03 نوفمبر 2025
تسجيللما كان الإسلام يعني الخضوع التام لله عز وجل فربما يظن الإنسان لأول وهلة أن المسلم لا ينبغي أن يرتكب مخالفة، ولا أن يقع في معصية، إذ أن العصيان ينافي الخضوع والاستسلام.إن الأخطاء صنعة أصيلة في الإنسان فكل ابن آدم خطاء وذلك أثر من آثار العجز البشري من أجل السعي في بلوغ الكمال، والخطأ يتولد من تلقاء نفسه في الغالب لا أثر فيه لرغبة أو تعمد.والواقع أن المسلم لا يطيق عصيان الله ولا يرضى به ولا يبقى عليه إن وقع فيه بل إن ما يعقب المعصية في نفسه من غضاضة وندامة يجعل عروضها له شبه مصيبة لأن المعصية تأتي في غالب أحوالها عند غفلة عقل أو خور عزم أو هجوم ومباغتة شهوة يصبحها غفلة، وهو في توقير الله وحرصه على طاعته ماحدث منه منكراً يجب استئصاله ولو بقي المسلم طول حياته ينقي عمله من هذه الأخطاء التي تهاجمه أو من هذه الخطايا التي يقع فيها إن ذلك لا يحول بينه وبين دخوله في عصمه الموحدين ولا حرمه المولى من غفرانه، وربما هو المقصود من معنى الحديث القدسي: "يا ابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك على ماكان منك ولا أبالي"نعم: إن المعصية شيء خطير واتجاه الإرادة إليها وانصراف الخواطر فيها زلزال يصيب الإيمان أو ضباب يغطي حقيقة معرفة المسلم لربه.هناك فرق بين الخضوع والتمرد، فنية الخضوع المتواصل لا تخرج صاحبها عن معنى الإسلام أما نية التمرد والإصرار على الانقياد لأوامر الله والانزجار عن نواهيه لا يمكن أبداً أن يسمى ذلك إسلاماً وأن صاحبها يعد مسلماً لأن ذلك في الغالب يقود إلى استباحة ماحرم الله وجحد وإنكار ما أوجب وذلك الكفر بعينه لذلك يقول الله تعالى في هذا النوع من العصيان: (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً).إن الفرق واضح بين إنسان يرتكب المعصية وهو يعلم أنه سيحاسب عليها وإن اقترفها مع نفسه وإنسان ارتكب معصيته وهو في وضح النهار جهاراً لذلك الفرق بين يعصي وهو مغلوب على عقله بغفلته وبين من يعصي في يقظة فكر وإعمال الرأي، بين معصية تمشي على استحياء ومعصية تتبجح ممن يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع إن مثل هذا النوع الفاجر بعصيانه السافر باعتدائه على حدود الله ومحارمه وإطراح فرائضه يستحيل أن ينسب مثل هذا إلى الإسلام وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم.لابد لكل مسلم من تأهيل عال يجعله حقيقاً بالانتساب إلى الله والخلود في رحمته.إن التوبة أول مراحل الطريق في السير إلى الله ونيل رضاه بل هي المدخل المفضي إليه والقرين المتنقل في مدارجه من البداية إلى النهاية.والطريق إلى الله تعبير لطيف عن جهود المسلم في تصفية نفسه من الأكدار وترضية ربه والتحول عن مواطن الغفلة إلى مواطن الذكر والحركة، فالتوبة نقلة نفسية وخطوة متميزة فيما يتركه المرء وراءه من أحوال لا تليق بمقام العبودية بين يدي المولى عز وجل ودقة تصرف وتصحيح مسار وجهته إلى الله، عدته في ذلك- ندم على مافات وجد في السير، وعدة صالحة من الأخلاق والأعمال (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) لأن العبد بتلك الحال (فإنه يتوب إلى الله متابا).ذلك لأن الله وعد المقبلين عليه بإقبال أعظم "ومن جاءني يمشي أتيته هرولة"." يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة". وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين