11 سبتمبر 2025
تسجيلأخيرا استطاعت روسيا أن تدير دفة المشهد السياسي إليها بعد أن فجرت حربا ضد أوكرانيا وغزت أراضيها في 24 فبراير 2022 فأيقظت العالم كله ضدها لا سيما أوروبا التي انتفضت عن بكرة ابيها تندد وتهدد بينما اتخذت واشنطن مسلك العقوبات الاقتصادية على شخصيات وكيانات ومؤسسات روسية مقدمة الدعم المادي الكبير لأوكرانيا التي تعجب رئيسها المناضل في شوارعها زيلنسكي من تردد أوروبا على وجه الخصوص من إعلان انضمام بلاده لحلف النيتو وتوجيه جيشه الموحد نحو دحر الدب الروسي من على أرضه وهذا بفضل التهدئة التي تقودها تركيا لضمان سهولة وتيسير تسيير شحنات الغذاء والحبوب الأوكرانية للعالم عبر البحر الأسود التي تتحكم أنقرة بأكثر منافذه وطرقه أهمية ولا شك أنكم أيضا تذكرون السيدة الأمريكية التي تمثل اليوم منصب رئيسة مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس) والتي تحدت بلد المليار و400 ألف نسمة (الصين) وأصرت على زيارة رسمية ومعلنة لدولة (تايوان) التي تتمتع بحكم ذاتي لكن بكين تعتبرها جزءا لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية الشيوعية العظيمة وقد حضرت المرأة التي كان يعتبرها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب امرأة سليطة اللسان ولا يمكن أن تحظى بمنصب رئيسة الكونجرس بهذه الشخصية الفظة إلى تايوان غير مبالية بالتهديدات التي سبقت حضورها فعلا وهبوط طائرتها في مطار تايبييه التايواني أو بالتهديدات التي واكبت الزيارة ولا بجعجعة الصينيين التي لا يفهمها الأمريكيون عادة مؤكدة في الوقت نفسه على وقوف الولايات المتحدة بجانب تايوان دون الإشارة إلى ما تمثله هذه الزيارة من قلة تهذيب للدولة الأم (الصين) واعتبار أن زيارة نانسي بيلوسي اعتراف ضمني باستقلال تايوان وعدم تبعيتها لجمهورية الصين التي ترى أن تايوان تعد مقاطعة تابعة لها وليس دولة مستقلة رغم تمتعها بحكم ذاتي لا يخضع للقوانين الصينية الرسمية. وقد وصلت نانسي تايوان وهي تبتسم والصين ترغي وتزبد ويكاد التنين الصيني ينفث النار من فمه المشتعل ولكن ماذا حدث بعد كل هذا كله ؟! هذا ما كان العالم ينتظره تحديدا ورأوا أن حديث الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش الذي يعرب عن قلقه دائما يبدو صائبا هذه المرة مما دعا لمئات الآلاف من المراقبين والشعوب إلى إطلاق وسم الحرب العالمية الثالثة في مواقع التواصل الاجتماعي إشارة إلى تضخم حدة التوتر بين بكين وواشنطن إثر هذه الزيارة (البيلوسية) غير المرحب بها من قبل الصين حتى وصل بالكثيرين إلى اعتبارها حربا نووية غير مسؤولة يمكن ان تنفجر في اي لحظة لدرجة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذر من قيامها وإنها يمكن أن تنهي العالم مبكرا إذا ما كانت حربا نووية على حد قوله لكن العالم تفاجأ بأن الصين بدت أكثر وداعة ولطفا مما بدأت به تهديداتها وضربت على وتر السيادة التي يجب أن يحترمها الأمريكيون واستدعت السفير الأمريكي المتواجد لديها للتعبير عن رفضها زيارة بيلوسي لتايوان وأن واشنطن بهذا قد انتهكت حرمة سيادة الأراضي الصينية معبرة في الوقت نفسه عن أن تايوان تابعة لها ولا يمثل ترحيب الأخيرة لزيارة المسؤولة الأمريكية لأرضها شيئا لتكتفي بردة الفعل المهذبة هذه والتي لم ترق لحدة التهديدات التي سبقت الزيارة حتى وصول بيلوسي العنيدة مطار تايبييه مما شكل صدمة كبيرة للعالم الذي وقف مراهنا على صدام قوتين من القوى الخمس العالمية وإثبات أيهما يمكن أن يقف بثبات حتى نهاية المعركة ولذا تبدو واشنطن منتشية بثباتها وإثبات أنها قوة عالمية عظمى رغم أن موسكو قد استطاعت زعزعة هذا الثبات في حربها ضد أوكرانيا فإن بكين قد عجزت عن زحزحة قدم واشنطن التي حطت في أرض تايوان ولا شك أن تبعات كل هذا تخرج شيئا فشيئا بعيدا عن محيط العرب لأول مرة لا دخل لنا لا بهذا ولا ذاك والحمدلله.