11 سبتمبر 2025
تسجيلكان قد قيل قديما (كل الطرق تؤدي إلى روما) وتداولت هذه العبارة حتى عصرنا الحالي دون أن يعرف كثيرون سبب هذه المقولة التاريخية التي تعود إلى عهد الإمبراطورية الرومانية وتحديدا إلى روما التي طمحت آنذاك في بناء دولة قوية ومتوسعة فقامت بفتح دول ومناطق بجوارها ولكن واجهتها صعوبات جمة في رصف الطرق فكانت وعرة للغاية فلجأت إلى ربط كل مدينة تفتحها بطريق سوي تصل نهايته بمدينة روما حتى تبقى هذه الدول والمدن والأقاليم تحت حكم العاصمة الرومانية وعليه كان كل من يستدل على هذه الطرق ويسأل عن نهايتها يعرف بأن كل الطرق تؤدي إلى روما العاصمة الرئيسية لإمبراطورية الرومان قديما وإيطاليا اليوم. لكننا اليوم يمكننا بكل ثقة أن نهدي السالكين في طرق السياسة الوعرة والدبلوماسية الصعبة إلى دولة باتت هداة الضالين بها ونقول (كل الطرق اليوم تؤدي إلى الدوحة) نعم العاصمة القطرية التي استطاعت أن تشق بنجاح طريق السياسة الصعب وتضع بصمة في كل محطة تعبرها بثقة، مؤكدة أن الحلول يمكن أن تكون لها أشكال غير الحرب والدمار والنزاع ولغة السلاح القاسية وما ينتج عنها من شتات وتهجير ومآس، وعليه كان وصف قطر بالوسيط الناجح والوسيط النزيه وأنها تملك عاصمة قوية تجمع الفرقاء وتحتوي الخلافات وتؤوي المظلوم فيهم وتختصر مسافات الحوار بين الأطراف وتصل بهم إلى حل يرضي الجميع دون أن تستنقص من حق طرف على الآخر أو تتعدى على سيادة الدول وتفعل كل هذا مع محافظتها التامة على علاقات طيبة مع الجميع، وهي معادلة لا يمكن لمن يحقد عليها ويتلصص بخبث على سياستها الناجحة ويشكك في نواياها من خلال أبواق إعلامية مشبوهة ومدفوعة لها أن يصل لجوهر هذا النجاح الذي جعل من قطر اليوم محطة (one way) يستقر فيها المتنازعون والمتخاصمون فيلقون ما جاؤوا لأجله ولعل ما يجري اليوم في أحداث أفغانستان المتسارعة يجعل العالم يتوجه إلى قطر اليوم قبل أن يرسم سياسته القادمة مع طالبان التي تولت السلطة في البلاد بعد ما يقارب عشرين سنة كانت في حرب دائمة مع القوات الأمريكية التي جاءت بصفة محررة وخرجت بصفة محتلة ليغدو العالم بأسره بمنظماته الدولية وبلدانه الرسمية مجبورا على تبادل العلاقات مع طالبان التي لا يزال نفس العالم يحتفظ بأفكار سيئة ومحدودة عن هذه الحركة المصنفة أمريكيا وفي بعض دول أوروبا في قوائم الإرهاب والقوائم السوداء التي يجرم التعامل معها ولذا كان لنفس هذا العالم المستدير من جهاته الأربع أن يختار التوجه إلى قطر قبل أن يشكل سياسته القادمة مع أفغانستان ليعرف كيف له أن يتبادل العلاقات معها بوضوح وشفافية كما هو مفترض في أي علاقة ثنائية بين أي دولتين وعليه فإن الدوحة اليوم يبدو أن مسؤوليتها قد كبرت أكثر خصوصا فيما يتعلق بالأزمات التي باتت تتفاقم في منطقتنا وكان آخرها الأزمة السودانية التي ندعو الله أن تتوقف رحالها عند نقطة حوار وحلول ترضي جميع الأطراف وتحقن دماء الشعب السوداني الذي بدأ في النزوح لمصر وغيرها من الدول المجاورة لها هروبا من المعارك الداخلية التي أسقطت العديد من القتلى والجرحى من المدنيين الذين لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل ولكن شاء لهم المخربون أن يحيلوا البلاد لحرب أهلية داخلية لحقت بالرصاص وشبح الموت إلى داخل البيوت المأهولة للأسف، وإنني أتمنى أن يمد العقلاء أيديهم بالحلول الملموسة والتي توقف الحرب وتطيل فترة الهدنة حتى الوصول لحلول لا يمكن أن يُستثنى منها الشعب السوداني الشقيق، ولا شك أن قطر والتي تمثل الوسيط النزيه لمثل هذه الأزمات يمكن أن يكون لها يد في التهدئة والوصول لحل وسط ينقذ الخرطوم من تبعات أطماع من أراد بها شرا هي ومثلها من الدول التي ترجو الاستقرار لا الخراب بحول الله وقوته. @[email protected] @ebtesam777