15 سبتمبر 2025

تسجيل

بين شاليط والأسرى الفلسطينيين!

30 يونيو 2011

غريب هذا العالم, الذي فيه: المنظمات الدولية الإنسانية (المفترض فيها العدالة) تكيل بمكيالين لنفس الظاهرة، فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي تم التحديد له لولاية ثانية، يصدر بيانا باسم الأمين العام وفي الذكرى الخامسة لأسر شاليط، يطلب فيه من حركة حماس الإفراج عن الأسير الإسرائيلي وبشكل فوري. كذلك أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي بيانا قالت فيه " من حق عائلة الجندي الأسير جلعاد شاليط الحق بموجب القوانين الدولية والإنسانية معرفة أخبار ابنها الأسير، وأن حركة حماس مطالبة بالإثبات أنه حي! أكثر من ذلك فقد صرح الناطق بلسان الصليب الأحمر في إسرائيل رون غولدشتاين " أن منظمته الدولية تجري طيلة السنوات الخمس الماضية اتصالات سرية مع حركة حماس بهدف أن يكون بإمكان المنظمة الاطلاع على ظروف الجندي الأسير ". من ناحية ثانية، قال نتنياهو في خطاب له: بودي أن أهنئ زعماء في أوروبا والعالم ممن طالبوا بتحرير جلعاد شاليط وطرحوا مطلبا فوريا يقضي بالسماح للصليب الأحمر بزيارته. رئيس الوزراء الصهيوني أعطى أوامره بالمزيد من التشديد على الأسرى الفلسطينيين. لا ننكر الدور الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة ولا للجنة الدولية للصليب الأحمر، لكن الجهتين للأسف مع الكثيرين من زعماء دول العالم ومسؤوليه والعديد من المنظمات الدولية وغير الحكومية تنظر إلى قضية جلعاد شاليط والأسرى الفلسطينيين بعين واحدة فقط , ترى: ظروف اعتقال شاليط وتطالب بإطلاق سراحه دون رؤية ظروف اعتقال قاسية وبائسة لأكثر من عشرة آلاف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية من بينهم: النساء والشيوخ والأطفال، ومن بينهم من مضى على اعتقاله أكثر من ثلاثين سنة، ومنهم من هو محكوم بالعديد من المؤبدات (أكثر من 300 سنة) ومنهم المرضى والمصابون بعاهات دائمة، ومنهم المعزولون في زنازين انفرادية للسنة الخامسة على التوالي، كأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية. ومن بين النساء المعتقلات من يلدن في السجن. لقد أثبتت تقارير عديدة (ومن بينها إسرائيلية) أن الإسرائيليين يقومون بتجريب الأدوية الخطيرة على المعتقلين الفلسطينيين، ويستخدم الجنود والمحققون الإسرائيليون أساليب لا أخلاقية وجنسية في التحقيق مع الأسرى، وبخاصة الأطفال, من خلال تعريتهم والتحرش الجنسي بهم وتهديدهم بالاغتصاب، وكما يقول تقرير لوزارة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية, صدر بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي صادف 26 يونيو: إن 90% من الأطفال المعتقلين تم التحقيق معهم من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية بطرق عنيفة: الضرب، الجلد، بينما وصلت محاولات تهديدهم جنسيا إلى 16% من اعتقال الأطفال. معروف أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تشرع التعذيب ضد المعتقلين بقرار ما يسمى (محكمة العدل العليا الإسرائيلية) ومعروف أن العشرات من المعتقلين الفلسطينيين قضوا في السجون الإسرائيلية, ومعروفة أيضا كافة أساليب التعذيب الإسرائيلي, ومن بينها مساومة علاج الأسير بالتعامل مع المخابرات الإسرائيلية، معروفة أيضا أساليب القهر النفسي الإسرائيلية للمعتقلين الفلسطينيين، ومعروفة هي ظروف حياتهم في المعتقلات من مختلف الجوانب, سواء على صعيد التغذية أو الصحة أو تقييد الحريات، ومعروفة أيضا القوانين التعسفية التي بموجبها يتم اعتقال الكثيرين من الفلسطينيين ومن بينها (قانون الاعتقال الإداري) وهو من مخلفات الانتداب /الاحتلال البريطاني لفلسطين، وبموجبه يتم تجديد السجن للمعتقل إلى عشرات السنين دون توجيه أية تهمة قانونية له. لا نكتب مسألة نظرية، فكاتب هذه الكلمات عانى فترة السجن مدة سنتين قبل الإبعاد من فلسطين، وما أكتبه هو شكل مخفف لظروف اعتقال الفلسطينيين لدى العدو الصهيوني. لم أكتب عن التعذيب بالكهرباء، والشبح من يد واحدة لساعات طويلة (كثيرون من الأسرى عانوا من الشلل في أيديهم فيما بعد، ومنهم المعتقل الفلسطيني مؤيد البحش من نابلس، وغيره وغيره كثيرون) ومنع الماء، والتعرية من الملابس في عز البرد، ثم الضرب الشديد، والتغطيس في مياه باردة...وهكذا دواليك!. لا الأمين العام للأمم المتحدة ولا اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولا العديد من زعماء دول العالم والكثير من المنظمات الدولية المتصدين للدفاع عن شاليط وإطلاق سراحه، يرون معاناة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية، وامتدادات تلك المسألة، معاناة الأمهات والزوجات والأخوات والآباء والأبناء والأقرباء للمعتقل الفلسطيني, الذي يموت في السجن أثناء الاعتقال بعد مضي عشرات السنين عليه، ولا ذلك السجين المصاب بأمراض مزمنة، ولا ذلك السجين الفلسطيني الذي يحرم أهله من زيارته لسنوات كعقاب له... وعلى ذلك قس!. يطالنا بالطبع بعض التقصير في طرح هذه القضية على الصعيد الدولي فنحن ما زلنا، أسوأ المحامين عن أعدل القضايا!.