10 سبتمبر 2025
تسجيل"إنه مجسم ومشبه وحشوي، بل هو تكفيري متشدد، وهو بهذا أقرب الى الكفر منه الى الإيمان"، صعق بوراشد عندما سمع هذا القول من أحد الذين تبدو هيئتهم انه شيخ دعوي ولديه قناة على احدى المنصات الإعلامية على الشبكة العنكبوتية، وتفاجأ بأنه يتناول شيخ آخر بالقدح والذم والتنكيل وإطلاق المصطلحات والتسميات الرنانة التي يجهلها بوراشد، فقرر بوراشد أن يطرح ما سمع على أصدقائه في مجلسهم عندما يجتمعون في المساء. وبالفعل ما أن انتهى بوراشد من اداء صلاة العشاء في المسجد، حتى هرع وخطاه تسابق الريح الى مجلس بومحمد صاحبه المقرب والذي يجتمع عنده ثلة من الاصحاب، وما ان دخل بوراشد المجلس حتى قال بعد التحية والسلام بأسلوب اقرب الى الدعابة " يا بومحمد انت مجسم ولا حشوي؟ "، فرد بومحمد مبتسمًا " لا يا خوي انا برشلوني متعصب"، ضحك من في المجلس ثم قال بومحمد " شعنده سيبويه الليلة، شنهو مجسم وحشوي، اخبر المجسم اللي يربي عضلات "، رد بوراشد " والله ياخوي شدراني، مساعه (اي قبل قليل) اسمع لي مطوع (شيخ دين) قاعد يبربر (أي يتكلم كثيرا) ومستلم له مطوع ثاني ويقول عنه مجسم ومشبه وما ادري شنهو، وما باقي الا يكفره"، تبسم بوجاسم احد الحاضرين من كلام بوراشد فقال " انت وين تطيح على هذولا (هؤلاء)، هذا كله من هل التطبيقات اللي ابتلينا فيه، ما عساك تنزل واحد منهم الا قاموا يرسلون لك فيديوات بعناوين رنانه، وبحكم الفضول تفتح الفيديو ويطلعون لك ناس اشكال والوان منهم الزين وفي مظنة خاطري (مصطلح شعبي معناه في ما أظن) ان اكثرهم شين"، يتجاوب بومحمد مع الموضوع فيقول " والله انك صادق، انا قبل كم يوم شفت فيديو مثل مناضرة بين اثنين، واحد يقول حق الثاني انت اشعري وقدري وذاك يرد عليه الا انت وهابي وجهمي، وانا ضايع لا عرفت هذا شنهي علته ولا ذاك شنهي مشكلته، والمصيبة ان اكثر هل الفيديوات تجيك بطابع ديني وتحس كان فيه حمله لتشويه دينا (ديننا) وهز ثقتنا في المشايخ والدعاة". استمرت التحليلات والمناقشات بين الحاضرين في المجلس لفترة بسيطة حتى دخل عليهم بوعبدالرحمن، وما أن لمح بوراشد بوعبدالرحمن حتى قال " جيت والله جابك، اللحق علينا يا شيخنا قبل لا تفتر روسنا"، تبسم بوعبدالرحمن من كلام بوراشد وقال " السلام عليكم، شسالفه يارب مابه شر"، فقام بوراشد بشرح الموضوع لبوعبدرحمن والذي يعتبره رواد المجلس الرجل الملتزم والمثقف في الأمور الشرعية، وما ان انتهى بوراشد من شرحه حتى قال بوعبدالرحمن " يا جماعة انا احس ان هناك حملة خبيثة على المسلمين، فأعداء هذا الدين الحق لم يستطيعوا ان يجعلوا المسلمين ترك دينهم، فهم يحاولون ومنذ زمن طويل بتشويه هذا الدين من خلال بث الشبهات والخلافات بين العامة حتى يحسون بأن هناك خللا ما، وكذلك زعزعت الثقة بين المسلمين وعلمائهم "، قال بومحمد " طيب يا شيخنا واحنا شلون نعرف ان هذا المطوع زين ولا خراط (أي كاذب)"، رد بوعبدالرحمن " أولا يا جماعة ترى احنا كلنا في العلم الشرعي نسمى عوام، يعني ماعندنا الدراية الكافية بالعلوم الشرعية في علوم تفسير والحديث والعقيدة والفقة وغيرها من هذه العلوم، فلابد ان نحتاج لعلماء افاضل علشان يبينون لنا ما نجهل، ثانيا احنا مطالبين بتثقيف انفسنا في علوم ديننا قد مانقدر، فشلي يمنع (أي ماهو المانع) انه اذا سمعنا معلومة او رأي ما نجهله او نسمعه لأول مره، اننا نتحقق ونبحث او على الأقل نسأل الثقات من الدعاة، والحمدلله دولتنا وفرت من هم ثقة لهذا الأمر"، صمت بوعبدالرحمن قليلا ثم قال " مثلا أنا اتبع قاعدة بسيطة تساعدني اني افرق بين منهو داعية وعالم ثقة وبين اللي هدفه الشهرة والتدليس ونشر الشبهات"، يتجاوب بوراشد بلهفة مع كلام بوعبدالرحمن فيقول له " الحقنا بها ياشيخ شنهي هذه القاعدة؟"، يرد بوعبدالرحمن " القاعدة الله يسلمكم هي اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسيدنا محمد هو قدوتنا في كل الأمور، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له ترب جبينه.»، فإذا شفت من يدور زلات الاخرين ويشتم او يقبح او يكفر ويلعن فهذا لا اسمع منه ولا حتى اخذ منه أي علم حتى وإن كان حافظا لكتاب الله وتتلمذ على ايدي علماء افاضل، لأنه ببساطة لم يقتدِ بهدي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في الخلق والدعوة، وبصراحة اعتبره كما شبه المولى عز وجل بني إسرائيل بأنهم كالحمار يحمل اسفارا ". وختاما أقول: روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للعرب من شر قد اقترب، فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر، أو قال على الشوك. صححه الأرناؤوط.