10 سبتمبر 2025

تسجيل

هل يغير العرب قبل أن يتغيروا

08 يناير 2018

ها نحن ندخل عاما ميلاديا جديدا، سنين يسجل فيها العالم إنجازات عظيمة في كل نواحي الحياة من التعليم للأطفال وحتى علوم الفضاء وما بين السماء بما لا يحصى من الاختراعات والاكتشافات التي تخدم البشرية وتخدم مصالح دولهم وشعوبهم، ورغم نزعة اليمين التي بدأت تتعاظم في السنوات الأخيرة بدعم من الاتجاهات السياسية في الدول الكبرى، فإن الأقطاب المعتدلة لا تزال تحافظ على البنية الأساسية للتعاطف الإنساني والتعاون الثقافي والإنساني بين الشعوب، للاستفادة من حركة التجارة العالمية والأسواق الناشئة الجديدة، والجميع يناهض مبدأ الحروب والديكتاتوريات، إلا عالمنا العربي الذي بات على النقيض. لعل مصر هي أول دولة عربية حديثة لا تزال قائمة منذ نشأتها مع زمن الباشوية وانحسار السلطة العثمانية، ومع هذا باتت الدولة العربية الكبرى تتراجع في مؤشرات التنمية البشرية والتطور السياسي إلى الحد الذي باتت عاجزة فيه اليوم اقتصاديا وأمنيا في ظل مذابح مؤسفة يتعرض لها فئات من الشعب والمجتمع المصري، وكان الأصل أن تتطور الدولة المصرية العريقة لتنافس دولا كان الفقر والمرض ينخرانها مثل دول شرق آسيا والصين والهند وباكستان ودول أخرى تحولت إلى دول عملاقة في الصناعات والتكنولوجيا والأسواق القوية دون حروب. ما بعد مصر هي دول المغرب العربي التي لا تزال تعيش في الحالة الضبابية، حتى باتت غير مؤثرة ولا متأثرة بأي شيء سوى مشاكلها الداخلية أو نزاعاتها الحدودية، وبعد خروج ليبيا من وصفها دولة لها حكومة وقيادة وجيش ونفط وتحولها إلى صحراء يتقاتل فيها البشر وتصفي الدول نزاعتها على أرضها، لا يمكن التكهن بمستقبل المغرب العربي كجزء من العالم العربي الأقرب إلى أوروبا، والخشية من أن يتحول ذلك الجمود إلى براكين يمكن أن تتفجر اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا لتتحول إلى فوضى قد تصل إلى حروب داخلية أو مع الجوار ولا أحد يهتم حتى اليوم . وإلى الشرق العربي نرى كيف أن دول الخليج العربي وهي الأقرب إلى التجانس والتقارب وتشابك الأصول وتشابه السمات والأعراف والتقاليد حيث تمتلك بيئة عربية أصيلة وشعوب عريقة، وحباها الله بمقدرات وثروات طبيعية تمكنها من ارتقاء أعلى سلم التنمية البشرية، نجدها اليوم تواجه المستقبل بالمزيد من التراجع، ورغم تجدد الأجيال الشابة الطموحة وذات التعليم الجيد والرؤى المستقبلية الرائعة، فإن الاضطراب السياسي الذي نتج عن محاولة الاستئثار بالرأي الواحد والمفاضلة بين من هو معي ومن هو ضدي مع مسائل غير مفيدة واقعيا، فإن المستقبل لا يشير إلى تحسن في الوضع السياسي أو الاقتصادي، خصوصا في ظل الحروب والنزاعات التي لا يبدو أنها ستنتهي بعدما أكلت ثمار الموارد المالية دون طائل. أما بلاد الشام ابتداء من الأردن والأراضي الفلسطينية ولبنان فهي لا تزال على عهدها القديم التنمية البشرية تتقدم ببطء رغم قدرات أبنائها وتعليمهم القوي، ولكن المديونية العالية لحكومات الأردن ولبنان والعجز المريع للحكومة الفلسطينية، لا يبشر بأي مستقبل جيد على المدى المنظور، وهنا نستثني سوريا التي باتت "دولة دمشق والساحل" أما بقية سوريا فهي قاع صفصف، مثلها مثل اليمن الذي لا أحد يملك وصفا له، بينما دول القرن الأفريقي العربية تكابد ما بين خلافات إخوتها. لهذا على حكومات الدول العربية وقادتها أن يبدؤوا هذا العام بوضع خطط لتغيير العقليات والسياسات التي تحكم وتتحكم في القرارات البائسة، وتتجه إلى مشروع مصالحة كبير يضم جميع الدول العربية، الشرق أوسطية على الأقل، لمواجهة المستقبل الذي يهددنا بإعادة العالم العربي إلى صحراء كما كنا من قبل، وهذا قانون الله الذي شرحه القرآن الكريم، من الاعتصام بحبل الله أو التفرق وذهاب ريحكم، فهل ستغيرون أم ستتغيرون؟!