17 سبتمبر 2025

تسجيل

(الحبيس رئيس ، والرئيس حبيس) الأيام دول والدول أيام والعاقبة للمتقين

30 يونيو 2012

بالأمس القريب كان "مبارك" رئيسا، وكان "مرسي" حبسا، أصبح اليوم "مرسي" رئيسا وبات "مبارك" حبيسا، بالأمس القريب وعلى مدار ثمانين عاما أو يزيد كانت كبرى الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي ، مُغَيَّبة ، ومطاردة ، يتم التنكيل برجالها ، ويحاربون في أرزاقهم ، وأفكارهم وتُكال لهم التُهم ، وتتم ملاحقة أبنائها في الداخل والخارج ، وبين الحين والآخر ، يُزجُّ بهم في غياهب السجون، ويتم الاعتداء عليهم ، بغير ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله ، وكان الحزب الوطني في سدة الحكم ، عاث في الأرض فسادا حتى أظلم الليل وطفح الكيل ، ولكن الأيام دول والدول أيام ، وسبحان من يُغيِّر ولا يتغيَّر ، أين أبناء وأبتاع الحزب الوطني ورموزه  اليوم ؟؟؟!! وليس هذا في مصر وحدها في تونس الخضراء ، كم عاني حزب النهضة على يد الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم ، واليوم أين موقع كل من الحزبين ورجال كل ، والأيام دُوَل ، والدول أيام.وبين يدي ذكرنا لوقائع  من التاريخ أقدم بمقدمات أربع.. أولا: في الحديث الشريف عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «خَمْسَةٌ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إنْ شَاءَ أَمْضَى غَضَبَهُ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا ثَوَّى بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ إلَى النَّارِ: أَمِيرُ قَوْمٍ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَلَا يُنْصِفُهُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَدْفَعُ الظُّلْمَ عَنْهُمْ، وَزَعِيمُ قَوْمٍ يُطِيعُونَهُ وَلَا يُسَوِّي بَيْنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَيَتَكَلَّمُ بِالْهَوَى، وَرَجُلٌ لَا يَأْمُرُ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَا يُعَلِّمُهُمْ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَعْمَلَهُ وَلَمْ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ، وَرَجُلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً فِي صَدَاقِهَا» . على رأس هؤلاء الذين غضب الله عليهم ، أمير استوفي حقه من رعيته ، ولكنهم عدموا إنصافه، ورعايته فظُلموا في الداخل والخارج ، بلا نصير ، وتشردت الكفاءات والكفايات ، ، وثاني من غضب الله عليهم في الحديث ، زعيم أطاعه قومه ، ولكنه أضاع حقوقهم ، فاستضبع القوي ، وازداد الضعيف ضعفا، وأضل قومه وما هدي ، واتبع هواه فتردي. وثانية : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ وَاسْتَوَوْا عَلَى أَقْدَامِهِمْ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ إلَى اللَّهِ وَقَالُوا يَا رَبِّ مَعَ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ مَعَ الْمَظْلُومِ حَتَّى يُؤَدَّى إلَيْهِ حَقُّهُ. وهذا الأثر فيه بشارة لكل مظلوم أن الله تعالى معه فلا يأس ولا قنوط ولا إحباط ، ولكن أمل وتفاؤل . وَثالثة : عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بَنَى جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ قَصْرًا وَشَيَّدَهُ فَجَاءَتْ عَجُوزٌ فَقِيرَةٌ فَبَنَتْ إلَى جَانِبِهِ شَيْئًا تَأْوِي إلَيْهِ، فَرَكِبَ الْجَبَّارُ يَوْمًا وَطَافَ حَوْلَ الْقَصْرِ فَرَأَى بِنَاءَهَا، فَقَالَ لِمَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: لِامْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ تَأْوِي إلَيْهِ فَأَمَرَ بِهَدْمِهِ فَهُدِمَ فَجَاءَتْ الْعَجُوزُ فَرَأَتْهُ مَهْدُومًا، فَقَالَتْ: مَنْ هَدَمَهُ؟ فَقِيلَ لَهَا الْمَلِكُ رَآهُ فَهَدَمَهُ، فَرَفَعَتْ الْعَجُوزُ رَأْسَهَا إلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ يَا رَبِّ أَنَا لَمْ أَكُنْ حَاضِرَةً فَأَنْتَ أَيْنَ كُنْت؟ قَالَ: فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ أَنْ يَقْلِبَ الْقَصْرَ عَلَى مَنْ فِيهِ فَقَلَبَهُ. ونحن بدورنا نقول يا إله العرش ، ياذا الجلال والإكرام لا يخفى عليك حالنا ، وحال إخواننا في الشام ، بيوت يتم قصفها حتى يخر السقف على سكانها من فوقهم، وكل يوم بالعشرات تزهق أرواح وتسفك دماء أبرياء ، عزَّل ، نقول ياإلهنا : إن لم نكن حاضرين لنصرتهم ونجدتهم فأنت أين ، يا من لا يُعجزه شيئ ، ياكائنا قبل كل شيئ يا مكونا لكل شيئ، يا كائنا بعد كل شيئ ، كن لأمة محمد ناصرا ومعينا ولا تشمت بها عدوا ولا حاسدا. ورابعة : قِيلَ لَمَّا حُبِسَ - خَالِدُ بن بَرْمَكٍ وَوَلَدُهُ - قَالَ: يَا أَبَتِ بَعْدَ الْعِزِّ صِرْنَا فِي الْقَيْدِ وَالْحَبْسِ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ دَعْوَةُ مَظْلُومٍ سَرَتْ بِلَيْلٍ غَفَلْنَا عَنْهَا وَلَمْ يَغْفُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا[1]..أقول : عندما يلتقي الرئيس المخلوع بولديه ووزير داخليته ، ألا يتحدثون ، بمثل هذا الحديث ، ماذا كانوا ؟! وإلام صاروا ؟!! كم من دعوات الثكالي والمظلومين ارتفعت إلى عنان السماء وتلقفها سامع الدعاء ، وادخرها إلى حين ، وكان القدر المحتوم أن يحبسه في جلده حتى بأم عينيه زوال نعمة الله عز وجل عنه لما لم يشكرها ، ولم يصنها ، وقد استوفي حقه من رعيته ، ولم يحطها بنصحه ، ولم يدفع الظلم عنهم بل ظلمهم في الداخل والخارج، وبات اليوم حبيسا، وأصبح حبيس الأمس رئيسا.هذا خزي الدنيا !!فماذا في الآخرة ، وهذا الحبس على جناية واحدة فماذا عن باقي الجرائم؟؟!! الأيام دول وَمَعْنَاهُ: رُجُوع الشَّيْء إِلَيْك مرّة وَإِلَى صَاحبك أُخْرَى تتداولانه، ومن حاول قهر الحق قُهرِ.والدهر قُلَّب : يوم لك ويوم عليك. وسنة الحياة عدم ثبات الأحوال لكن العاقبة للمتقين فلابد من استحضار هذا عند الابتلاء فعلى الباغي تدور الدوائر ، وليعتبر الناس بهذه الأحداث ، وأن الأمر أولًا وآخرًا بيد الله -عز وجل- ولا يقع في الكون إلا ما أراد الله؛ فما على المسلم إلا أن يستحضر مثل هذه المعاني ومثل الآيات: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ[2]} ، لكن الفارق هو أنكم {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ[3]} ومهما اشتدت المحن بالمؤمن، فما عليه إلا أن يفزع إلى الله ويستعمل سلاح الدعاء والتضرع لله تبارك وتعالى؛ لأن الله سبحانه هو نصير للمؤمنين ومولى لهم قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ[4]} ، (وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ[5]}  يكفي أن المدد مقطوع بين الظالم وبين الله سبحانه وتعالى؛ لأن ما بينه وبين الله خراب ودمار. إذاً: يكفي المؤمن في البلاء أن يفزع إلى الله؛ ولأن الحبل بينه وبين الله متصل، وإذا فزع إلى الله سبحانه وتعالى فإن الله يمده بنصره وبمعونته. إذاً فلا تضِقْ ذرعاً فمن المُحالِ دوامُ الحالِ، وأفضلُ العبادِة انتظارُ الفرجِ، والأيامُ دُولٌ، والدهرُ قُلّبٌ، والليالي حُبَالى، والغيبُ مستورٌ، والحكيمُ كلَّ يوم هو في شأنٍ، يغفرُ ذنباً، ويكشفُ كرْباً، ويرفع أقواماً، ويضعُ آخرين ولعلَّ الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً، وإن مع العُسْرِ يُسْراً، إن مع العُسْرِ يُسْراً. ينتبه لهذه المعاني أولو الألباب فلا تمر عليهم المواقف مر السحاب حتى يستخلصوا منها العبر والعظات. وكما أن الأيام دول فكذلك الدول أيام.