20 سبتمبر 2025
تسجيليدخل الرئيس رجب طيب أردوغان فترة رئاسية جديدة، ويدخل معها عُشرية ثالثة من الحكم بعد أن تربع على عرش تركيا وريثة الخلافة العثمانية منذ عام 2002، فقد جاء فوزه أول أمس صفعة ليس للمعارضة التركية ، وإنما للعواصم الغربية التي دخلت الحملة الانتخابية جنباً إلى جنب مع المعارضة، فوصفت الرئيس التركي بالديكتاتور، والمستبد. سيدخل الرئيس التركي العُشرية الثالثة وسيحرص فيها على ما يبدو أكثر رغبة في ترسيخ ظاهرة الأردوغانية التي شكلت هوية تركيا خلال العقدين الماضيين، وبرز ذلك بشكل واضح مع استعادة أيا صوفيا وفتحه كمسجد، و حرص على إرسال رسائل سياسية وانتخابية كعادته، حين أنهى حملته بزيارة أضرحة الثلاثي أربكان، وطورغوت أوزال، وعدنان مندريس. مثل هذا الأمر عكس باختصار صراعاً هُوياتياً بارزاً بين الطرفين، فأردوغان الذي حرص طوال فترته السابقة على تأكيد هوية تركيا الإسلامية، وشدّها إلى المنطقة العربية والشرق بشكل عام، بينما الطرف الآخر كان يقاوم لإعادتها إلى ما كانت عليه قبل فترة حزب العدالة والتنمية، وهو الأمر الذي يروق للغرب بشكل عام، بعد أن رأى أن حزب العدالة وبزعامة أردوغان قد ذهب بعيداً باتجاه روسيا وبوتين. إستراتيجية أردوغان هذه فرضت تركيا كدولة وساطة بين المعسكرين، وليس تابعاً لأحدهما، مما عزز فرص استثمارها لعلاقاتها بين الطرفين، تجلى ذلك باتفاقية الحبوب الاوكرانية التي رعاها أردوغان في اسطنبول بين موسكو وكييف، وهو ما عاد بالنفع على الإنسانية بشكل عام، وهو اتفاق ما كان له أن ينجح فيه لولا الموقف المستقل الذي اتخذه تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، فأدان الغزو الروسي، ودعم كييف بمسيرات البيرقدار التي فتكت بالجيش الروسي، وبالمقابل رفض الالتزام بالعقوبات الغربية والأمريكية تحديداً المفروضة على روسيا، مما شكل من تركيا قاعدة خلفية روسية للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليها، وكسبت بالمقابل تأسس محطة نووية روسية على أرضها، بالإضافة إلى أن تكون محطة روسيا للغاز باتجاه العالم وهو ما يُدخلها في دبلوماسية الغاز الدولية، التي أثبتت نجاعتها وأهميتها مع الحرب الأوكرانية، وحاجة الغرب كله له. اليوم سيتعزز دور تركيا التفاوضي مع أمريكا والغرب في ضم السويد وفنلندا لحلف الناتو، حيث تشترط تركيا تسليمها مطلوبين من حزب العمال الكردستاني الإرهابي المقيمين في السويد، ومعلوم أن أعداد المطلوبين لها في فنلندا أكثر مما يعزز من مطالبها في حال طلب منها عدم الاعتراض على عضوية فنلندا،الخبير الاستراتيجي جورج فريدمان صاحب معهد سترافورد كان قد أكد أن تركيا ستكون مع عام 2040 إحدى الدول الثلاث الأهم في العالم، ولعل التقدم الذي تحرزه على المستوى العسكري، إلى جانب الحضور الدولي الذي تحظى به، والحاضنة الإسلامية المتنامية سيعزز كله من حضورها أكثر فأكثر.