18 سبتمبر 2025
تسجيلازدهرت المناطق الحرة في دول الخليج، حيث باتت توفر ملاذات آمنة لرواد الأعمال من جميع أنحاء العالم، وتساعد في تطوير اقتصادات المنطقة وتنويع مصادرها. المنطقة الحرة هي اختراع أيرلندي طرحه رجل الأعمال بريندان أوريجان للمرة الأولى عام 1959 في مطار شانون غرب أيرلندا، حيث أشار وقتها إلى أن دور المطار باعتباره محطة للتزود بالوقود يقترب من نهايته مع زيادة نطاق وصول الطائرات، ولذلك اقترح فكرة تتمثل في جذب الشركات لأداء مجموعة جديدة من الأعمال عبر تقديم وضع خاص معفى من الضرائب. ومنذ ذلك الحين، انتشرت عمليات تطوير المناطق الحرة في جميع أنحاء العالم، كما ازدهرت في منطقة الخليج بفضل مجموعة من العوامل، حيث تتمتع دول الخليج ببنية تحتية ممتازة للنقل والمواصلات وبموقع إستراتيجي متميز بين الشرق والغرب، فضلاً عن قربها من قناة السويس. وتوفر المناطق الحرة تأشيرات دخول وإقامة سهلة لموظفيها، إلى جانب سهولة إنشاء الشركات وتسجيلها، كما يُسمح للشركات بالاحتفاظ بملكية أجنبية بنسبة 100 ٪. وقد استفادت الشركات متعددة الجنسيات من هذه العوامل واستخدمتها لإنشاء مراكز التصنيع والخدمات اللوجستية والتخزين لخدمة الأسواق في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغرب آسيا. ولكن المناطق الحرة هي أكثر بكثير من مجرد مراكز ملائمة للشركات متعددة الجنسيات، فقد أصبحت سمة أساسية للاقتصاد الخليجي، حيث تساعد في تنويع مصادر الاقتصاد وتحقيق التنمية الاقتصادية. وتتمتع منطقة الخليج بالاستقرار السياسي والاقتصادي، والأمان الشخصي الجيد. وتتضافر هذه المميزات، جنبًا إلى جنب مع انخفاض البيروقراطية والضرائب في المناطق الحرة، وتساعد في استقطاب رواد الأعمال من عدة بلدان مختلفة. وكان الموقع الفريد لدول مجلس التعاون الخليجي يعني أن المنطقة كانت، على مدار الثلاثين عامًا الماضية، جزيرة مستقرة في بحر يعاني من عدم الاستقرار، وهو ما شجع رواد الأعمال على الانتقال إليها لإنشاء شركات بهدف التصدير إلى أوطانهم. وكانت المنطقة جذابة لرواد الأعمال من الثقافات المتشابهة والمختلفة على حد سواء، وقد وفرت نمط حياة جذابا وأجواء ودية، مع قبولها للأفراد المنحدرين من خلفيات مختلفة. وكان من السهل الاندماج في هذه المناطق مع عدم تصنيف الأفراد على أنهم غرباء بسبب ألوانهم أو أعراقهم أو دياناتهم. وفي العام الماضي، أدى الاضطراب الناجم عن النزاع في أوكرانيا، الذي كان له تداعيات في جميع مناطق النفوذ الروسي مثل آسيا الوسطى، وكذلك في أوروبا، إلى تعزيز وضعية المناطق الحرة في الخليج باعتبارها ملاذًا آمنًا لرواد الأعمال. وقد استقطبت المناطق الحرة بعض رواد الأعمال من الهند، التي تتمتع باستقرار اقتصادي وسياسي وشركات تكنولوجية راسخة، بسبب عوامل الجذب سالفة الذكر. وفي قطر، أنشأت الحكومة هيئة المناطق الحرة القطرية في عام 2018 باعتبارها هيئة تنظيمية لجذب المستثمرين. ومُنِحت الأولوية لثلاثة قطاعات هي: قطاع الخدمات اللوجستية، والتصنيع والمواد الكيميائية، والتكنولوجيا الناشئة. وعلى سبيل المثال، أنشأت منصة جوجل السحابية مركزًا لها في المنطقة الحرة بدولة قطر. وتُعد عملية نقل المعرفة جزءًا من العوامل الدافعة لإنشاء المناطق، حيث يتمثل الهدف الإستراتيجي لإنشاء المناطق الحرة في زيادة إجمالي النشاط الاقتصادي داخل الدولة، ويساعد إدخال شركات التكنولوجيا إلى هذه المناطق في ضمان أن تشمل الآثار غير المباشرة لها ممارسة أنشطة ذات قيمة مضافة عالية. الهدف الواضح للمناطق الحرة هو جذب الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات لإنشاء مصانع أو مكاتب إدارية أو لوجستية في المنطقة الحرة. وفي قطر، يمكن عمل المزيد لاجتذاب الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة الحجم. يمكن أن تضيف هذه الشركات بشكل كبير إلى التنمية الاقتصادية والتنويع في الدولة. علاوة على ذلك، نظرا لأن الوافد يمكنه امتلاك 100٪ في المنطقة الحرة، على عكس بقية البلاد، يمكن أن تكون هذه طريقة يتم من خلالها تحفيز المقيمين على الاستثمار أكثر في قطر، بدلا من بلدهم الأصلي. ومع خروج الاقتصاد العالمي من أزمة جائحة كوفيد- 19، تؤدي المناطق الحرة دورًا رئيسيًا في تحقيق التنمية الاقتصادية بمنطقة الخليج، عبر تشجيع عملية التبادل التجاري وتنويع مصادر الاقتصاد، لهذا يجب زيادة التعريف بالمناطق الحرة داخل قطر أيضا.