والدهر دولاب، يهبط العالي، ويعلو الذي هبط، ويذل العزيز، ويعز الذي ذل، وإن دار علينا الدهر حينا، فتفرقنا وتباعدنا، ولَفَّنا ليل مظلم، أغمضنا فيه عيوننا، وأغمدنا فيه سيوفنا، فلم نبصر اللص يدخل علينا، ولم ننهض إليه لنرده عنا، وحَسِبْنا لطول الليل أن لا صباح له، فقد طلع الآن الصباح، وانقضى الليل، وهب النائمون يمشون إلى الأمام. إلى الأمام! وإلا فما هذه الثورات، وما هذه الوثبات؟ وما هذه الوحدة في العواطف والمشاعر ، في العالم لتداعيات أحداث عالمنا ، فينبغي عدم اليأس، فالأيام دول، ودولة الإسلام قد بدأت تعود، وإرهاصات النصر قد لاحت ، فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويوم نُساءُ ويومٌ نسر فلم تدم الدنيا للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فمن الأنبياء من كانت لهم حكومات، ودانت لهم البلاد وطبقوا شريعة الله عز وجل في الأرض وفي الناس، ولا شك أنه لا أحد يتصور أبداً أن هناك ما هو أحسن للبشر من شريعة ربهم، ومع ذلك دارت الدورة، وصار للجاهلية مكانٌ في بعض الوقت، ثم جاء الإسلام وهكذا: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[6]}. العضباء ناقة الرسول.. هذه السنة إلهية واضحة، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لما سُبِقَتْ العضباء وهي ناقته، سبقها أعرابي، فتأثر لذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: {حقٌ على الله ألا يرتفع شيٌ إلا وضعه} فالدنيا ليس فيها خلود، وحقٌ على الله ألا يرتفع شيٌ إلا وضعه. يقول هرقل: الرسل يدال عليهم ثم تكون لهم العاقبة. الأيام دول كما أخبر الله جل ذكره، وقد سأل هرقل أبا سفيان عن حالهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل حاربتموه؟ قال: نعم. قال: كيف كانت الأيام بينكم وبينه؟ وكيف كانت الحروب؟ قال: الحروب بيننا وبينه دول، ننال منه مرة، وينال منا مرة. قال هرقل: وهكذا حال الرسل، يُدال عليهم ثم تكون لهم العاقبة. فهذا هو شأن الحياة الدنيا، لا تبقى لشخص على وتيرة واحدة، ولو كان النصر دائماً حليفاً للمؤمنين لأورثهم طغياناً وكبراً واستغناء عن الله سبحانه وتعالى، ولكن يُكسروا ويُدال عليهم مرة، ثم يعلو أمرهم وينتشر قولهم، هذه سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه.وفي ضوء هذا تفهم أحداث غزوة أحد ، ووقوع الرسول صلوات الله وسلامه عليه في كمين بن قمئة قمأه الله ، وتُكسر رباعيته ، وينزف دمه الشريف، بل يُشاع أنه قد قُتل، حتى فتَّ ذلك في عضد البعض حتى ألقي السلاح إلا أن الله تعالى قيَّد من يُعلن التعبئة من جديد ، ويقول قوموا فموتوا على ما مات عليه.وتفهم كذلك أحداث غزوة حنين. سنة التدافع مهمة لتصحيح الأوضاع؟ قدر الله أن تكون المعركة بين الحق والباطل ، والخير والشر والهدى والضلال إلى قيام الساعة والأيام مداولة بين الناس: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[7]} ، { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ[8]}  إذاً سنة التدافع مهمة لتصحيح الأوضاع، يدفع الله تعالى حزبا بحزب ، وأحداثا بأحداث والله قادر أن ينزل النصر بلا جهاد، لكن لا بد من الجهاد لإزالة ما في النفوس من الشوائب، ويعلم الله الصابرين، ويتخذ شهداء، ويعلم المنافقين." وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُم[9]" وقال تعالى:" وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[10]"انظر إلى يونس بن متَّى عليه السلام في ظلمات ثلاث، لا أهل، ولا ولد، ولا صاحب، ولا حبيب، ولا قريب، إلا الله الواحد الأحد، فهتف بالكلمة الصادقة المؤثرة النافعة: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[11]}  فجاء الفرج. لا يأس من رحمة الله وفرجه؟ يعقوب عليه السلام ، تآمر أولاده عليه وعلى أخيهم حتى فرَّقوا بين أبيهم وأخيهم وأحزنوا أباهم ، وابيضت عيناه من الحزن ، فهو كظيم يقول لأبنائه: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ[12]}. فلا يأس والله يُدعَى، ولا قنوط والله يُرجَى، ولا خيبة والله يُعبَد، ولا إحباط والله يُؤمَن، جل في علاه، فإذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً}." حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ[13]" والله غالب على أمره.. المنصور بن أبي عامر -الملك الأندلسي- حكم بقتل عالم من العلماء، وأعطى السياف ورقة، أراد أن يَكتب فيها: يُقتَل، فكتب: يُطلَق، فردَّها السياف إليه، فشطبها وكتبها: يُطلَق، فردها إليه، فشطبها وكتبها: يطلق، يريد أن يُقتَل، فلما كتب يُطلَق، تعجب واحتار، وقال: والله إنه لأمر الله جل في علاه، والله ما أردتُ إلا قتله، وإنه ليُطلَق على رغم أنفي، فأطلقه: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[14]} وصدق الله القائل في علاه " وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً[15]". ?وَائِلِ بْنِ حُجْرِ ومُعَاوِيَةُ. ""عن وَائِلِ[16] بْنِ حُجْرِ -  رضي الله تعالى عَنْهُ -  أَحَدِ مُلُوكِ الْيَمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم أَقْطَعَهُ أَرْضًا – بحضرموت[17] وَبعث مَعَه مُعَاوِيَة ليقطعها إِيَّاه» [18] - فَقَالَ أَعْطِهَا إِيَّاهُ ، فَخرج مَعَه رَاجِلا، يَمْشِي فِي نِصْفِ النَّهَارِ[19] فَشَكا إِلَيْهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ ، فَقَالَ: انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ. فَقَالَ: وَمَا يُغْنِي عَنِّي ذَلِكَ، لَوْ جَعَلْتَنِي رِدْفًا؟  , فَقَالَ ما بي [ضن] بهذه الناقة – ولكن : لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ[20] , قَالَ: فَأَعْطِنِي نَعْلَيْكَ أَنْتَعِلُهُمَا , قَالَ : لستُ [أضن] بالجلدتين ، لَا تُقِلُّهَا قَدَمَكَ[21]، ولكن لستَ ممن يلبس لباس الملوك ، ولكن : انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ ، وكفاك به شرفا[22] قَالَ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ أَتَيْتُهُ فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , وَذَكَّرَنِي الْحَدِيثَ ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ لَحَمَلْتُكَ بَيْنَ يَدَيَّ[23]" ونحن بدورنا نقول: لو علم المخلوع أن ما صار اليوم سيكون فماذا كان فاعلا ؟؟!! إن ممالا شك فيه أن أعظم بلاء ابتليت به أمتنا في رعاة لا يدرسون التاريخ ، وإذا درسوا لا يعتبرون ، رعاة لا يقرأون وإذا قرأوا لا يعون ، وإذا وعوا لا يعملون. وفي رواية، عَرَضَ عَلَيْهِ جَائِزَةً سَنِيَّةً - لوفوده عَلَيْهِ - فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا، وَقَالَ: أَعْطِهَا مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهَا مِنِّي[24].وَأَرَادَ أَن يرزقه فَأبى من ذَلِك وَقَالَ يَأْخُذهُ من هُوَ أولى بِهِ مني وَأَنا فِي غنى عَنهُ[25]). وَفِي رِوَايَة للطبراني فِي «أكبر معاجمه» : «قَالَ لَهُ: يَا وَائِل، إِن الرمضاء قد أَصَابَت بَاطِن قدمي؛ فأردفني خَلفك. قلت: مَا أَضِنُّ عَنْك بِهَذِهِ النَّاقة، وَلَكِن لستَ من أرداف الْمُلُوك، وأكره أَن أُعيَّر بك. قَالَ: فألق إليَّ حذاءك أتوقى بِهِ من حر الشَّمْس. (قَالَ) : مَا أضنُّ عَنْك بِهَاتَيْنِ الجِلْدتين، وَلَكِن لستَ مِمَّن يلبس لِبَاس الْمُلُوك، وأكره أَن أعيَّر بك» وَفِي آخِره: «فلمَّا قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَة؛ أَمر أنْ يتَلَقَّى، وأَذِنَ لَهُ، فأجْلَسَهُ مَعَه عَلَى سَرِيره، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: أَسَرِيري هَذَا أفضل أم ظهر نَاقَتك؟ قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، كنتُ حَدِيث عهدٍ بجاهلية وكُفر، وَكَانَت تِلْكَ سيرة الْجَاهِلِيَّة، وَقد أَتَانَا اللهُ الْيَوْم الْإِسْلَام[26]». يوسف عليه السلام وإخوته. قول وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ-?