10 سبتمبر 2025

تسجيل

حروب إعلامية متخلفة

30 مايو 2017

وحدها بلاد العرب التي من الممكن أن تندلع فيها الحروب بلا سبب ولا سابق إنذار، والمؤسف أنها حروب متعددة تأخذ أشكالا مختلفة، فليس للمعارك العسكرية حظ كثير في حروب العرب، بل إنها تختلف حسب قوة الدول وحسب ما تمتلكه، فمنذ منتصف القرن الماضي كان التهديد العسكري ضد الدول الناشئة والصغيرة لا يعدو عن كونه تحركات استعراض قوى على الجيران والأشقاء من العراق ومصر وسوريا، لكنه اليوم تطور إلى حرب اقتصادية وحرب معنوية وحرب إعلامية وخاتمتها الحرب الإلكترونية، ولهذا وللأسف لم نجد خلال خمس وثلاثين سنة مضت أن دولة عربية اعتدت على إسرائيل أو إيران أو تركيا، فبطولاتنا على أنفسنا فقط. في الأسبوع الماضي حدثت تطورات أخلاقية خطيرة، والخطر أنها أخلاقيات سياسية منحدرة، فبعد قمة الرياض المزدوجة، والتي اجتمع فيها قادة دول الخليج والعرب وزعامات دينية على شرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ظهر جليا عدم رضى عن بعض الكلمات التي ألقيت في الاجتماع، وهذا يؤخذ كرأي سياسي، ولكن ما جرى بعده من تجريم ضد دولة قطر بلا احترام ولا ذنب، وانفجار بركان الحمم المتدحرجة من قبل وسائل إعلام مصرية وعربية أخرى، يجعل المرء يحتار في وصف الإعلام العربي، هل هو أداة بناء وتنوير وتثقيف ووعي سياسي، أم أدوات تدمير وهدم للبناء الأخلاقي لأمة العرب.من الطبيعي أن يحدث الخلاف السياسي بين الدول والحكومات، لا بل في داخل الحكومات والدولة الواحدة نفسها، والاختلافات هي ظاهرة صحية لخلق توازنات تعتمد عليها حركة السياسة العامة للدول، ولكن أن يصل الحد إلى شن راجمات الصواريخ الإخبارية هجوما لقطع كل أمل في بقاء التوافقات الخليجية والخليجية العربية للخروج من هذا الوادي السحيق الذي انزلقت فيه دولنا وحكوماتنا وشعوبنا، فإن هذا لا ينبىء بخير، ويتطلب الإسراع من القيادات السياسية التي تتحكم بكل شيء في بلادنا، أن توقف هذه الفتنة التي باتت تأخذ أبعادا أكبر مما بدأت به.على الحكام الحكماء أن يتذكروا أن هناك من يتربص ببلادنا لينتهز الفرصة لتقطيع لحومنا وبيعها لذئاب العالم لو استطاعوا، وعلى حكامنا أن يتجاوزوا هذه العادة البغيضة التي كانت من مخلفات القرن الماضي، وهي الضرب في هذه الدولة ودعم نظام ضد آخر لغايات مصلحية، ولهذا يجب إيقاف الحرب الإعلامي، والاعتماد على البيانات الرسمية، النيران بدأت تخرج إلى بلاد عربية أخرى، ما سيؤجج الصراع الإعلامي والذي سينعكس على المسيرة السياسية في سوريا واليمن وليبيا، ومن المؤكد أن ذلك هو الجائزة الكبرى التي حصلت عليها إيران بعد مؤتمر الرياض.هناك من يعشقون الشقاق، بل يسعون فيه وكأنه وظيفة أوكلت إليهم من الشياطين وأعداء هذه الأمة العربية الإسلامية، وهؤلاء مصلحتهم في استمرار الخلافات، بل وخلقها من العدم وتضخيمها والتحريض على تبنيها، وصنف منافق في أوساط إعلامية وسياسية، تعمل لصالح مكاسبها المالية فقط، ولا يهمها لو احترقت بيوت العرب كلها، وهذا يجب أن يكون إنذارا للزعامات العربية أن ترتقي حتى في خلافاتها.