20 سبتمبر 2025

تسجيل

العنف الرمزي وبقايا الجاه الاجتماعي

30 مايو 2021

رأس المال الاجتماعي هو مجموع ما ينفقه الانسان على نفسه لتحسين وضعه الاجتماعي، او تموضعه داخل المجتمع، والانفاق هنا ليس ماديا فقط وانما سلوكي ومعنوي كذلك، اما العنف الرمزي فهو ما يمارسه البعض على البعض نتيجة تمايز وضعهم الاجتماعي او الطبقي، كأن يركب احدهم سيارة فخمة وسط قرية لا يمتلك اهلها الا الوسائل البدائية كوسيلة للمواصلات، فتأثير ذلك عليهم يندرج تحت ما يسمى بالعنف الرمزي والامثلة كثيرة في هذا المجال. المواطن الخليجي والعربي بشكل عام موضع جلي لتمظهر هذين المؤشرين، على شكل معادلة معكوسة تتمثل في اضمحلال رأس ماله الاجتماعي داخل مجتمعه، وازدادت سطوة العنف الرمزي عليه من جهة اخرى من خلال بروز اشكال وتصرفات واخلاقيات مادية ومعنوية تدل بشكل واضح على حالة من الاستعلاء في مقابل حالة من الضعف وقلة الحيلة، بينما الوضع الطبيعي هو العكس، حيث من المفروض ان يزداد وضع المواطن الاجتماعي ثراء، وتتناقص بالتالي حدة سطوة العنف الرمزي الموجهة اليه لو ان هذه المجتمعات تسير في الوجهة الصحيحة لها. حتى في المجتمعات التقليدية كمجتمعاتنا الخليجية التي تعتمد على الارث التاريخي للعائلة او القبيلة او الافراد كرأس مال اجتماعي لم يعد ذلك واضحا، وانما الواضح ان ذلك في انحسار، وليس سبب ذلك تطور البنى التقليدية للمجتمع بقدر ما هو سياسي الطابع وامني الانضباط، وتبعا لذلك يأتي طرف المعادلة الاخر وهو تزايد العنف الرمزي بأشكاله المختلفة، وهو عنف كما قلت يؤذي نفسياً وقد لا يؤذي بدنيا، ويأخذ شكلا أوضح، حيث يبدو التمايز فج الظهور ويتجه المجتمع بالتالي الى الانقسام او الانشطار الى طرفين رويدا رويدا. استطاعت مجتمعاتنا في السابق الاحتفاظ بوضع اجتماعي جيد لمواطنيها، بعد ظهور النفط يجعل منه رأس مال حقيقيا لهم، والمعروف انه قبل النفط كان الجميع على قدر ومسافة واحدة من الثروة والجاه الاجتماعي، الامر الذي هون من الاختلال المادي بينهم كأفراد وعوائل، ومع الوقت كان رأس المال الاجتماعي هذا هو الضمان في تبنيهم قضايا مجتمعهم، حيث المكانة المميزة لهم جعلت الكفة تميل لصالحهم على جميع الحسابات والمعايير المادية التي قد يعبر عنها رأس المال المادي والحقيقي، وبالتالي كانت مظاهر العنف الرمزي اقل بكثير مما هي عليه اليوم، فكلما ازداد حجم رأس المال الاجتماعي للأفراد "المكانة الاجتماعية وتأثيرها" خف تعريضهم للعنف الرمزي الذي يكشف تباين المجتمع، حيث تعريض او تعرض الشرائح الكبرى فيه للألم النفسي والشعور بالدونية وبانعدام التأثير. [email protected]