27 أكتوبر 2025

تسجيل

المقومات الجماعية للحضارة الإسلامية

30 مايو 2012

أولاً- الفرد منتظم في أسرة ومجتمع إن هذه الفلسفة على بساطتها ليست موجودة في الغرب، والأسرة عندهم أمر ثانوي، فمن السهل أن يعيش الفرد وحده، بعيداً عن أسرته التي نشأ فيها، لأن أهداف الدولة تدور حول رفاهية الفرد كفرد. أما في حضارتنا الإسلامية فللأسرة أهمية كبيرة، لأنها اللبنة الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، ولأنها تحقق المطالب النفسية والجسدية للفرد باعتدال، والأسرة بالنسبة للمسلم هي الطريق الشرعي لإبقاء العنصر البشري، وحفظ الأنساب من الاختلاط، وهي كذلك مركز لتدريب الفرد على تحمل المسؤوليات في الحياة. - التفكك الأسري في الغرب نعني بالتفكك الأسري مجموع المشكلات والأزمات التي تستولي على الأسرة وتعصف بها، مما يؤدي إلى تمزقها، وتشتت شملها، وتشجع الأفراد على أن يعيشوا منفصلين عن الأسرة الحاضنة، ومما لا شكّ فيه أن الأُسَر المتفككة تؤدي إلى تفكك المجتمع، وإذا تفكك المجتمع أوشكت الحضارة على الانهيار والاندثار، كما هو الحال في الغرب الآن، الذي بدأت أُسَرَه بالانهيار، وظهرت فيه انحرافات أسرية يصعب على العاقل أن يتصورها، فعندهم أسر عشاق، يعيشون مع بعضهم بلا زواج شرعي، ولديهم زواج المثلين، وانتشر بينهم زنا المحارم، ومن المضحك المبكي أن رجلاً في ولاية فلوريدا تقدم للمحكمة بطلب إقرار زواجه من فرس، لكن المحكمة رفضتها ولم تُجزها، لذا بدأ المفكرون والعقلاء في الغرب يحذرون من فكرة موت الغرب، وانهيار المجتمع، بسبب موت الأسر وانهيارها وتفككها. - التكافل الأسري في الإسلام قارنوا الحضارة الغربية بحضارة الإسلام، التي وازنت بين الفردية والجماعية، ومن الأمثلة التي توضح هذا المقوّم، ما يسمى في الفقه الإسلامي بـ " العاقلة "، وهي كلمة تطلق على الأقارب الذكور خاصة من الدرجة الأولى، الذين يستطيعون المساهمة بشيء من أموالهم، لدفع الدية الشرعية، في حال قَتَلَ أحدُ أقاربهم إنساناً عن طريق الخطأ، وعجز عن دفع الدية، أو لم يكف المال الذي يملكه، ففي حال عفا أهل المقتول، وحتى لا يقتل عن الجاني، تصبح الدية واجبة على العاقلة (الأقارب)، لأن القاتل فرد يعيش ضمن منظومة اسمها أسرة ممتدة، فليس على الشرطة والأمن فقط ضبط الفرد، بل أيضاً الأسرة والأقارب، أما في الغرب فالفرد فرد، له تقديره وكفلت القوانين الكثير من حقوقه، لكن تلك القوانين تدور حول الفرد فقط. ثانياً- المجتمع الذي لا يطغى على الفرد أقر الإسلام للفرد حقوقاً كثيرة، واحترم خصوصيته وكفل حقه في الحرية والتعبير عن رأيه، فلسنا الحضارة الشيوعية التي ألغت حق الفرد في التملك، ولسنا الاشتراكية التي لا تقدّر جهد الفرد وبذله، فرفعت شعار " مِنْ كلٍ حسب طاقته، ولكلٍ حسب حاجته " بمعنى يبذل كل فرد ما يستطيع من جهد، ويتم توزيع نتائج هذا الجهد – لا بالعدل- وإنما حسب حاجة كل فرد. ولقد اعترف الغرب بروعة الإسلام في هذا الجانب، وشهد بذلك بعض مفكريهم وعقلائهم أمثال الدكتور " هارولد ب. سميث " نائب رئيس قسم الديانات بكلية (ووستر)، بولاية أوهايو، الذي يقول " يعد الفرد في الإسلام مهمًا، لأنه وحدة من القوة الأخلاقية وفي العرف الإسلامي تصور آخر يتعلق بالفرد في الجماعة ويمنح الناس وسيلة للترابط، وإحساسًا بالاتحاد لا يوجد أحيانًا في التصورات الغربية الحديثة للإنسان ". الحقوق الأساسية للفرد في الإسلام (1) حق الحياة وحرمة التعذيب والاسترقاق والإكراه، قارنوا هذا الحق بما يجري في دولنا الاستبدادية، من مآسٍ تُرتكب بحق الشعوب، ومن رفع صوته بالإنكار فمصيره السجن والإذلال أو القتل وإزهاق روحه. (2) حق الحرية، والإسلام يمنع سجن الناس بمجرد الظن أو الاشتباه، كما يمنع الإيقاف التعسفي للفرد، هذا في الإسلام، أما في دولنا الاستبدادية، فالإنسان لديهم متهم حتى تثبت براءته، وربما يمكث فترة طويلة في السجن لأنه مشتبه به، وأعرف من سُجن في " ليبيا " (17) سنة على ذمة التحقيق، وبعد ذلك ثبتت براءته. (3) حق التقاضي، بأن يوجد قضاء نزيه ومستقل، لا كما هو الحال في دولنا الاستبدادية، حيث يُشترى القضاة ويُباعون، ويقع بعضهم تحت تهديدات وضغوطات، تجعله ينحاز للباطل ويحكم لصالحه، ومن حقه كذلك أن يبتّ بسرعة في القضايا التي يتقدم بها، وألا تُنسى وتُوضع في الأدراج، ومن حقه كذلك أن يدافع عن نفسه فيما يوجّه إليه من اتهامات. (4) الحق في تبني الفكر، واختيار الديانة وحرية الاعتقاد، فلا يجوز أن يُكره على ترك دينه، واعتناق دين آخر، قال تعالى "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" (البقرة/256 ). (5) الحق في النقد والتعبير عن رأيه، والبحث عن الأفكار والآراء، ومن حقه كذلك الحصول على المعلومات التي يحتاجها. (6) الحق في حفظ كرامته حياً وميتاً، في حضرته وغيبته، وأن يُحترم فلا يهان، وحتى إن مات دُفن بكرامة وإنسانية، وحقه في الكرامة المعيشية ونيل الرعاية الصحية الملائمة. (7) الحق في التنقل وحرية الحركة والسفر بلا قيود، فلا يمنع من السفر بسبب انتمائه الفكري أو رأيه السياسي، ولا يُحجر عليه أو تقيّد حركته بسبب نقده أو التعبير عن رأيه. (8) الحق في التجمع والتظاهر السلمي، وتكوين النقابات والتجمعات المهنية، أضف إليها الحقوق السياسية مثل حقّ الترشح والانتخاب واختيار من يمثله وينوب عنه، وحقه في تنصيب الحاكم وعزله. (9) الحق في الوظيفة وممارسة العمل، وتقاضي الأجر العادل، وألا يُحرم أو يُعزل من وظيفته لسبب سياسي أو سبب طائفي، وحقه كذلك في الزواج وتكوين أسرة. (10) حقه في الثقافة والعلم والتعلم، وأن يذهب إلى المدرسة، وإن كان فقيراً معدماً، وهذه الحقوق يجب على الدولة أن توفرها، وواجب عليها كذلك أن تصونها وتحميها.