14 سبتمبر 2025

تسجيل

المستعصم هذا الزمان

30 أبريل 2019

ليس بجديد على أمتنا المآسي والأهوال التي تشيب منها رؤوس الوِلدان، فمن مآسيه وقصصه التي تقطر دماً ما ذكره المؤرخون عندما اجتاح التتار بلاد العرب ودمروا عاصمة الخلافة العباسية، فيوم دخلها هولاكو أمر جنوده بقتل العلماء والتجار والقضاة، وقال لجنوده ابقوا المستعصم حياً حتى يدلنا على مكان كنوزه، ودلّهم المستعصم على مخابئ الذهب والفضة والنفائس وكل المقتنيات الثمينة داخل وخارج قصوره؛ ومنها ما كان يستحيل أن يصل إليه المغول بدونه حتى أنه أرشدهم إلى نهر مطمور من الذهب المتجمد لا يعلم أحد بمكانه، فقال هولاكو للخليفة المستعصم: لو كنت أعطيت هذا المال لجنودك لكانوا حموك مني !! لم يبكِ المستعصم على الكنوز والأموال والقصور لكنه بكى حين أخذ هولاكو يستعرض الجواري الحسان وعددهن 700 زوجة وسرية وألف خادمة، وأخذ الخليفة يتوسل لهولاكو قائلاً: مُنّ علي بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس والقمر، ضحك هولاكو من قوله وأمر جنوده أن يضعوه في شوال ثم يضربه الجنود ركلاً بالأقدام حتى الموت ! يقول المؤرخون إن ما جمعه بنو العباس في خمسة قرون أخذه هولاكو في ليلة واحدة وختم نهاية حكمهم بإذلال خليفة المسلمين وقتله شر قتلة وإنهاء حكم زاهر بالعلم والقوة والخير لم يدم لهم لأنهم أهانوا أنفسهم ونسوا الله فأنساهم أنفسهم فكانت هذه هي خاتمتهم !! ما تمر به أمتنا هذه الأيام أشبه ما يكون بنهايات الدولة العباسية باختلاف ظروفها وانقسام أمتها إلى دويلات يتآمر بعضها على البعض، و ترامب الذي استطاع أن يبتلع ثروات أغنى دولها في بضع ليال وأخذ يبتزها ليل نهار ويحكي علانية بأنه لولا حمايته لهذه الدولة ومليكها لما استمر في الحكم أياماً معدودة ! ومن المؤلم أن من يعرض نفسه للذل أمام الأمم ما زال يُنفق المليارات لدعم الطواغيت العرب أمام شعوبهم ووأد ثوراتهم وآخرها دعمه علانية المجرم خليفة حفتر في حربه ضد حكومة الوفاق الليبية والمعترف بها دولياً والذي ألحق القتل والدمار في العاصمة الليبية طرابلس بدعم جوي من طواغيت أبوظبي وتابعهم السيسي في تحدٍ لإرادة الشعب الليبي والأسرة الدولية باستثناء رأس الشر أمريكا التي تتسابق مع فرنسا لأخذ نصيبهم من "كيكة" النفط الليبي الذي وعدهم به حفتر حالما يقضي على الشرعية في طرابلس ويُحكم قبضته على كل ليبيا. ويبقى الرهان على الشعوب الثائرة ضد أنظمة العسكر الجائرة في ليبيا والجزائر والسودان والتي رفضت وبشدة أي تدخل خارجي يرسم مستقبل دولهم ليقينهم بأنه ما من دولة تتدخل فيها القوى الأجنبية بمساندة طواغيت العرب الآخرين الباقين على عروشهم إلا ويحل فيها الدمار والخراب !! فهل ستكون أموال ترامب وماكرون التي يدعمون بها من يريدونهم أن يكرسوا الطغيان والظلم كما هو الحال في مصر وبالاً عليهم وعلى أنظمتهم ؟ ◄ فاصلة أخيرة: حتماً لن تنسى الشعوب العربية الثائرة ضد طغاتها عمالة وغدر حكام أنظمة أبوظبي والرياض والقاهرة، ولن تهنأ نفوسهم حتى يذوقوا مرارة تآمرهم عليهم وإن كلفهم ذلك تطبيق حكم "على الباغي تدور الدوائر"!! [email protected]