18 سبتمبر 2025

تسجيل

استاد الدوحة

30 مايو 2019

روح استاد الدوحة لا تزال تشتعل في ذاكرة الجيل السابق، ولا تزال تحدث دويا لمن يقرأ تاريخ الرياضة في قطر من الاجيال التالية. لحظة دخول الشيخ جاسم -رحمه الله- في تمام الرابعة عصرا يترقبه الجمهور في مدرجات استاد الدوحة بفارغ الصبر ليعيش لحظات حاسمة من الصراع الكروي الجميل بين أندية قطر، لا تزال صورة أبوجبرة وهو مستلق بكاميرته خلف المرمى ليقتنص فرصة تسجيل هدف لتنشر في اليوم التالي في مجلة العروبة في الأذهان. لا يزال أبو أسعد بشنطته الطبية واقفا على أتم استعداد للتدخل واسعاف اللاعب المصاب، عاهد الشنطي حكمنا الدولي وأول من اعطى «بيليه» إنذارا. لحظة مشهودة من تاريخ استاد الدوحة، خالد بلان وأخوه طالب، ومبارك وليد وعيسى محمود وصالح صقر وناصر سرور وخطاب عمر وخالد سلمان الخاطر وسلمان خليفة و»دقدق» حسن عثمان وابراهومة وصلاح دفع الله ومحمد غانم وسيف الحجري هؤلاء بعض نجوم استاد الدوحة في أوج تألقه وبريقه، اختفوا بعده وغاب الجمهور القطري مع تقاعد استاد الدوحة، كان التدافع مشهودا في لقاءات الاندية الاكثر شهرة كالعروبة وقطر والريان والوحدة والنجاح والتحرير، ولاحقا السد. كان استاد الدوحة ليس ملعبا لكرة القدم فقط، كان يمثل ترجمة حقيقية لنشاط المجتمع الشبابي القطري واهتماماته في ذلك الحين، كان عاكسا للروح القائمة بين ابناء الفريج الواحد سواء في الدوحة أو في منطقة شرق أو في الريان أو الوكرة أو الخور، كان يمثل قمة الارتباط الاجتماعي بين هذه المناطق على شكل لقاءات كروية ممتعة يلتقي ليس فقط الكبار وانما الاشبال كذلك في الساعة الثانية ظهرا ومع ذلك تجد المدرجات ممتلئة بالحضور. استطاع استاد الدوحة أن يشد حتى كبار السن وليس الشباب في ذلك الوقت، كنا نرى عددا كبيرا منهم حريصا على حضور المباريات تجد عوائل أهل قطر ممثلة كذلك في الاندية، حيث تواجدهم سواء كلاعبين أو إداريين. البعد الاجتماعي لاستاد الدوحة كان كبيرا ويعادل البعد الرياضي الذي أنشئ من أجله، دليل على أن كرة القدم أو الرياضة بصفة عامة لاحم اجتماعي هام عندما تكون بعيدة عن عامل الربح والخسارة المادي، أو قل قبل أن تترسمل. كان ظهور الاندية في قطر بين رغبة الشباب في حينه وامتناع المجتمع ممثلا في الاجيال السابقة مثار تحد كبير وتضحية، لذلك كان وجودها قضية هامة وليس ترفا، لذلك كان اللاعب القطري الجيد فرصة لا تعوض، كما كان استاد الدوحة مسرحا للتألق، وايضاً كان اهتمام المسؤولين في محله، لم يكن فقط ملعباً لكرة القدم فقط بل كان مجالاً عاماً لجميع النشاطات في الدولة. في اعتقادي ان استاد الدوحة كان يمثل مسرحاً لروح المجتمع ورمزاً لتلاحمه وهو ما كان دور الرياضة في حينه اليوم نشكو من قلة حضور الجمهور رغم الملاعب الفاخرة والاستعدادات الضخمة، ونستعيض عنه بقوالب جاهزة من هنا أو هناك، هذا شيء طبيعي بعد اختلاف المعادلة بين المجتمع والرياضة أو كرة القدم بشكل خاص، فلم يعد الارتباط عضويا بين المجتمع وكرة القدم، وليس حتى بين المجتمع والمنتخب الوطني. الرياضة اصبحت سوبر ماركت تعرض فيه كل منتجاتها وهناك بائع ومشتر، لكن يبقى استاد الدوحة بطقوسه المتعارف عليها، مباريات الدرجة الثانية ظهرا، دخول الشيخ جاسم الرابعة عصرا، السلام الوطني، بدء المباراة الرسمية سواء بين فرق الدرجة الأولى القطرية أو مع أحد الفرق الزائرة، لا تزال حاضرة، والاجمل أن استاد الدوحة لا يزال حاضرا، رغم غياب الطقوس واصحابها في مفارقة تاريخية، حيث درجنا على تغيير الرسم وبقاء الاسم. لا يزال صدى صفارة عاهد الشنطي يرن في اذني وفلاش أبو جبرا في ذاكرتي وشنطة أبو اسعد في ناظري «قديمك نديمك لو الجديد أغناك».   [email protected]