15 سبتمبر 2025
تسجيلجاءني صديق أعزه وأقدره يشكو حالته، أنه يحمل على كتفيه ستين عاما ونيفا كان من كبار الموظفين في الدولة وطبقا للنظام أحيل صاحبي إلى التقاعد رغم أن في النظام مخارج تتيح للمواطن الذي بلغ الستين في الاستمرار في عمله حتى الخامسة والستين، صاحبي المعني يمارس الرياضة اليومية وصحته كما قال بذلك طبيبه في حمد الطبية وكذلك المستشفى التايلندي الذي اعتاد عرب الخليج السفر إلية للاطمئنان على صحتهم كل تلك التقارير تشهد بتمتع صاحبي بلياقة بدنية وصحة عالية لكن الإدارة أو الوزارة المعنية أبت أن تمدد لذلك الصديق فترة زمنية أخرى. (2) له أسرة كبيرة يعولها ليس لديه مورد إلا ما يتقاضاه من مخصص التقاعد تقدم إلى أحد البنوك التي يتعامل معها وطلب قرضا ليس كبيرا بمقاييس ما كان يحصل في الماضي، امتنع البنك من إقراض صاحبي لا لسبب إلا لأنه جاوز الستين عاما. راح يجادل المدير المختص في إدارة البنك قائلا هل تخاف أن أنتقل إلى الدار الآخرة وأنا مديون لك؟ قال المدير المسؤول الأعمار بيد الله، والكن هذا قانون البنك وتعليمات البنك المركزي، المصرف المركزي، صاحبي قال ما هو الحل؟ الصيف قادم وأسرتي اعتادت السفر لقضاء بضعة أيام في الخارج كغيرهم من المواطنين، ورمضان قادم ومصاريفه تتعاظم فماذا افعل؟ صاحب البنك نصحه بعدم السفر هذا العام. قال صاحبي: هذه السنة الرابعة التي لم تغادر أسرتي الدوحة لقضاء عطلة قصيرة خارجها. ياأخي تذاكر السفر على القطرية "جهنم" يعني مرتفعة الأسعار بشكل غير معقول وكأن القطري معاقب كي لا يسافر، سمو الأمير أطال الله في عمره أمر بزيادة رواتبنا الشهرية ولكن ارتفعت الأسعار وتذاكر السفر على القطرية قبل أن نتسلم أول راتب أضيفت إليه الزيادة ياأخي ارحمونا يابنوك، لا نريد منكم صدقات نريد قروضا بكفالة السداد إما عقار أو أسهم أو كفالة أحد أفراد الأسرة أو صديق. ياأخي لماذا تحكمون علينا بالموت قبل أن يتينا الأجل عن طريق حرماننا من أي تسهيلات. (3) السؤال الذي يطرح نفسه لماذا عندما يحال المواطن إلى التقاعد بعد عطاء لهذه الدولة التي يعتز بالانتماء إليها يصبح محروما من كثير من التسهيلات وأهمها التسهيلات البنكية، لماذا لا يؤخذ على صاحب الحاجة ضمانات قانونية مثل كفالة أحد أبنائه أو أحد أفراد أسرته أو بما يملك من أصول ثابتة أو أسهم مسجلة في سوق البورصة، لماذا إشعار هذا الإنسان بأنه على حافة الموت وأنه شخص ميؤوس من الوفاء بالتزاماته المالية وعلى ذلك يحرم من القيام بأي مشروع لكونه جاوز الستين؟! في الدول الأوروبية المتقدمة يسمون المتقاعدين "كبار المواطنين" يمنحون تسهيلات لا حدود لها، منها على سبيل المثال حقهم في تجاوز طوابير الانتظار على محطات المواصلات العامة، لهم الحق في الانتساب إلى الأندية الرياضية والاجتماعية مقابل رسوم اشتراك رمزية، لهم الحق في استخدام جميع المواصلات البرية والبحرية والجوية بتذاكر مخفضة بنسب كبيرة، في سويسرا مثلا له حق إصدار مذكرة مخالفة لكل سائق سيارة خالف المرور ويؤخذ برأيه. آخر القول: من مقاييس تقدم الدول في أيامنا هذه هو ما تقدمه الدولة "لكبار المواطنين" أي المتقاعدين من تسهيلات وامتيازات وليس فقط بمعدلات دخل الفرد. إننا في حاجة ماسة إلى التفاتة كريمة إلى هذه الفئة من المواطنين من كل صاحب قرار وفي كل المستويات، فهل نرقى إلى مصاف الدول المتقدمة؟