14 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ اليوم الأول من طوفان الأقصى والحرب على غزة والعدوان الصهيوني يصب بحممه على قطاع غزة، والجهود الدبلوماسية القطرية على أشدها لوقف التصعيد والوصول إلى وقف للحرب لحقن دماء أهلنا في غزة وكل الأراضي المحتلة، 47 يوماً من حرب لا تُبقي ولا تذر خلّفت أكثر من 15 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء وأكثر من 36 ألف جريح. وبعد انسداد أفق التوصل إلى حل لهذه الحرب المدمرة التي حوّلها الكيان المحتل إلى حرب مفتوحة تحرق الأخضر واليابس في غزة، اتجهت الأنظار إلى الوسيط الذي يعلم كل الفرقاء بأنه هو القادر فقط على إدارة الملف والوصول إلى مكتسبات مرضية لكل الأطراف، فكانت قطر فقط وليس غيرها هي الخيار الأمثل للجميع، فهي الوسيط الوحيد المقبول من قبل حماس التي تثق بأن الوساطة ستكون في أيد أمينة طالما أن الضمانات تقدمها قطر وتحرص على أن يتم الوفاء ببنودها. جاءت الهدنة ليتنفس الجميع الصعداء وخاصة غزة الجريحة التي عانت ويلات حرب ظالمة تكالبت عليها كل قوى العالم دون أن تتحرك فيهم شعرة من إنسانية ورحمة، ولكن أثرها اجتاح العالم بأسره لتخرج شعوبها غاضبة ورافضة لازدواجية المعايير وتحالف العالم الظالم مع المجرم المتعطش للدماء قاتل الأطفال عديم الرحمة والإنسانية!. ومع فجر الثاني والعشرين من نوفمبر الجاري أعلنت قطر التوصل إلى اتفاقية هدنة إنسانية في غزة بين الكيان المحتل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بدأ سريانها منذ صباح 24 من نفس الشهر وتستمر لأربعة أيام قابلة للتمديد، تم حتى الآن تسليم الأسرى من الطرفين وتسير الأمور على حسب ما هو متفق عليه، حتى يتم إطلاق سراح كافة الـ 50 رهينة من الأطفال والنساء لدى حماس مقابل إفراج سلطات الكيان المحتل عن 150 من النساء والأطفال في سجون الاحتلال. ومما يُحسب لاتفاق الهدنة أنه لم يقتصر الأمر فقط على الإفراج عن الرهائن والأسرى وإنما وقف لإطلاق النار وحركة الطيران لمدة 6 ساعات، وإدخال مئات الشاحنات من المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية لكل مناطق قطاع غزة، وهو ما يعد تطوراً ملحوظاً وإنجازاً تحقق على أرض الواقع بعد أن كان شبه مستحيل مع التعنت الصهيوني ورفضه لكل المناشدات الأممية والدولية لإنقاذ المدنيين في غزة من حملة الإبادة التي يتعرض لها شعب غزة!. هذه الجهود المضنية التي بذلتها قطر بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة الأمريكية لا ريب بأنها مرّت بالعديد من التعقيدات ومحاولة التدخلات التي ترمي إلى فشل هذه الهدنة وعدم التوصل إلى اتفاق يفضي إلى تحقيق مكتسبات لكلا الطرفين، ولعلها هي نفسها الأطراف التي تشجع الكيان المحتل على ممارسة حربه على غزة حتى القضاء على المقاومة الفلسطينية، وبالتالي استمرار حملة الإبادة الممنهجة ضد غزة وشعبها، ولولا الضغط الذي يُمارس على سلطات الاحتلال من ذوي الأسرى الذين تحتجزهم المقاومة لما تحققت هذه الهدنة التي لعبت قطر دوراً رئيسياً في نسج خيوطها والوصول إلى قناعة تامة بأن الهدنة هي الحل الأمثل في طريق الوصول إلى إطار عام متفق عليه للنظر في مدى إمكانية إنهاء هذه الحرب والعودة إلى ما هو عليه الحال قبل 7 أكتوبر. وقد أثبتت الدبلوماسية القطرية أنها دبلوماسية الأفعال لا الأقوال فقط، وبأنه يُعوّل عليها كثيراً في الملفات السياسية الشائكة التي يُصعب خوض غمارها، وبأنها وسيط لا يبتغي من وساطته أي مكاسب سياسية وإنما سعيه للسلام والأمن الإقليمي والدولي هو هاجسه الأول والأخير، لقناعته بأنه لا سبيل لحياة يسودها الوئام والعيش الكريم إلا بضمان تحقيق الأمن والسلام لكل شعوب العالم، وهنا يكمن سر نجاح الدبلوماسية القطرية وقبولها لدى كل الأطراف لأنها تسعى دائماً لتحقيق السلام العادل المنصف للجميع. فاصلة أخيرة المرجفون والمخذّلون ممن يُحسبون على أبناء الأمة هم أكثر فئة تتألم لإتمام هذه الهدنة، انظر واستمع إلى لحن قولهم ستجده محرضاً ومدلساً على المقاومة الفلسطينية، يتحسر عندما يُثخن بالعدو ويتشمت عند استشهاد أفراد من المقاومة، هم صهاينة الأمة فاحذرهم.