- لِمُعاوية – رضي الله عنهما - كنتُ حَدِيث عهدٍ بجاهلية وكُفر، وَكَانَت تِلْكَ سيرة الْجَاهِلِيَّة، وَقد أَتَانَا اللهُ الْيَوْم بالْإِسْلَام[27]"أقول ذكَّرتني هذه الكلمة ، بقول الصديق يوسف عليه السلام لإخوته " قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ[28] "فما يُقْدِم على إيذاء أخيه والإساءة إليه إلا جاهل بمنطوق هذه الآية الكريمة. وسبحان الله العظيم الأيام دول ، يتآمر الإخوة على أخيهم ويفرقون بينه وبين أبيهم حتى أحزنوا أباهم ، ويلقون بأخيهم في الجب ، والله تعالى يسليه ويواسيه " .. وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ[29] " تدور الأيام ويُمكن الله تعالى ليوسف عليه السلام ويأتيه إخوانه الذين ألقوه أمس في الجب يستطعمونه ، ويتلطفون معه " فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ[30]" سبحان مقلب القلوب والأحوال، سبحان من بيده مقاليد الأمور، من بيده ملكوت كي شيئ ، من امتدت يدهم أمس بالإساءة يمدونها اليوم بالسؤال والاستعطاف.والأيام دول. ابن مسعود وأبو جهل؟ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الرَّحْمَنِ عَلَّمَ القرآن قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ مَنْ يَقْرَؤُهَا مِنْكُمْ عَلَى رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ، فَتَثَاقَلُوا مَخَافَةَ أَذِيَّتِهِمْ، فَقَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَجْلَسَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَقْرَؤُهَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَقُمْ إِلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، ثُمَّ ثَالِثًا كَذَلِكَ إِلَى أَنَّ أَذِنَ لَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُبْقِي عَلَيْهِ لِمَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ ضَعْفِهِ وَصِغَرِ/ جُثَّتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهِمْ فَرَآهُمْ مُجْتَمِعِينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَافْتَتَحَ قِرَاءَةَ السُّورَةِ، فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ فَلَطَمَهُ فَشَقَّ أُذُنَهُ وَأَدْمَاهُ، فَانْصَرَفَ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَقَّ قَلْبُهُ وَأَطْرَقَ رَأْسَهُ مَغْمُومًا، فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجِيءُ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ تَضْحَكُ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي! فَقَالَ: سَتَعْلَمُ، فَلَمَّا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ الْتَمَسَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَظٌّ فِي الْمُجَاهِدِينَ، فَأَخَذَ يُطَالِعُ الْقَتْلَى فَإِذَا أَبُو جَهْلٍ مَصْرُوعٌ يَخُورُ، فَخَافَ أَنَّ تَكُونَ بِهِ قُوَّةٌ فَيُؤْذِيَهُ فَوَضَعَ الرُّمْحَ عَلَى مِنْخَرِهِ مِنْ بعيد فَطَعَنَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ثُمَّ لَمَّا عَرَفَ عَجْزَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى صَدْرِهِ لِضَعْفِهِ فَارْتَقَى إِلَيْهِ بِحِيلَةٍ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو جَهْلٍ قَالَ: يَا رُوَيْعِيَّ الْغَنَمِ لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْبًا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:  الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: بَلِّغْ صَاحِبَكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ فِي حَيَاتِي ولا أحد أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ فِي حَالِ مَمَاتِي، فَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ قَالَ: «فِرْعَوْنِي أَشَدُّ مِنْ فِرْعَوْنِ مُوسَى فَإِنَّهُ قَالَ آمَنْتُ[31] وَهُوَ قَدْ زَادَ عُتُوًّا» ثُمَّ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: اقْطَعْ رَأْسِي بِسَيْفِي هَذَا لِأَنَّهُ أَحَدُّ وَأَقْطَعُ، فَلَمَّا قَطَعَ رَأْسَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمْلِهِ، وَلَعَلَّ الْحَكِيمَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا خَلَقَ ابن مسعود ضَعِيفًا لِأَجْلِ أَنْ لَا يَقْوَى عَلَى الْحَمْلِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَلْبٌ وَالْكَلْبُ يُجَرُّ وَالثَّانِي: لِشَقِّ الْأُذُنِ فَيَقْتَصُّ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالثَّالِثُ: لِتَحْقِيقِ الْوَعِيدِ المذكور بقوله: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ فَتُجَرُّ تِلْكَ الرَّأْسُ عَلَى مُقَدَّمِهَا، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا لَمْ يُطِقْهُ شَقَّ أُذُنَهُ وَجَعَلَ الْخَيْطَ فِيهِ وَجَعَلَ يَجُرُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِبْرِيلُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَضْحَكُ، وَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أُذُنٌ بأذن لكن الرأس هاهنا مَعَ الْأُذُنِ[32] ألم نقل لكم ، إن الأيام دُوَلٌ ، والدُوَلٌ أيام.والعاقبة للمتقين عثمان بن طلحة ومفاتيح الكعبة؟ ذَكَرَ ابن سعد فِي "الطَّبَقَاتِ"عَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كُنَّا نَفْتَحُ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ مَعَ النَّاسِ فَأَغْلَظْتُ لَهُ وَنِلْتُ مِنْهُ، فَحَلُمَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: " «يَا عثمان لَعَلَّكَ سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ يَوْمًا بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْتُ، فَقُلْتُ: لَقَدْ هَلَكَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ وَذَلَّتْ، فَقَالَ: بَلْ عَمَرَتْ وَعَزَّتْ يَوْمَئِذٍ، وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فَوَقَعَتْ كَلِمَتُهُ مِنِّي مَوْقِعًا ظَنَنْتُ يَوْمَئِذٍ أَنَّ الْأَمْرَ سَيَصِيرُ إِلَى مَا قَالَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ: يَا عثمان ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ مِنِّي ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ، يَا عثمان إِنَّ اللَّهَ اسْتَأْمَنَكُمْ عَلَى بَيْتِهِ، فَكُلُوا مِمَّا يَصِلُ إِلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ بِالْمَعْرُوفِ» " قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ نَادَانِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: " أَلَمْ يَكُنِ الَّذِي قُلْتُ لَكَ؟ " قَالَ: فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِي بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ: لَعَلَّكَ سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْتُ، فَقُلْتُ: بَلَى أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ". ولا شك أن عثمان خجل من نفسه، وتمنى لو تبتلعه الأرض حين فاجأه النبي بهذا الكلام، ذلك لأنه يذكر يوماً آخر في مكة قبل هذا اليوم، حين كان النبي   فقيراً وحيداً مُكذَّباً طريداً .ولكنه اليوم غير ما كان بالأمس. ألم نقل لكم ، إن الأيام دُوَلٌ ، والدُوَلٌ أيام.