14 سبتمبر 2025

تسجيل

(مسمار في لوح)

30 مايو 2021

دخل بوسعد مجلس "الربع" وعيناه تحدقان في هاتفه النقال بتركيز شديد وكأنه يجري عملية جراحية مجهرية في أعصاب المخ، ونظارة القراءة التي يرتديها نزلت على حافة أنفه مهددة بإلقاء نفسها من على شفا جرف هار، ولم يشعر بأنه وصل إلى وجهته إلا حين سمع صوت بو راشد يقول له " هوب هوب يا بوسعد لحد يتخرطف في فوالتنا (الطعام الذي يقدم للزائر) "، وهنا رفع رأسه بوسعد وقال " السموحة يا جماعة، السلام عليكم"، قال بو حسن ممازحا " ما شاء الله يا بوسعد قبل ذا الجوالات حتى القرآن ما فتحته تقرأه، واللحين نظارة قرايه وصاير كنك من ذا المحللين اللي يجيبونهم في التلفزيون يتفلسفون لهم خمس دقايق ويضرب له مبلغ وقدره، اليوم يمدحك في قناتك وبكره يسبك في قناة ثانية"، وما أن أكمل بوحسن حديثه حتى انتفض بوسعد وهو جاثٍ على ركبتيه ورفع صوته قائلا " لأنكم راقدين ما تدرون، الدنيا معتفسة وأنتوا بس قاعدين تتطنزون على خلق الله، حبيبي جاني خبر بيفر روسكم فر"، فرد عليه بو راشد متسائلا "عسى ما شر ما سمعنا شيء هذا احنا طول اليوم نشوف الأخبار ولا به جديد"، ضحك بوسعد ضحكة الواثق المتمكن والذي كما يقول إخوانا المصريون "جايب الديب من ذيله"وقال لهم" اخذوا هل الخبر واعتبروه مسمارا في لوح، يقولون ماسكين كم واحد من الهوامير في تهم تلاعب وبوق (سرقة)، وأنتوا يا غافلين لكم الله ما تدرون عن هوا داركم". هذا الخبر وقع كالصاعقة على الجالسين في المجلس وأخذ كل منهم ينظر للآخر بنظرات ملئها الحيرة والاستغراب، وكسر بوحسن حاجز الصمت الذي ساد لثوانٍ ولكنه كان كأنه ساعات وقال " افا يا ذا العلم، أنت متأكد يا بوسعد"، فرد بوسعد "اقولك اخذ علم مسمار في لوح"، فقال بوراشد " يا بوسعد ترى ذا الكلام خطير، ولا سمعنا أي شيء من الأجهزة الرسمية وإذا كلامك طلع ما هوب صحيح ولا إشاعة ترى بيشلونك الأمن والله يا عيونك أنها تقعد تراوغ، وذيك الحزه ترانا ما نعرفك وبنقولهم عندكم إياه" وقبل ان يرد بوسعد على كلام بوراشد، قال بوحسن " وأنت صادق يا بوراشد ترى البلاد فيها قانون، وسوالف نشر الإشاعات ما يلاعبون فيها، والمسمار اللي في لوح اللي عطاك الخبر تراه ما هب نافعك، فالعن إبليس وخلك من هالسوالف "، هنا ادرك بوسعد خطورة الموقف بعد سماعه للتنبيه والتحذير من اقرب أصدقائه فتدارك الأمر وقال " يا جماعة استروا على ما واجهتوا، والله ما ادري بس جاني ذا الخبر في الواتساب وقلت بتفلسف عليكم به، لا والله ما فني شدت سين جيم ". لعل مثل هذه الحوارات قد دارت ولا زالت تدور في الكثير المجالس بين الأصدقاء وحتى في محيط العائلة، وهي انما انعكاس لتفاعل المجتمع مع الأحداث، وتتنوع مواضيع هذه الحوارات والنقاشات على حسب الأحداث الجارية التي تهم الوطن والمواطن، ويسهل عند حدوث أمر جلل أن تنتشر الشائعات بين الناس، لذا فإن الشفافية في نقل الحقائق للمجتمع يغلق ويسد جميع أبواب التخمينات والشائعات المتعلقة بالأحداث والمشاكل التي تهم المجتمع وتثير رأيه العام. ونرى أنه في معظم دول العالم المتحضر هناك سرعة ومبادرة يتخذها المسؤولون للظهور على منصات الإعلام المختلفة لنشر الحقائق المتعلقة بالأمور التي تهم الدولة والمجتمع وذلك لسببين رئيسيين، أولهما طمأنة المجتمع بأن هناك إدارة واعية وسليمة للأحداث، وثانيهما تزويدهم بالحقائق والمستجدات من مصادر موثوقة حتى يتم كسب ثقة الرأي العام المجتمعي والذي بدوره يقطع الطريق على انتشار الشائعات التي من شأنها الإساءة إلى أفراد المجتمع وأجهزة ومؤسسات الدولة. @drAliAlnaimi