30 أكتوبر 2025
تسجيليواجه الاقتصاد العربي جملة من التحديات تسببت في تراجع برامجه التنموية، التي تستهدف قطاعات الزراعة والرعي والصيد والسياحة والصناعة، بسبب الأحداث السياسية في مناطق الصراعات، وانخفاض أسعار الطاقة، وأزمات وديون متلاحقة تعصف بأسواق المال. في وقت مضى كانت العولمة والانفتاح العالمي سببين في تأخر بعض المشاريع عن اللحاق بركب النمو، واليوم عملت الاضطرابات على اتساع الهوة بين برامج النمو وأرض الواقع من حيث الإنتاجية الاقتصادية الفاعلة. مع ازدياد حجم المشكلات الاقتصادية والمالية عالميًا انعكست بكل تأكيد على برامج النهوض بالاقتصاد العربي، وأصبح من الضروري رسم إستراتيجيات متناغمة مع الوضع الراهن، واستشراف رؤى مستقبلية تستند على الكوادر المؤهلة والمبادرات والأفكار الريادية. ورغم الثروات الطبيعية التي حباها الله للوطن العربي أهمها الطاقة، إلا أنها لم تتمكن من رسم إستراتيجيات واضحة المعالم في كل القطاعات، ولا يزال الكثير منها يفتقر للتكنولوجيا والتطور العلمي والتحديث المستمر، وأيضًا نقص الأيدي العاملة والكوادر المؤهلة وبرامج التطوير. المتابع للاقتصاد العربي غير قادر على مواكبة الاقتصاد العالمي في تطوره السريع، بل والكثير من البرامج العربية لم تدخل عالم الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على التقنية بشكل أساسي. فما هي المعوقات؟ لعل أبرزها ضبابية الإستراتيجيات التي لا تجد طريقها إلى التطبيق، وعدم وجود كوادر فنية مدربة رغم أعداد الشباب ومخرجات الجامعات التي تلبي ذلك، وكذلك ضعف الإنفاق والتمويل على برامج الارتقاء بالمؤسسات الاقتصادية الشابة أو الصغيرة والمتوسطة إلا ما ندر. ومع انخفاض أسعار الطاقة وتراجع العملات وأسواق المال صارت تبحث الدول عن مصادر آمنة للاستثمار وفتح فرص جديدة وبناء مشاريع جديدة تستقطب رؤوس الأموال، وهذا يتطلب المزيد من الوقت وجهودًا إضافية لرسم واقع يمكنه إعداد برامج اقتصادية قابلة للتفاعل مع الواقع. أولى الخطوات في رأيي: تحفيز الشباب على ابتكار أعمال تلبي الطلب في السوق المحلي، وتحفيز الشركات الكبيرة على تبني برامج شبابية في قطاعات محفزة للنمو، والتركيز على خطط التحديث والتسويق والتوزيع والجودة، وضرورة تغيير مسارات التعليم الجامعي إلى التركيز على التخصصات الدقيقة والفنية والتجارية التي يحتاجها سوق العمل، وإثراء برامج الابتعاث للشباب ليستفيد من الخبرات والميادين العملية. بالإضافة إلى تشجيع التجارة البينية للدول العربية، وكذلك الاستثمارات البينية التي تعطي فرصًا أرحب للشركات الناشئة والصغيرة، وإعداد نظام مالي عربي لحمايته من تأثيرات الأسواق العالمية في الخسارة والهبوط. وأركز هنا على العقول العربية التي تحتاج إلى مراكز بحثية، ورعاية مجتمعية تتعهد تلك الابتكارات بالتشجيع والنمو، وإعادة رسم توجهات التخصصات الجامعية التي لا يلبي الكثير منها سوق العمل، وإعداد جيل مدرب ومتخصص بعلوم اقتصادية قادر على اقتناص الفرص.