18 سبتمبر 2025

تسجيل

«الهوية» أم الهيمنة المفروضة «أولاً»

24 يونيو 2024

في اعتقادي أننا كأمة وكأفراد تعرضنا بعد خروج الاستعمار الغربي إلى وعي زائف ولَّد لدينا أولويات زائفة ووجه الجهد الكلي للأمة نحو اتجاهات مفروضة عليها وإلى أولويات مغلوطة تدور جميعها حول قضية «الهوية». وأصبحت جميع معاركنا ردود أفعال وإثبات وجود لا أكثر وأودع الاستعمار الطويل لأراضينا هيمنة روحية غربية من نوع آخر قلبت سلم الأوليات لأمة قد تحررت للتو من الالتحاق بركب الإبداع إلى النبش في التراث لإثبات هويتها المتسربة ومضى قطار العمر بها في معارك وهمية بين ذاتها وذواتها وأصبحنا أمة بلا إبداع وبلا إنتاج. يشير الدكتور فتحي المسكيني حول هذا الموضوع قائلاً «جعلتنا هذه الهيمنة الغربية نحبس عقولنا ونصوصنا في دور الآخر المجروح وليس في دور الذات المبدعة لمشروعها الخاص فتحول الفلاسفة والمفكرون إلى شُراح للتراث ومؤولين له». في تقديري استأنفت الدولة العربية الحديثة هذا الدور أو هذه الهيمنة الغربية التي ولدها الاستعمار وهذه الأولوية المغلوطة في مجتمعاتها فأصبح الفرد فيها بالتالي يبحث عن هويته باستمرار ووقع تحت معاناة فرضت عليه فرضاً فماتت روح الإبداع والتميز لديه طالما أن التوجه باستمرار عمودي وليس أفقيا باتجاه المجتمع ورقيّه. وأصبح البحث باستمرار عن وصفة دائمة ومستمرة ونهائية لماهية متغيرة ومتحولة وهي الذات الإنسانية. وضعنا الاستعمار بعد خروجه أمام أزمة اختلقها هو وغرسها في أذهاننا وهي قضية «الهوية» وأوهمنا أو توهمنا أن شرط الدولة إقامة الهوية وحراستها والانكفاء عليها وأصبحت ديدن ثقافتنا ولؤلؤة تراثنا دون إبداع أو رؤية للمستقبل الآتي باستمرار.