13 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ أن خرج المستعمر البريطاني قبل واحد وستين عاما ١٩٥٦م من السودان، وهو يحتفي بذلك التاريخ بل كلما قدم وتعتق استدعى كل تفاصيل تلك الايام، التي كانت وما زالت تعني الحرية بكامل معانيها ورونقها، واستقلاله المجيد، ففي الفاتح من يناير من كل عام يتصافف "الزولات" احتفاء بهذا الحدث الملهم لبطولات واحداث وروايات تطربه وتدفق الحيوية في عروقه، لذلك وكلما تقادمت السنون، وضاقت الظروف السياسية والاقتصادية تحت إمرة الحكومات المتعاقبة، يزداد وهج ولمعان ذلك التاريخ، ويسارع الكل لنفض الغبار عن صفحاته.الجمعة ١٣ يناير الحالي يحق للسودانيين الاحتفاء برفع العقوبات الاقتصادية الامريكية، التي أرهقت جسد السودان، وكانت وبالاً عليه، وقد اعربت وزارة الخارجية عن ترحيبها بالقرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهو قاب قوسين من مغادرته للبيت الابيض، وقد اعلنت الإدارة الأمريكية بإلغاء الأمرين التنفيذيين.. رقم (13067) الصادر بتاريخ 5 نوفمبر 1997، ورقم 13412 الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2006، واللذين بموجبهما فرضت عقوبات اقتصادية على السودان.الاستعمار الانجليزي كان وجودا فعليا بأرض السودان احتل الوظايف والامكنة والثروات، وبرغم ذلك لا احد يمكنه ان ينكر الجوانب الإيجابية لذلك التواجد؛ تمثل في خلق أنظمة إدارية واقتصادية، ما زالت جوانبها المشرقة.. هذا غير المشروعات الاقتصادية المنتجة كمشروع الجزيرة لزراعة القطن، وسكك حديد السودان، بل يكفي ان نذكر جامعة الخرطوم (كلية غوردون سابقاً) والتي افرزت جيلا يشار له بالبنان، ليس داخليا فحسب بل على المستوى العالمي.اما العقوبات الامريكية والتي يمكننا ان نطلق عليها "استعمار عن بعد"، والتي امتدت لعشرين عاما، فإن آثارها وقعت مباشرة على كاهل المواطن الذي تضرر في صحته وتعليمه ولقمة عيشه، فالحظر الاقتصادي كانت قبضته قوية اوقفت دورة الاقتصاد، وطالت اجهزة الفحص والاستشفاء ومكاين الإنتاج، وكثيرا مما يطول شرحه، وما وجده من تربة خصبة وفق معطيات الزمان والمكان.وان كان الاستقلال يتم الاحتفاء به في زماننا هذا، بكل ذلك البذخ، فيحب ان يحتفى برفع العقوبات الامريكية كاملة، ليس بدق الطبول وتوابعها، بل باستدعاء عزيمة الإنتاج وحض الهمة الوطنية، وتسكين القيم النبيلة التي ظل "الزولات" يتمسكون بها رغم المحن والآهات.همسة: شكراً لكل من نادى بضرورة رفع العقوبات، وشكراً للدبلوماسية السودانية الرصينة.