10 سبتمبر 2025

تسجيل

الفلسطينيون وغريزة الحب والقضايا المصيرية!

30 أبريل 2024

الغريزة قوة مركبة في الإنسان، ويتصف بها كل موجود على الأرض، وهي التي بموجبها نرى هذا الالتصاق بالكون وحب البقاء والمال والتملك والأمومة، وكذلك التراحم والارتباط بالحياة لدى القطعان الحيوانية بكافة صنوفها وسلالاتها. ومن هنا ليس عيبا، أن ينكسر الإنسان حينما يتألم لأي ضرر يصيب ما يحب من الأبناء والأموال والسلطات، ولكن الغريب هو حالة الصمود والثبات والصبر منقطع النظير. وهذه المعاني النبيلة والراقية في الصبر والتحدي قرأنا عنها في كتب الأثر المباركة، ولكننا نراها اليوم تتجسد في العديد من الشعوب الصامدة وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، والأروع أنها تتجسد في ثبات القيادات اللصيقة بشعبها. وقد استشهد يوم 10 نيسان/ أبريل 2024 ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وثلاثة من أحفاده خلال قصف «إسرائيلي» استهدف سيارتهم بمخيم الشاطئ غربي غزة! وكان الموقف الأبرز لهنية «أبو شهداء»، بعد سماعه لخبر استشهادهم بأن دعا لهم بكلمة: (الله يسهل عليهم) رغم صدمته، ثم طلب من مرافقيه إتمام زيارة بقية الجرحى الفلسطينيين في المستشفى القطري!. وفي أول تصريح صحفي أدلى به هنية بعد الحادثة: «أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمنا به باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض الأحفاد. ما يقرب من 60 من أفراد عائلتي ارتقوا شهداء شأن كل أبناء فلسطين ولا فرق بينهم، والعدو واهم إذا ظن أنه بقتله أبنائي سنغير مواقفنا»!. فأي صبر، وأي قدرات تمتلكها هذه القيادات النقية!. وموقف هنية ليس الأول في غزة وفلسطين، وهنالك عشرات آلاف المنكوبين الذين صرحوا بذات الكلمات وبأن الشهادة شرف لهم ولعوائلهم. ويأتي حادث استشهاد عائلة هنية بعد أيام من اعتقال شقيقته «صباح هنية» ببلدة تل السبع جنوبي فلسطين. وقد استشهد العديد من قادة حماس، منذ معركة طوفان الأقصى، ومنهم نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وثلاثة من أعضاء المكتب السياسي، وهم «زكريا معمر، وجواد أبو شمالة، وجميلة الشنطي»، وابن وابنة وزوج وأخت وحفيدة عضو المكتب السياسي فتحي حماد، واثنان من أبناء عضو المكتب السياسي ياسر حرب، وابن عضو المكتب السياسي نزار عوض الله، وابنة وحفيد عضو المكتب السياسي محمود الزهار، ووالدة عضو المكتب السياسي باسم نعيم، وثلاثة من أبناء وثمانية من أحفاد عضو المكتب السياسي كمال أبو عون، وأسرة عضو المكتب السياسي أبو جهاد الدجني كلها، وغيرهم من الشهداء، المدنيين والعسكريين. وهذه أدلة قاطعة على أن قادة المقاومة جزء من الشعب الفلسطيني ولهذا لم نر أي تململ، أو غضب شعبي ضد المقاومة رغم الخراب الذي عم غالبية مدن غزة لأنهم يرونهم يعانون كما يعانون، ويموتون كما يموتون، وهم لم يتخلوا عن المواطنين في غزة. وحادثة استشهاد أبناء هنية وأحفاده أثبتت زيف الإعلام العربي والأجنبي البعيد عن الحيادية والموضوعية والذي أكد أن عوائل قيادات المقاومة، ومنها عائلة هنية، هربت إلى أوروبا لتخليصهم من جحيم المعارك والموت في غزة. الاستهداف الصهيوني لعائلة هنية «علامة إفلاس تشير إلى أن إسرائيل تبحث عن مخرج لنهاية الحرب»، كما قال رئيس «حماس» في الخارج، خالد مشعل، يوم 12 نيسان/ أبريل الحالي! إن حالة الثبات والتحمل الفلسطينية والتضحيات الجسام لقيادات المقاومة الفلسطينية لدليل قاطع على الإيمان بالقضية، والذوبان بالمبادئ القائمة على العمل والبعيدة عن خداع الجماهير، وهذه من أهم عوامل النصر والظفر. الأيام القادمة سنرى فيها الإعلان الرسمي الصهيوني بالفشل، ونهاية حكومة بنيامين نتنياهو، وبداية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ومقاومتها الخيالية.