والعاقبة للمتقين. وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ العباس تَطَاوَلَ يَوْمَئِذٍ لِأَخْذِ الْمِفْتَاحِ فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ[33] " قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى - هذا الحديث يدل على أن الكعبة كان لها باب يغلق عليهم ويفتح، ولم يزل ذلك في الجاهلية والإسلام، وقد أقر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها على ما كانت عليه، ودفع مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة، وأقره بيده على ما كان[34]. عدم إلغاء الامتيازات.. في تفسير القرطبي : أَنَّ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ – ومعه ابن عمه عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ - أَرَادَ أَلَّا يَدْفَعَ مِفْتَاحَ الكعبة إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، وَكَانَا كَافِرَيْنِ وَقْتَ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ دَفَعَهُ ، وَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْهُ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ فَكَسَرَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْأَوْثَانِ، وَأَخْرَجَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ ، وصلى ما شاء الله له أن يُصلي ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وطَلَبَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أن يدفع إليه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه المفتاح لِتَنْضَافَ لَهُ السِّدَانَةُ إِلَى السِّقَايَةِ ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عليه السلام بالآية الكريمة التي خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جوف الكعبة يتلوها " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيرا[35]" فَدَعَا عُثْمَانَ وَشَيْبَةَ فَقَالَ: (خُذَاهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ) عن ابن عباس وغيره: نزلت في الأمراء وأن يؤدوا الأمانة فيما ائتمنهم الله من أمر رعيته. ومناسبتها لما قبلها هو أنه تعالى لما ذكر وعد المؤمنين وذكر عمل الصالحات في قوله تعالى:" وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً[36]" نبه على هذين العملين الشريفين (أداء الأمانات ، والحكم بالعدل ) اللذين من اتصف بهما كان أحرى أن يتصف بغيرهما من الأعمال الصالحة: فأحدهما ما يختص به الإنسان فيما بينه وبين غيره وهو أداء الأمانة. والثاني ما يكون بين اثنين من الفصل بينهما بالحكم العدل الخالي عن الهوى، وهو من الأعمال العظيمة التي أمر الله بها رسله وأنبياءه والمؤمنين. ولما كانت الترتيب الصحيح أن يبدأ الإنسان بنفسه في جلب المصالح ودفع المضار ثم يشتغل بحال غيره، أمر بأداء الأمانة ثم بعده بالأمر بالحكم بالحق[37].بهذا – يأمن الناس من وصول الإسلاميين إلى الحكم ، فلا مطامع عندهم ، ولا استشراف للامتيازات ,لا خوف عليها. وعند ابن عائذ من مرسل عبد الرحمن بن سابط أنه دفع مفتاح الكعبة إلى عثمان فقال: "خذها خالدة مخلدة إني لم أدفعها إليكم ولكن الله دفعها إليكم ولا ينزعها منكم إلا ظالم[38]".وهذا القول "لم أدفعها إليكم ولكن الله دفعها إليكم" يُذكرنا بقول الله تعالى :" فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى[39]" إنه التجرد لله تعالى والتبرؤ من الحول والقوة إلى حول الله وقوته. عدم التميز على سائر أفراد الأمة.. وفي الجانب الآخر ، لا تجد الإسلام يُقر الإسلاميين عند وصولهم إلى الحكم على الحصول على امتيازات ، يتفرقون بها عن باقي أفراد الأمة  في ((المسند)) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر عائشة أن تطلب من شيبة أن يفتح لها الكعبة ليلا، فأتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: والله ما فتحته بليل في جاهلية ولا في إسلام، فقال: ((فانظر ما كنت تصنع فافعله، ولا تفتحه)) وأمر عائشة أن تصلي في الحجر[40].وليس عائشة رضي الله تعالى عنها فحسب هي التي تٌصلي في الحجر فتكون قد صلت في جوف الكعبة ، بل كل مسلم ، إذا الثابت تاريخيا أن حجر إسماعيل من الكعبة فقد قصرت النفقة بقريش عند تجديدها بناء الكعبة عن أن تقيمها على قواعد إبراهيم ، فقد كان الحجر قبل ذلك داخلا في مساحة الكعبة المشرفة. هذا وبالله التوفيق..       [1] الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 200) [2] النساء:104 [3] النساء:104 [4] محمد:11 [5] الحج:71 [6] آل عمران:140 [7] آل عمران:140 [8] البقرة:251 [9] محمد:4 [10] آل عمران:139-140 [11] الأنبياء:87 [12] يوسف:87 [13] يوسف:110 [14] الرحمن:29 [15] آل عمران:145. [16] وَائِلِ بْنِ حُجْرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ وَائِل بن يعمر الْحَضْرَمِيّ بن هنيدة أَحَدِ مُلُوكِ الْيَمَنِ وَفَد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَّرَ أَصْحَابَهُ قَبْلَ قُدُومِهِ بِهِ، وَقَالَ: يَأْتِيكُمْ بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ. فَلَمَّا دَخَلَ رَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ مِنْ نَفْسِهِ وَقَرَّبَ مَجْلِسَهُ وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ. وَقَالَ: " اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي وَائِلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلِدِ وَلَدِهِ " السيرة النبوية لابن كثير (4/ 154) [17] اسْم لبلدٍ بِالْيمن [18] البدر المنير (7/ 69) [19] مسند البزار = البحر الزخار (10/ 345) [20] قَالُوا: رِدْفُ الْمُلُوكِ: الَّذِي يَحْمِلُهُ الْمَلِكُ خَلْفَهُ، وَيَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ إِذَا شَرِبَ، وَإِذَا نَحَرَ جَزُورًا أَعْطَاهُ الْعَجْزَ. الدلائل في غريب الحديث (2/ 952). [21] الدلائل في غريب الحديث (2/ 952) [22] إكمال تهذيب الكمال (12/ 204) [23] الأموال لابن زنجويه (2/ 614) [تعليق الألباني] صحيح - «الترمذي» (1641).تعليق شعيب الأرنؤوط] إسناده صحيح على شرط مسلم، وسماع شعبة بن سماك قديم، وقول الحافظ في "التقريب" في ترجمة علقمة: صدوق إلا أنه لم يسمع من أبيه مردود، فقد صرح بسماعه من أبيه في "صحيح مسلم" "1680" وغيره، وانظر التفصيل في تعليقنا على "السير" 2/573 وحجاج بن محمد: هو الأعور قوله: "قال: وددت ... " فاعل "قال": هو وائل كما جاء مصرحاً به في رواية البيهقي. وأخرجه أحمد 6/399، والبيهقي 6/144 من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 12/"13"، وابن زنجويه في "الأموال" "1019" من طريقين عن شعبة، به. وأخرجه الطيالسي "1017"، وأبو داود "3058" في الخراج: باب في إقطاع الأرضين، والترمذي "1381" في الأحكام: باب ماجاء في القطائع، والطبراني 22/"12"، وابن زنجويه "1018" من طرق عن شعبة، به. بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً بحضرموت، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.وأخرجه أبو داود "3059"، والطبراني 22/"4" من طريق جامع بن مطر، عن علقمة، به. [24] السيرة النبوية لابن كثير (4/ 154) [25] المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي (2/ 304) [26] البدر المنير (7/ 70) [27] البدر المنير (7/ 70) [28] يوسف عليه السلام : 89 [29] يوسف :15 [30] يوسف:88 [31] يونس: 90 [32] تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (32/ 225 [33] زاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 361) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (2/ 181) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (2/ 267) تاريخ دمشق لابن عساكر (38/ 383) [34] فتح الباري لابن رجب (3/ 388) [35] النساء:58 [36] النساء:57 [37] دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2/ 492) [38] شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (6/ 394) [39] الأنفال:17 [40] فتح الباري لابن رجب (3/ 388) نقلا عن المسند