمنية الطويلة في التمدّرس والاختبارات الوطنية وطولها وصعوبتها في ظروف غير مناسبة شكلا تضجّراً واحتجاجاً لدى المتعاملين معها ـ الطلبة أولياء الأمور والمعلم ـ ومازالت الانتقادات سارية خلال المنصات المجتمعية، حول طول السنة الدراسية الحالية، والتي تجاوزت مدتها أكثر من عشرة شهور،. وبناء على الشكاوى والاستنكارات، فإن مجلس الشورى في جلسته يوم الثلاثاء بتاريخ 6/25 يوصي بإعادة النظر في طول العام الدراسيّ، وتحديد توحيد الإجازات، هذه المعضلة التعليمية السلبية في الفترة الزمنية لدوام الطلبة التي انتهت بعد أكثر من عشرة أشهر متواصلة، جمعت فيها الفصول السنوية الأربعة، لم يشهدها تاريخ التعليم مسبقا في دولة قطر، فما الذي حدث هذا العام يا مسؤولي وزارة التعليم !! ما الهدف من طول العام الدراسيّ الذي انتهى بفصوله الزمنية وأعياده ومناسباته !! أليس من خطط واضعي المناهج الدراسية الموازنة الدقيقة بين المناهج والسنة الدراسية لانتهائها !! أليس هذا دليلا يؤكد أن الاستراتيجية والأنظمة التعليمية سُطّرت بعقول مؤسسات تعليمية أجنبية " ومنها " مؤسسة راند " التي لا تدرك طبيعة المجتمع القطري وقيمه وبيئته المناخية !! وهل يعتقد أصحاب القرار أن طول الدوام يثمر عباقرة وعلماء!! وهل اكتفت الوزارة بسد الثغرات السلبية التي نخرت أساسيات المبادرة، وجعلتها موضع استنكار في مناهجها ومعلميها ومخرجاتها واختباراتها الوطنية لتضيف سلبية أخرى تبحث عن مخرج وتكون عرضة للنقد، هل يعتقد المسؤولون أن الدراسة الطويلة مقياس لجودة تعليمية متميزة، أليس الجهد البدني والفكري عائقين في طريق عمليتي التركيز والفهم، كما هما عائقان لجهد المعلم، أيهما الأفضل في الجودة الكم أو الكيف !! إذن فكيف الجودة في التعليم، والجودة في المخرجات،، أليس ما يحدث يعد نفورا غير مباشر من التعليم الذي يعاني من مشكلة التغريب !! كما هو دافع مباشر لغياب المتعلمين من الطلبة للهروب من طول الدوام وفي أشد فصول السنة  حرّارة !!  فالعبرة ليست في طول العام الدراسي انما في كيفية الجذب وخلق بيئة تعليمية جيدة تتواكب مع ظروف المجتمع البيئية والثقافية والقيمية وغيرها، ومتى ما تحقق ذلك تحققت الجودة، فكيف نأمل من مستوى جيد والطالب يستشعر الملل والضجر، خاصة مع سريان الاختبارات الوطنية التي تأتي بعد الاختبارات المدرسية النهائية وصعوبة أدائها وقصر مدتها في فترة صيفية طويلة،، ضياع وقت وجهد وعدم تركيز واستيعاب، وملل وتضجر تسود المدارس المستقلة مع نهاية العام الدراسي الطويل، كلمات يجب أن تأخذ طريقها في أجندة المسؤولين في الوزارة والاستشعار بها عند وضع الخطة الاستراتيجية للسنة القادمة. ناهيك عن الأخذ بالاعتبار قصر الإجازة السنوية التي يحظى بها المعلمون والطلبة بعد مدة طويلة مرهقة من الجهد والتعب ترافق طول الفترة الزمنية للطالب داخل أروقة المدارس.  …. فما ينفق على التعليم من ميزانية سنوية باهظة لا بد أن يقابله تعليم يحقق الجودة في ظروف بيئية جيدة، فالمجتمع الذي رحب بالمبادرة في بدايتها يأمل بتعليم يرتقي فوق المستوى المطلوب، برسالته ورؤيته وأهدافه، ولا يتحقق ذلك إلا بسد الثغرات السلبية التي لامست المبادرة التي جعلتها كالزبد يحسبه الظمآن ماءً، ومنها ما يعانيه التعليم اليوم من طول الدوام، فهل سيحقق المسؤولون في الوزارة وعلى رأسهم وزير التعليم والتعليم العالي ما يطالب به المجتمع وما هو في صالح الطلبة والمعلمين في الخطة الدراسية القادمة نأمل ذلك ! ويبقى السؤال أيهما يسبق الآخر الكم أو الكيف ؟.