11 سبتمبر 2025

تسجيل

ليهنأ الصهاينة بدولتهم

11 ديسمبر 2017

كانت الهوية السياسية الدولية للقدس ضائعة منذ خمسين عاما ولم يتنبه أحد لذلك، فبعد قبول الأردن بمطالب العرب والمنظمة بفك ارتباط الضفة الغربية بالأردن 1988 وتركت له الوصاية على المقدسات الدينية في المدينة العتيقة فقط، باتت القدس كبقية الأراضي الفلسطينية "أرض متنازع عليها" بعد كانت أرضا محتلة من قبل إسرائيل، حتى أصدر الكونجرس الأمريكي قرارا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل 1996، ولم يُقدم الرؤساء كلينتون وبوش وأوباما على توقيع القرار الرئاسي بالموافقة على القانون حتى جاء الإمبراطور الأمريكي ونائبه القيصر ليقدما الهدية لصديقه نتنياهو والأمة اليهودية. ارتكب العرب أخطاء وخطايا كبيرة منذ قيام دولة الكيان الإسرائيلي، وكان تفرقهم ونزاعهم ناهيك عن مؤامرات البعض من القادة للحفاظ على عروشهم الرئاسية يصب في صالح الدولة المحتلة، حيث بات يتلاشى الاهتمام بالقضية الفلسطينية وعلى رأسها القدس شيئا فشيئا لصالح النزعات الداخلية للحكومات العربية، وفي ظل الصراعات الداخلية العربية تخلت الدول الإسلامية غير العربية عنها أيضا، وباتت دولة إسرائيل المحتلة هي الحصان الوحيد في الميدان العالمي، إذ أصبحت دولة عالمية، وعادت الدول العربية إلى دول الحزب الواحد ودولة القبيلة والقرية والرئيس الخالد، حتى الفلسطينيون أنفسهم في خارج فلسطين لم تعد لديهم القابلية لفكرة أن عودتهم قريبة لأرضهم الفلسطينية، فانشغل الجميع بالحياة وأهملت القدس. اليوم يحتفل أباطرة إسرائيل بقرار الإمبراطور الذي طال انتظار خروجه من القمقم دونالد ترامب بتنفيذ قرار إهدائهم ما ليس لهم، القدس عروس عروبتنا، العروس المقدسية التي شاخت وتجعد وجهها، وهي تنتظر عريس العروبة الذي لم يأت ولن يأتي، فلماذا يغضب العرب الذين انشغلوا بملذاتهم أو انشغلوا بصراعاتهم وقتل بعضهم بعضا؟ اليوم ليس يوم الحزن، بل هو يوم الطامة الأخيرة على ما تبقى من العرب، فبالأمس القريب قبل أسبوعين، احتفل الإسرائيليون بـما يسمونها "النكبة اليهودية"، في 30 أكتوبر تشرين ثاني في صرعة جديدة عمرها أربع سنوات للادعاء بتهجير اليهود من الدول العربية وترحيلهم إلى إسرائيل أو الأرض الموعودة كما يدعون، بينما يتناسى العالم يوم النكبة الفلسطينية التي لا نزال نأكل من شجرتها الخبيثة حتى اليوم. اليوم يحق لكل الصهاينة ولكل السكارى والمدمنين والشواذ والمغتصبين واللصوص والمجرمين، ولكل المضطربين نفسيا والسياسيين بل ويحق للموتى في دولة إسرائيل أن يحتفلوا جميعا وأن يرقصوا على جثة القضية الفلسطينية وعلى رؤوس المصلين في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وأن يعبروا عن فرحهم الغامر بأن الوعد الإلهي الكاذب قد تحقق، يحق للأطفال قبل الشيوخ أن يفرحوا ويفتخروا لأن لديهم دولة ورجال دولة صهاينة يحققون أحلامهم المستحيلة وأطماعهم بصنع تاريخ كاذب، رجال دولة يجبرون حكام العالم على إطاعة أوامرهم لخدمة مصالحهم العليا، لا حكاما يقتلون شعوبهم ويقتلهم شعبهم سحلا بالشوارع أو رميا بالرصاص ويضربون وجوههم وتماثيلهم بالأحذية. اليوم ليفرح العرب أيضا، فتأنيب الضمير قد سقط حكما عنهم، واستحالت المسؤولية التاريخية إلى تاريخ جديد ليس فيه مصطلحات مزعجة ممجوجة كعملية السلام والتسوية وحل الدولتين والقدس قبلتنا الأولى وعروس عروبتنا، ولينظروا إلى ابنتهم التي خطفها الغزاة سنوات طويلة وهم يتبادلون القصائد السياسية ثم ها قد جاء يوم عرسها حيث عقد قرانها على الخاطف، افرحوا أيها العرب فلم يعد بعد هذا حياء قد يحرجكم، فاخلعوا ملابس البطولة واكشفوا عن عوراتكم واقرعوا كؤوس النفط، وأطلقوا الصواريخ في الهواء ابتهاجا لخلاصكم من ذلك الكابوس الذي اسمه القدس، وعودوا إلى حلبة خلافكم وليجهز بعضكم على بعض حتى آخر عربي ومسلم.