27 أكتوبر 2025
تسجيل• تغنى بجمالها الشعراء فهى العاصمة الوحيدة فى العالم ذات الثلاث اذرع " الخرطوم وامدرمان والخرطوم بحرى " وكفاتنة حسناء تغمس اطراف ارجلها فى مياه النيل الابيض والازرق وتكحل ناظريها بخضرة اعشاب النيل وشجر النخيل والنيم وربما الليمون وازاهير الفل والياسمين والغاردينيا وتوابعهم.•اين كل هذا وذاك والشوارع تضج بالارجل والايادى الكالحة التى ارهقها البحث عن سبل المعيشة الضنك.. بوابة السودان مطار الخرطوم يكتظ بالمسافرين والمودعين والعاملين فيجبرك الوضع ان تفرك عينيك مثنى وثلاثا لتميز بين ان كان هذا موظفا او ضابط أمن ام شخصا الى وجهة من بقاع العالم يحسدك عليها الناس انك اليها مغادرا حتى ولو لم تكن على رأس عمل.• فى زيارتى قبل عامين كان مطار الخرطوم يشبه مطارات دول العالم الثالث حيث سبقهم بخطوات واثقة من الازمنة البعيدة ولكن فى زيارتى الاسبوع الماضى لم اجد فيه الا تلك اللافتة التى تقول انه مطار دولي.. ما ان هبطنا الارض الا وتدافع الناس للاسراع لملاقاة الاهل والاحبة وللفرح وربما لذرف الدموع ولمشاطرة الغبش لحمة الحياة فاذا الحابل يختلط بالنابل.. وقبل ان ينتظم القادمون امام كبائن المرور كان سماسرة الدخول كل حصد مجموعة من الجوازات " ليجرى اللازم مقابل المعلوم " ولم تكن بالتالى هناك صفوف ولا يحزنون.. حتى مغادرتى فى رحلة العودة لم اجد اجابة شافية من هؤلاء؟• كيف سمحت سلطات اعرق المطارات لنفر يأخذ " المعلوم " وباى عملة كانت دولارا او ريالا يورو او بقايا من جنيهات تمزقت اطرافها بين ايادى الباعة الجائلين وستات الشاى وصبيان مسح زجاج السيارات وتجار الشوارع لكل من صنع فى بلاد الصين.. من ملاعق.. فرش اسنان.. خلاطات.. مفكات ومكياج صارخ يشبه ارض الشمس المشرقة.• المواطن السودانى اضحى فى حالة تسفار دائم ليس عبر المطارات ولكن بأرجله واياديه ولاى وجهة تسد رمق عيشه.. بات يبذل مشاعره دفاقة لانه لا يملك غيرها هذا فقط ما بقى من السودان الجميل يلتقى الناس بالاحضان وبضرب الاكف على الاكتاف فالعلاقات الاجتماعية هى وحدها لهم وملكهم الحر الذى باتوا يبذلونه بعضهم بعضا ولانه لا يمر عبر اى منفذ حكومى او ميري.. ولا يدفعون مقابله اى رسوم وجبايات.. انهم فى حالة ترحال دائم بحثا عن مصدر رزق طيب حلال او لقمة تسد فجوات الجوع القاتل الذى يغشاهم صباح مساء ويعصر كبد صغارهم ويحصد ارواح احبابهم المتشافين من امراض بعضها ما عرف له اى علاج فلجأوا للطب الشعبى والتوكل على العلى القدير الذى لا تضيع امانته..• برغم هذا وذاك فما زالت السماء رحيمة بعبادها وتباشير شهر الخير والبركة رمضان هبت نسايم زخات المطر ايذانا باجواء ربيعية تقلل شيئا من عطش الصيام ووفرة فى الخضراوات لتقلل وجع اسكنه فى هذا البلد من يمسكون بمقاليد الامور وفرطوا فى حقوق العباد فتدحرجت الخرطوم للخلف دور..همسة: يا ترى هل عبر المشاركون فى المؤتمر الاعلامى مطار الخرطوم.